إنجي الطوخي
يبدو السؤال محيرا بحق؟ فالفيلم الذى فاز بـ7 جوائز فى “الجولدن جلوب”لأول مرة فى تاريخ المسابقة، وحظى بالترشيح لأكبر عدد من جوائز الأوسكار هذا العام وصلت إلى 14 ترشيح، -وهى نسبة لم يحظى بها أى فيلم آخر-، رآته نسبة من متابعى السينما الأمريكية فى مصر بأنه لا يستحق تلك الضجة الكبيرة حوله.
فعلى صفحات التواصل الاجتماعى، بشكل شبه يومى، كانت هناك التعليقات التى ينتقد فيها أصحابها الفيلم، فقصته أما عادية أو لا جديد فيها، بل أن البعض اتهم المعجبين بالفيلم بالمبالغة فى تقديرهم لقصة الفيلم وخداعهم حوله.
أكثر تعليق كان مدهشا حول الفيلم، فكان لأحد الفتيات-تعمل فى مجال الإعلام- التى اعتبرته لا يختلف كثيرا عن فيلم” غرام فى الكرنك”، وأنه كان ينقصه فقط”أغنية اركب الحنطور واتحنطر لأمينة”، وجزء من تعليقها كان: “لا فى قصة ولا في حدوتة، والفيلم فاضى من جوا، وفلوس راحت على الفاضى”.
لا يبدو عدم إعجاب الكثيرين بالفيلم من فراغ، بتحليل الأمر، تظهر بعض الأسباب المنطقية التى تجعل جمهور المعجبين بالفيلم استثناء وليس الأصل، فالفيلم الذى تقوم حبكته الأساسية على سعى البطلين لتحقيق أحلامهما، وشغفهما ورفضهما للواقع الذى يحول دون ذلك، هو أمر يبدو مضحكا فى ظل الظروف السياسية والاقتصادية التى يعيش فيها المواطن العادى فى مصر التى تدفعه قسرا إلى التخفيف من سقف أحلامه ليلائم ما يواجهه.
أما السبب الثانى فهو الرومانسية والمثالية التى تظهر فى الفيلم بين البطلين، فلقد تغيرت فى الفترة الأخيرة التركيبة النفسية لكثير من المصريين – سواء كانوا رجال أو نساء- التى أصبحت ترى فى الحب والرومانسية شيئا ترفيهيا يأتى بعد توفير الاحتياجات الأساسية، كما أن الغلاء الفاحش الذى أصاب كل شئ فى مصر، جعل الحب والزواج شيئا حسابيا معقدا يعتمد على الورقة والقلم بعيد عن المشاعر لدرجة إعلان الكثير من الشباب بسخرية إحجامه عن الزواج.
لا تتوقف الأسباب التى تجعل فيلم “اللالاند” غير جذاب بالنسبة للكثيرين، فالمزاج الفنى الذى كان سائدا فى أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات والذى كان جعل فيلم عبد الحليم حافظ الغنائى” أبى فوق الشجرة” يستمر فى دور العرض السينمائى لـ58 أسبوع- ما يقرب من عام- غير موجود، وهو مزاج يقدر الأفلام الغنائية ويعطيها قيمتها التى تستحقها ويعلم المجهود الضخم المبذول فيها.
أما الآن فالمزاج الفنى للمصريين وبعد كم الأحداث السياسية التى رآها فقد اصبح أما ميالا إلى الأفلام الكوميديا، أو الدرامية العميقة والأكشن حتى أن المنتجين أدركوا ذلك فلم تعد تظهر بين أفيشات أفلام السينما تلك النوعية الرومانسية!
بعيدا عن ذلك كله، فيلم”اللالاند” يستحق المشاهدة، فالقضية التى يناقشها حول أهمية تتبع المرء لشغفه فى الحياة، والبهجة التى يخلقها من خلال الألوان والأغانى قادرة على صنع عالم سحرى ينسى معه المرء الواقع بتفاصيله حتى لو لم تتجاوز مدة هذا العالم عن ساعتين وثمان دقائق فقط!