أن تكون أمك وزوجتك وحماتك من نساء برج الثور (21 أبريل إلى 20 مايو)، فأنت رجل محظوظ (زي حالاتي)، لأن المرأة «الطور» – لا مؤاخذة – تتمتع بصفات جميلة يصعب حصرها أو عدّها، ومنها، على سبيل المثال، بحسب موقع إلكتروني مهتم بالدجل والأبراج: «تتميز عن غيرها بالكفاءة، بسبب قدراتها العجيبة والقوية، فلا يصعب عليها شيء، ذكية وفطنة ولا تهتم بالحصول على الشهادات العالية بقدر ما تهمها المعرفة وكثرة الاطلاع، وهي مثال للمرأة العملية، تحب كل مَن يذكرها بالطبيعة»..!!
ولأن الكمال لله وحده، فهناك بعض العيوب (النادرة) في المرأة الثور؛ فهي أكثر الشخصيات العنيدة المتصلبة الرأي التي يمكن أن تقابلها في الحياة، تميل إلى أن تكون مسيطِرَة. كما أنها تخشى المخاطرة، وتحب دومًا البقاءَ في دائرة الأمان، لهذا ظَلَّتْ أمي طوال أكثر من 45 عامًا تطبخ لنا «البسلة أم جزر» بشكل دوري، بدعوى أن أبويا بيحبها وبيموت فيها، ورفضًا لأي مخاطرة كانت تطبخها مرتين أسبوعيًّا، ولأن أبويا (متَّعَه الله بالصحة) بيموت في طبيخها البايت (هكذا تظنّ)، فقد كنا نُجبَر على أكل «البسلة» ونحن صغار أربعة أيام في الأسبوع.
أما زوجتي الحبيبة الغالية، فترى أن وجبة «المكرونة بالفرن» أو «أم فرن» كما كنتُ أنطقها في طفولتي، التي تقوم بتجميعها (بحكم أنها مهندسة)، وتدفع داخلها بكميات رهيبة من اللحم المفروم والسمن البلدي والباشميل، لتحويلها (كما تعتقد) إلى وجبة مثالية لتغذية أبنائنا الثلاثة، وتقسم بأغلظ الأيمان أن (العفاريت التلاتة) بيذوبوا عشقًا في الفرن مع المكرونة، رغم أنهم من الكارهين لأكلها وطبيخها ومكرونتها، لكنها لا تملّ من أن تردد أن ابننا الأكبر مصطفى يعشق «أم فرن»، مثلما ردَّدَتْ أمي سنوات وسنوات.. أن مصطفى (أبي)، يتيه عشقًا بـ«أم جزر».
ولأنني منذ الصغر غاوي أبراج، فقد عرفت عن أمي أكثر مما تعرفه هي عن نفسها، ولأنه (ما يقع إلا الشاطر).. لم أتنبه إلى أن زوجتي ثم حماتي من سكان البرج (العالي) ذاته، إلا بعد أن (صادوني)، على طريقة «عدوية» – رائعة المطرب الشعبي الكبير محمد رشدي – ومن معلوماتي المتواضعة عن امرأة الثور أنها تتمادى قليلًا في تدليل نفسها، كما أنها تحب اللي (يدلعها). ورغم أنها عادة تبدو هادئة وصبورة، فإنها داخليًا مضغوطة بشكل دائم، وتسهل استثارتها لأتفه سبب، لهذا ينصحك الفلكيون بالابتعاد عنها قدر المستطاع حتى لا تنفجر غضبًا في وجهك.
ويبدو أن أبي كان يدرك هذه الحقيقة بفطرته، وكذلك «حمايا» (رحمه الله) الذي كان يهيم عشقًا بالحاجّة (حماتي)، وكان يتحاشى الاقتراب من البركان، ولأنني (سلفي وقت اللزوم)، فلقد اقتضيتُ بالسلف الصالح (أبي وحماي) ومقضيها مع (أم فرن).. راضيًا وقانعًا وصامتًا، فَشَر أبو الهول في زمانه.
ولأني زوج (لذوذ) ومحظوظ، فلقد فاجأتني زوجتي يوم (الفالنتين) اللعين، عند إعداد المائدة لنتناول الغداء، ووضعت أمامي الطبق الرئيسي والوحيد لهذا اليوم السعيد، وقبل أن أفتح فمي بأية كلمة، حشرت ملعقة مكتظة بالأرز والبسلة والجزر في فمي، وهي تبتسم بمكر ودهاء، وتخبرني بأن هذا الطبق الشهي من إعداد الست (حماتي)، فلهطت الطبق كاملاً.. وهرولت لأتصل بأمي وأنا أستغيث: «ماما.. تعالي خديني يا ماما».