مينا عادل جيد يكتب: الحمير الثلاثة

في البداية لا تتوقف عن المحاولة أبدا … لأنه يبدأ الفشل عندما تقرر أنت التوقف عن المحاولة ثم ضع كل محاولة فاشلة تحت أقدامك لترفعك للأعلى

مشوار الألف ميل يبدأ برفصة

بدأت قصة نجاحي أنا وأثنين من أصدقائي في ليلة شتوية باردة كنا نقف ننتظر تاكسي ينقلنا إلى البيت وكل منا يفكر في مستقبله – كيف سيجد فرصة عمل تتناغم مع مواهبه ومؤهله الدراسي وموقفه الحماسي – كما كنا نفكر أيضا مين فينا إللي هيحاسب التاكسي ومين إللي هيقعد ورا ويعمل نايم وأشياء من هذا القبيل وأبنه محمود .

ثم جاء من خلفنا شاب وطلب منا (زقة) للعربية علشان بطريته نائمة (وأنا ماخبيش عليكم بكره الخدمه عمىَ) فنظرت لأصدقائي في ضيق شديد وكان على لساني أقول له لأ مش هزقك ولكن أصدقائي الأثنين رحبوا جدا وراحوا يزقوه وأنا للأسف اضطريت لمساعدتهم فالزق زي الحمير.

وبعد أن دارت السيارة عرض علينا الشاب توصيلنا ولكن نحن تظاهرنا بالرفض الشديد في البداية ولكننا رضخنا لعرضه وركبنا معه فرحين لتوفير الأجرة

وأنا في الطريق جائتني فكرة نيره وهي .. نحن الأن قدمنا للشاب خدمة الزق أخذنا مقابلها توصيلة مجانية فلماذا لا تكون هذه مهنتنا دائما؟ وليه سايبين المجال ده للحمير فقط ؟ لماذا لا نصبح حمير؟

في البداية يتجاهلونك ثم يسخرون منك ثم تنتصر وتبقى حمار

عرضت فكرة مشروعي على أصدقائي الأثنين فأعترض أحدهم وقال لي يعني إحنا حمير علشان نزق عربيات فقولت له وعلى وجهي إبتسامة حكيمة ” ياصديقي الحمير بتزق من قدام لكن إحنا هنزق من وراء” فأقتنع صديقي وشريكي وأدمعت عينه برقة وحضني ثم إلتحمت أذنانا معا في منظر مهيب.

الحياة إما أن تكون مغامرة جرئية أو لا شيء أو حمار

وبالفعل بدأنا بالانتشار في سوق العمل وكنا بنلف في الشوارع حتى نجد حد عطلان فنزقه بمقابل مادي أو سلع تمونية نحتاجها فمثلا كنا نزق أسرع لو الزبون هيدينا سكر وهكذا…

عندما تريد شيئاً بحق فالعالم كله يتآمر لتحققه يا حمار

ثم بفضل الله  حدث ما لم نكن نتوقعه وزادت أسعار البنزين في مصر فأتتني فكرة وهي بدل ما بنستنى عربية عطلانة تجيلنا كل كام يوم، وبدل ما تضع بنزين في عربيتك وتكلف نفسك، هجي لك أنا وأصحابي نزوقك للمكان إللي أنت عاوزه والمقابل سلع تموينية نادرة مثل السكر والزيت…

يا حمار التعليم الحكومي سيجلب لك وظيفة، التعليم الذاتي سيجلب لك الثروة

وزاد الشغل لدرجة لم أكن أتوقعها والأن بنروح مشاوير للمطار مثلا زق، وبنطلع مصايف ونزوق أتوبيسات مدارس كل ده منغير بنزين وبطاقة نظيفة شريفة وظريفة.

من السهل الوصول للقمة ولكن من الصعب المحافظة عليها بالذات وأنت حمار

والأن أفكر في تطوير مشروعنا وشراء بعض المعدات وقمت قبل ذلك فعلا بشراء جلدتين وضعتهم بجانب عينايا حتى لا أنظر يميني وشمالي وأنا بزق زي أي حمار مركز في طريقه، ثم قمت بشراء جرس لصديقي الأخر وضعه في رقبته يدق إيقاعه ويزداد كلما زاد من سرعة جرية كنوع من التشجيع وحتى علشان مايقولش إشمعنىَ لما يشوف حمار أخر ماشي جمبه مركب جرس، وصديقي الثاني علقت له في رقبته صندل أطفال فردة واحده تمنعه من الحسد لأنه مليان عننا شوية.

إن عينيك ليست سوى انعكاسا لأفكارك

وبأذن الله في الفترة القادمه هانركب حدوة لكل واحد فينا حتى تحمينا من سخونة الأرض في الصيف وكمان بتعمل صوت حلو قوي على السيراميك وأنت ماشي في البيت

حب ما تعمل يا حمار حتى تعمل ما تحب

رسالتي للشباب لأ متيأسش متقولش مفيش شغل أنا كنت زيك لحد ما بقيت زي الحمار بشتغل ووفرت لنفسي دخل ولبلدي طاقة، أنزل أشتغل حمار زي ، أو كلب مثلا على فيلا وأحرسها، ولو طويل ليه ما تشتغلش سِلم خشب ، ولو جسمك رياضي ليه ماتشتغلش ماتور ماية تاخد ماية ببوقك وتطلع تبوخها في الشقق العالية وتوفر لبلدك كهربا ولنفسك دخل !؟

إبدأ صغيرا فكر كبيرا ودنك دي !؟

وفي النهاية أنا كحمار مش شبعان نجاح لأ بحلم أوصل العالمية من خلال اكتشاف شغال عليه الفترة دي وهي كيفية الاستفادة من وداني إللي عماله تكبر في المهنة دي لدرجة إني بربطهم في بعض “فيونكة” ..وبالفعل وصلت لنظرية علمية وهي  إني لو حركت وداني بسرعة شديدة ممكن أطير وأنقل سياح لبلدي وأنعش قتصادها وأرفع أسمها في السماء بوداني.