بعدما أرانى ما فعلته بنفسي هالنى ما رأيت، اتفقنا على أن يُصلح ما أفسدته أنا بلا قصد، كان القرار شاق على نفسى لكنه طمأنني ان الأمور سوف تسير بسهولة ففعلت، ذهبت اليه أرتعش ولا أعلم أكان البرد قاسياً أم أن خوفي قد حضر، جلس يحضر معداته الكثيرة ثم بدأ ينخر هذا الشيء الصلب في ضروسي ليزيل السوس المُسبب للألم، مرة بعد مرة والطبيب يبدل أدواته كلما استعصى عليه أمرا ليزيل ما تبقى من سوس، جلست لأتحدث بنصف لسان عن الراحة المُتوقعة، فما كان منه الا أن جلس هادئاً فى ثقة غير مُبالى بما يقول “توقعي الألم في الفترة اللي جاية”، وبالفعل لم أهنأ ليلتها على دقيقة راحة واحدة رغم المُسكنات وجلست أفكر..
يوم واحد فقط وتبدأ مبادرتى لمقاطعة “السوس” أو “التجار” ان صح التشبيه، وتخيلت أن ما مررت به من خطوات بداية من “الطناش” واللامبالة فى معالجة ضروسى، نهاية بقرار يتبعه ألم، ثم علاج وراحة ما هو الا نفس السيناريو الذى فعلناه جميعا بالسوق المصرى قبل ومنذ بدء تعويم الجنيه، ورفع التجار أسعار السلع المفاجئ بلا حرج ولا ضمير ولا رادع من مخزونهم القديم، وقد كتبت أنتقد قبل ذلك فى مقالات مسئولين بالحكومة فى موضوعات مختلفة وأنا أعلم علم اليقين أن شيئاً لن يتغير، لكن من هم مسئولي وموظفي الحكومة؟ انهم جيرانك وأقربائى ، انهم نحن.. الشعب، المشكلة كلها كامنة في الشعب، وهذا السوس ما هو الا المواطن الفاسد سواء كان من الحكومة او من التجار او من غيرهم، وما علينا الا إخراجه من جسدنا كى ننعم بالراحة بعد ألم قصير، يقول السوس أن الشعب المصرى “ليس له كتالوج”وأن زيادة الأسعار لا تُأثر بالسلب على حجم المبيعات أو على حجم استهلاك المواطن! بل على العكس تماما، فحتى أغلى السلع عندما زادت أضعاف زاد الطلب عليها، فكيف لا أرتضى مكسب أكثر؟ والكلام هنا للتُجار.
ومعهم كل الحق، فمن منا يرفض مكسب أكبر من مكسبه الحالى؟ فما نشكى ونصرخ منه يومياً من غلاء أنا وأنت لم نتوقف يوماً عن شرائه، نحن أحد أهم الأسباب، نتعجب من ارتفاع الأسعار، نبدأ بالاحتجاج وربما السباب ثم اخيراً الشراء، لا أحد يتراجع، لا أحد يعترض بالفعل، كلنا نعترض بالقول، كلنا نتعلل “يعنى مناكلش؟”
نعم “مناكلش” سلع بعينها لفترة لن تدوم طوبلاً لكى يأكلها لاحقاً من لا يمتلك سعرها الآن، وعليك أن نفكر جيدا اذا ما كنا نملك سعرها الآن فبكل ثقة أقول لن نستطيع شراءها فى المستقبل القريب.
ولكل المُنادون الدولة بالتحرك أقول: نعم يتكاسل موظفي الدولة، نعم يرتشى البعض، نعم أحياناً أقول لا أمل لكنى أستفيق وأريدكم معى الآن، نحن قرابة المائة مليون ولن تُحدث الرقابة على الأسواق فرقاً ان وُجدت من الأساس، الحل الوحيد المُتاح الآن هو قرارنا بإزالة السوس، الحل الوحيد هو إقدامنا على مُواجهة أنفسنا ورؤية الحقيقة التي طالما هربنا منها متعللين بعدم وجود وقت لدينا، زاد الألم، ولم نعد نحتمل ولابد من جراحة عاجلة ليزول كل هذا، أم نكتفى بالسباب اليومى على مواقع التواصل الاجتماعى ويزداد الفقير فقرا وينضم “الغلابة” المتبقون من الطبقى الوسطى اليهم فى القائمة.
هذا المقال يدعوك لمقاطعة أي تاجر تتعامل معه ترى رفع أسعاره غير منطقياُ فى كل مناطق مصر، يدعوك أن تكون ايجابى لنفسك ولعائلتك ولبلدك، نحن الأكثر عدداُ والحق معنا وتأثيرنا كبير جدا على السوق المصرى فقط اذا ما اتحدنا وأخذنا قرار تغيير ما نحن عليه، هناك الكثير من المقاطاعات بدأت بالفعل، نستطيع سويا أن نُحدث فرقا، فهل أنتم مقاطعون؟
فلنتحد ونتوقع الألم في الفترة اللى جاية ونُصلح الأمور بدلا من خلع ضروسنا جميعاً.