كان كيفين كارتر مصورا صحفيا مدهشًا، حتى إنه حصل على جائزة بوليتزر -الجائزة الأهم التي تمنحها الولايات المتحدة للصحفيين والمصورين والأدباء- وهو في الثالثة والثلاثين من عمره.
ولد كارتر في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا عام 1960 وبدأ حياته الصحفية كمصور رياضي عام 1983، وفي مارس 1993 قام برحلة إلى السودان مع زميله جواو سيلفا كانت سببا في تغيير حياته.
حين كان كارتر بقرية “أيود” في السودان سمع صوتا ضعيفا لأنين طفلة صغيرة كانت في طريقها لمركز توزيع الطعام. كانت الطفلة تزحف قبل أن تتوقف في الطريق بعض الوقت لتستريح وإذا بنسر يحط بالقرب منها.
قال كارتر إنه انتظر نحو 20 دقيقة من أجل أن يلتقط أفضل صورة ممكنة وبعد أن التقط الصورة قام بطرد النسر بعيداً، وشاهد الطفلة تستكمل زحفها نحو المركز. وأكد كارتر بعدها أنه التقط الصورة، لأن عمله هو “التقاط الصور” فقط ومن ثم المغادرة، لأنه تم إخبار كل الصحفيين مسبقاً بعدم لمس الأطفال خوفا من الأمراض المعدية.
صورة كارتر تم بيعها لصحيفة نيويورك تايمز ثم نشرت في عدد كبير من الصحف الأخرى حول العالم. وأثارت جدلاً كبيراً حيث تساءل الآلاف من القراء حول مصير الطفلة الصغيرة وما إذا كان قد التهمها النسر، أو إنها وصلت إلى مركز توزيع الطعام. وتساءل الكثيرون عن مدى أخلاقية الصورة التي نشرها كارتر وما إذا كان من الأفضل عدم نشرها، برغم أنها كشفت للعالم كله طبيعة المجاعة التي ان يعاني منها السودان آنذاك.
الصورة تم نشرها للمرة الأولى في 26 مارس 1993 وبعدها بحوالي عام قامت نانسي بورسكي محررة الصور الأجنبية في نيويورك تايمز بالاتصال بكارتر لتخبره بحصوله على أرفع جائزة في التصوير الصحفي وهي جائزة بوليتزر في 12 إبريل 1994. وبعد استلامه الجائزة بثلاثة أشهر فقط قام كيفين كارتر بالانتحار.
الضغط النفسي الذي تعرض له كارتر، هو أمر يصيب الكثير من الصحفيين حتى إن معظم المراسلين يصابون بما يعرف بـ”اضطراب ما بعد الصدمة” وهي أعراض يصاب بها الصحفي في الأسابيع والأشهر التي تلي تعرضه لحدث صادم حيث تنتابه مشاعر خوف وذكريات مزعجة، وأحاسيس جسدية مؤلمة، واضطرابات بالنوم وغيرها.
والضغوط النفسية لم تعد تقتصر على الصحفيين الميدانيين، لأنه في أحيان كثيرة تتطلب طبيعة العمل الصحفي الاطلاع على فيديوهات مؤلمة ومزعجة مثل الفيديوهات التي يبثها تنظيم داعش من ذبح وحرق بهدف استعراض قوته وبث الرعب في النفوس، وهنا يصبح مطلوبا من الصحفي أن يشاهد هذه الفيديوهات حتى يقوم بالتعليق عليها وتحليلها.
وبعيداً عن الجدل الدائر حول ما إذا كان يجب على وسائل الإعلام عدم عرض هذه الفيديوهات لما تحتويه من مشاهد عنف، وما إذا كان من الضروري عرض هذه المقاطع لأنها تفضح وحشية هذا التنظيم وتدفع المجتمع الدولي للتحرك، فإن طبيعة العمل الصحفي هنا تحتم الاطلاع على هذه المقاطع بما يعنيه ذلك من ضغط نفسي قد يؤثر على الصحفي وقدرته على أداء عمله.
في رسالة الانتحار التي تركها كيفين كارتر بعد حصوله على البوليتزر، أكد أن ألم الحياة يفوق متعتها بكثير لدرجة أن المتعة أصبحت غير موجودة. واختتم رسالته قائلا “تطاردني ذكريات حية من عمليات القتل والجثث والغضب والألم”.
صحيح إن مهنة الصحافة ممتعة إلا أنه في كثير من الأحيان يصاحب المتعة الألم، لكن الخوف الحقيقي هنا على الصحفي أن تختفي المتعة.. ويبقى الألم.
أطفال مصريون يقلدون فيديوهات داعش
مصري يحقق أمنية مدحت صالح: هاعيش على كوكب تاني