نقلًا عن “الشرق الأوسط”
«عالم خالٍ من فيروس سي»هذا هو الشعار الذي جاء من أجله لاعب الكرة الأشهر ميسي، في زيارة استغرقت ساعات معدودة لأرض «المحروسة»، الخبر السيئ أن مصر من أكبر دول العالم في انتشار الفيروس، ولو قلت أكبر فأنت لم يجانبك الصواب، ولكن تمهل قليلاً، وأكمل الجملة وخذ الوجه الآخر للخبر، وهو أن مصر أكبر دولة عالمياً في تحقيق معدل إيقاع كثافة سرعة التعافي من المرض، تعددت الأدوية القادرة على تحقيق الشفاء التام، كما أن الدولة قررت أن تمد مظلة العلاج المجاني أو المدعوم ليشمل كل المصابين، وفي غضون سنوات قليلة، ستعلن وزارة الصحة عن اختفاء المرض تماماً، الذي كان يهدد أكباد المصريين، حيث تتعدد مع الأسف فرص العدوى السريعة عن طريق أدوات أطباء الأسنان وأيضاً الحلاقين لأنه ينتقل عن طريق الدم.
كان ميسي هو العنوان المضيء لتلك الزيارة والتي حرص فيها على مشاهدة الأهرام، وكان عالم الآثار العالمي الكبير دكتور زاهي حواس ورغم إصابته العارضة في قدمه، فإنه حرص على أن يكون في استقباله ليشرح له بأسلوبه الشيق الكثير من أسرار الفراعنة، وفي المساء أقيم حفل غنائي، وفجأة وجدت الإعلام يسأل لماذا قدمنا أغنية فيروز «الحلوة دي قامت تعجن في الفجرية»، وهي أغنية مصرية قُح، كتبها بديع خيري ولحنها سيد درويش في مطلع العشرينات من القرن الماضي، والرحبانية أعادوا توزيعها موسيقياً، بعد أكثر من أربعين عاماً، لتحقق بصوت فيروز الذي وصفه عبد الوهاب بالملائكي، كل هذا النجاح، وعندما قدمت الفرقة الموسيقية في الحفل أغنية «نسّم علينا الهوا»، وهي خالصة هذه المرة لفيروز والأخوين رحباني… تساءل البعض وأين أم كلثوم؟.
وكأن هناك معركة بين فيروز وأم كلثوم، لقد كان السؤال الذي يتردد قبل نصف قرن هل أنت «كلثومي» أم «فيروزي»؟.
رغم أن في النهاية الفائز هو فن الغناء العربي، ميسي لن تعنيه كثيراً، هل هذه أغنية مصرية أم لبنانية أم خليجية، سيرى فقط أنها أغنية عربية، وبالتأكيد فإن الرحبانية في المعالجة الموسيقية يمهدون الطريق لكي يتعرف الجميع على النبض الموسيقي العربي، حيث إن التوزيع يتيح للأذن الغربية أن تتذوق موسيقانا الشرقية، نعم هناك أغنيات لعبد الوهاب وشادية وعبد الحليم وغيرهم، كان من الممكن تقديمها في تلك الاحتفالية، إلا أن أغنية لفيروز تحت سفح الهرم، الذي بالمناسبة شهد آخر حفل قدمته في مصر قبل ربع قرن، أراه صائباً أيضاً.
لقد منحت الدولة لوديع الصافي وقبله المايسترو سليم سحاب الجنسية المصرية، فهل كان ذلك ضرورياً لكي يحبهم المصريون؟ وديع غنى «عظيمة يا مصر يا أرض النعم» وسليم سحاب يلعب دوراً عظيماً في انتشار التراث المصري الغنائي القديم، ودفع بعشرات من الأصوات الشابة، وآخر إنجازاته هو أنه يلتقط الأطفال المشردين في الشوارع ويقدمهم في فرقته الغنائية.
لا أتصور أن سليم أو وديع كانا في حاجة للجنسية، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على فيروز والرحبانية، التي غنت «مصر عادت شمسك الذهب»، ملحوظة المصريون من فرط عشقهم لفيروز يطالبون الآن بالجنسية لزياد رحباني، بينما ستجد زياد من فرط عشقه للموسيقى المصرية، يضع صورة الملحن المصري الكبير الشيخ زكريا أحمد في منزله.
مصر ستصبح قريباً الدولة الأولى عالمياً في سرعة التعافي من فيروس «سي»، هذا هو أجمل خبر عايشناه في زيارة ميسي لأرض المحروسة، والباقي مجرد خزعبلات سننساها مع الأيام، ونتذكر دائماً «نسّم علينا الهوا».