حالة من الجدل شهدتها السوشيال ميديا حول مسلسل “الأب الروحي”، انقسمت الآراء فيها ما بين معجب ومستاء وناقد ومنبهر.
بنظرة متواضعة على أحداث المسلسل، نجد أنه بعيد كل البعد عن النسخة الأصلية، فلا تشابه بين العملين سوى في الدقائق الأولى، حيث بدأ الفيلم بحفلة عرس أقامها “فيتو كورليوني”، الأب الروحي لابنته، كذلك محمود حميدة “الأب الروحي” المصري، عندما أقام حفلة تجمع أفراد عائلته، أما باقي الأحداث فلا تمت بصلة للفيلم ولا أدري لماذا تم اتخاذ اسم “الأب الروحي” على المسلسل والإعلان عن أنه مقتبس من العمل الأصلي، اللهم إلا إذا كان المقصود من ذلك عامل الجذب والترويج للعمل.
تدور أحداث المسلسل حول “زين العطار” الذي يعمل في تجارة السلاح والتي صنعت منه أباً روحياً لعائلة كبيرة لها علاقة خاصة ببعض رجال الدولة والشرطة، وهذه هي التيمة الرئيسية التي اعتمد عليها المؤلف في العمل وربما الوحيدة التي تم اقتباسها، أما بعد ذلك يعتبر العمل مصريًا مائة بالمائة، حتى أن المسلسل لو كان باسم آخر وليكن “عائلة العطار” أو “حروب العطارين” لن ينتبه أحد أو يلتفت إلى أن العمل مقتبس من الفيلم.
الجميل في الفيلم أنه ركز على المشاعر والإنسانيات والحالة العائلية للأسرة وليس مشاهد الأكشن المفتعلة وهذا ما لم نراه في المسلسل.
المسلسل بدأ بداية قوية ومثيرة ومحترفة من المخرج “بيتر ميمي” مما جعل المُشاهد يتنبأ بجودته، وتواجدت حالة من الإشادة به من الكثيرين، إلا أن الأمر لم يدم طويلا وخاصة بعد موت زين العطار الفنان”محمود حميدة” والذي كان يعطي العمل ثقل كبير ونكهة خاصة وهو الوحيد الذي فهم الفيلم صح، حيث تعامل مع الدور بكل هدوء وتلقائية بعيداً عن دور أعضاء المافيا وآل كابوني الذي تقمصه بقية الممثلين، ولكن لأن المشاهد المصري يعشق قصص الصراعات، والمافيا وما يتخللهما من علاقات حب وكره وزواج، ظل متابعاً للعمل، ولنا في مسلسل “الأسطورة” خير مثال.
فقد نجح العمل جماهيرياً لكنه لم يعجب المتخصصين، وأعتقد أن ذلك لم يعد مهمًا الآن، بالنسبة لصناع أي عمل، فالأهم لديهم أولاً عامل المشاهدة.
جميل وشيء جيد أن يتم الاستعانة بوجوه جديدة في أي عمل درامي، لكن الوجوه الجديدة التي تجيد التمثيل وليست التي يتم اختيارها وفقاً للشكل أو المجاملات، وكان من الأفضل أن تذهب هذه الفرص إلى شباب موهوب بالفعل، والحجة هنا أن هؤلاء لم يتعودوا على الكاميرا بعد، فهناك محمد عز “يحيى العطار” وجه جديد محترف، أجاد تأدية دوره وبكل إتقان كأنه فنان محترف، كذلك دياب “عبد الله العطار” الذي كنت شخصيًا أنتظر ظهور مشاهده ولا أدري لما لم يتم اكتشافه من قبل والاستعانة به في أعمال سابقة، رغم تواجده علي الساحة الفنية، كذلك “محمد علي رزق” بسلاسته وبساطته.
أما الشحات مبروك، فسامحك الله على هذا الأداء المزعج وهذه اللكنة المستفزة التي لا تمت للصعيد بأي صله، ولأحمد فلوكس، التعبير عن الغضب والحزن والألم لا يحتاج لكل هذه الانفعالات، ولا كل هذه الإشارات، تحتاج إلى نظرة بسيطة على أداء “آل باتشينو” لترى الفرق الكبير.
العظيمة “سوسن بدر”، لم يضف الدور لها ولم تضف هي للدور شيئا.
في المجمل العمل عمل جاذب للمشاهد والأحداث مكتوبة بشكل جيد وإن تسرب إلينا في بعض الأحيان أن هناك شيء ناقص، الإنتاج باذخ والصورة السينمائية غنية وثرية، حيث لا يشعر معها المشاهد بالملل، الموسيقى جميلة ومناسبة للأحداث.
كل التوفيق لصناع العمل في الجزء الثاني، ويحسب لكم أنكم خرجتم من زحمة السوق الرمضاني، ونجاح العمل جماهيريًا أعتقد أنه سيكون دفعة قوية للآخرين لعرض أعمالهم خارج السباق الرمضاني.