توفر متابعة الاخبار اليومية عبر شاشات غير مصرية ، خاصة فى هذه الايام مميزات لا حصر لها ، ليس مجديا التطرق هنا الى تحديدها ، لكن الامر الافت والذى يصبح فى الحالة الاعلامية المصرية بديهية تقارب على الاختفاء من شاشاتنا المصرية ألا وهى ” إعلام الجمهور ” حيث يقدم الاعلام للجمهور الغربى ” المعلومات كاملة ” كقيمة مقدسة لا يبنغى الجور عليها باى حال من الاحوال . بديهى هنا ان نتفق على ان لكل قناة او شبكة او صحيفة او وسيلة اعلامية مجموعة من الاهداف وتعمل وفق اجندة خاصة – اجندة بالمعنى المصالحى للكلمة – لكن اللافت مرة اخرى هو تنافس القنوات الغربية فى تقديم المعلومات كاملة ، فى بلاد اتاحت من الاصل حرية تداول المعلومات لمواطنيها ولإعلاميها كحق اساسى من حقوق المواطنة بينما نحن حصلنا عليه فقط فى ورقة مطبوعة عنوانها الدستور .
تتبارى نشرات الاخبار الغربية فى تقديم اكبر كم متاح من المعلومات ووجهات النظر المتعارضة ، تقارير من مواقع الاحداث ، رسوم توضيحية على افضل ما يكون . ليس الحديث هنا بغرض الترويج عن فكرة تنبع من ” عقدة الخواجة ” او غيرها ، ولكن منبعها يأتى من الشعور بالعجز احيانا فى الحصول على معلومة كاملة وانت فى بلدك ، والأدهى وانت تمتهن الاعلام ، تجوب عبر الشاشات والمواقع الاخبارية فيساورك الشك دائما ان شيئا ما ينقص وبدونه لا تتضح الرؤية . واذا اسعدك الحظ بإجادة لغة غربية فستتمكن من اكمال هذه المعلومات ، بل وتصحيحها دون تهويل مهللين ومطبلين ومنافقين ، ودون تهوين كارهين و ناقدين و كاذبين . بإمكانك الحصول على كم هائل من المعلومات ومعه ستحصل على جرعات من الديمقراطية .
لا تقدم نشرات الاخبار الايطالية – اللغة التى اجيدها – معجزة إعلامية ، لكنها وببساطة تقوم ب ” بإعلام جمهورها ” بكل الاحداث واهمها ، دون حجب لمعلومة بحجة التأثير على الرأى العام سلبا ، ودون المبالغة فى امر تشتم ورائه تلميعا ما او تأليها ما . تقدم نشرات الاخبار الايطالية فى الفترة الاخيرة مستجدات الوضع فى ليبيا باعتبار ان داعش على بعد خطوة من السواحل الايطالية او كما يتردد طواعية على ألسنة الإعلامين هناك ” داعش على الابواب “، وبالرسم التوضيحى ودون اثارة لأى مخاوف عرف من لا يعرف ان طرابلس التى اصبحت بيد داعش على بعد 365 كم فقط من جزيرة لامبيدوسا الايطالية ، هى الجزيرة نفسها التى تستقبل يوميا الاف المهاجرين عبر قوارب الموت فرارا من موت اخر .
بخلاف نشرات الاخبار تأخذ بعض برامج التوك شو الهامة على عاتقها متابعة ما يحدث فى ليبيا ، فماذا تفعل ؟ خذ مثالا ما انتهينا به سابقا ” المهاجرين غير الشرعيين ” والذين تتيح لهم ايطاليا – بحسبها بلد ديمقراطى – الملاذ الأمن على اراضيها احتراما للمواثيق الدولية ، لا تنبرى برامج التوك شو كما يحدث عندنا ، فى تهييج الرأى العام ضد هؤلاء المهاجرين بحجة وجيهة انه احتمال وارد ان يكون عددا لا بأس به بينهم من الارهابيين ، ابدا لا تفعل وسائل الاعلام ، لكنها ” تعلم” جمهورها بهذه الاشكالية وتطرح وجهات النظر المغايرة حولها ، تماما كما تعلمنا ما يجب ان يكون عليه ” إعلام الناس ” ذهبت بعض الكاميرات تصور هؤلاء المهاجرين داخل مركز للإيواء والتجميع فى جزيرة لامبيدوسا ، لا تكتفى الكاميرا بتفقد المكان ولا عرض معلومات وافية عن وضعية المهاجرين واعدادهم التى تفوق سعة المكان اضعافا مضاعفة ولكنها تحترم رغبة بعض هؤلاء المهاجرين البائسين فتخفى ملامح وجوههم ، لتحفظ لهم كرامة العيش فى يوم ات بين مواطنيهم او مواطنيها .
مرة أخرى ، لقد هرمنا حتى تتاح لنا كإعلاميين حرية تداول المعلومات كى نتمكن من تقديمها للرأى العام كاملة دون نقصان يضرب قدسية الإعلام فى مقتل، وحلمنا كثيرا وما زلنا بأن يأتى يوم عله قريب ينضبط فيه إعلامنا بمواثيق شرف الكلمة وقدسيتها واهميتها ، والأهم قدسية جمهورنا الذى لا نخدم إلا سواه . طوبى لمن ينتقد ذاته قبل الاخرين ، وطوبى لمن ينتقد إعلامه حينما يتابع اعلام الاخرين.
إقرأ ايضا
النص الكامل لمداخلة أحمد عز مع عمرو أديب
8 معلومات عن “الحشرية” فجر السعيد
الإعلاميون المرشحون في البرلمان.. ممنوعين من الظهور
كيف خرج بيان هجوم الخليج على مصر؟
عمرو مصطفي يستعين بفيديوهات داعش
خيري رمضان: محمود الغندور لن يكون آخرهم.. مبروك على داعش