نقلًا عن صوت الأزهر
سأُحيلك، عزيزي القارئ، هذا الأسبوع، إلى ثلاثة موضوعات متفرِّقة نُشِرَت في وسائل إعلام مصرية، تصلح مجتَمِعةً لكتابة سيناريو فيلم (رسوم متحركة) مُحكَم، ربما يحصل على الأوسكار العالمية، فالفنّ الحقيقي له تقديره في كل المجتمعات، حتى لو كان (فيلم كارتون)، وعشرات الأفلام من هذه الفئة قُدِّمَت وحَقَّقَت نجاحًا ربما تعجز عنه مؤسسات وهيئات محلية ودولية ذات صلة.
أما الموضوع الأول، فيبدأ بخبر نشره موقع «الدستور»، وجاء فيه أن «الفنان محمد صبحي قد أعرب عن انزعاجه بشأن تصريحات رئيس مجلس النواب عن صحيفة (الأهرام)، وتساءل صبحي خلال مداخلة تلفزيونية مع وائل الإبراشي في برنامج (العاشرة مساءً): ماذا يحدث من ردة فعل لمجلس النواب عندما أقدِّم المسرحية الشهيرة (برلمان النساء) للكاتب الإغريقي أريستوفانيس؟! وأضاف: إذا وضعنا انتقاد البرلمان خطًّا أحمر، ستكون حياتنا كلها خطوطًا حمراء، وهذا صعب، وكان من الأفضل أن يتم الحديث داخل البرلمان عن هموم الناس ومشاكلها، مستنكرًا قيام معركة بين الصحافة والبرلمان». وبعدها بأيام، مثل الصحفي إبراهيم عيسى أمام جهات التحقيق بتهمة إهانة البرلمان، كما لو أن هناك خطةً شيطانيةً لإرهاب الإعلام كي يتحاشى الخوض في عرض البرلمان، أو تقييم أعماله وأفعاله، وكأنه أصبح «مقدسًا» لا يملك أحد حقَّ نقده.
واختزل الموضوعَ الثانيَ خبرٌ منشور على موقع «اليوم السابع» (ومواقع إخبارية أخرى) قد جاء فيه: «في خطوة هي الأولى من نوعها منذ بداية عمل مجلس النواب، أعلن النائب إسماعيل نصر الدين أنه سيبدأ في جمع توقيعات زملائه من أعضاء البرلمان لتعديل الدستور، مشيرًا إلى أن المشروع الذي سيتقدم به يتعلق بتغيير نظام الحكم، ويمنح صلاحيات أوسع لرئيس الجمهورية بما يمكِّنه من أداء عمله. وفي اليوم التالي نشر الموقع نفسه مذكرة تعديل الدستور تفصيلًا».
ووفق هذا التعديل المقتَرَح يحقّ لرئيس الجمهورية أن يحكم مدى الحياة، وهو التعديل نفسه الذي جرى عام 1980 على دستور 71، الذي أُطلِق عليه «تعديل الهوانم»، والذي استبدل بكلمة «مدة» كلمة أخرى هي «مُدَد» رئاسية، وجرى قبل اغتيال السادات بعام، واستفاد منه مبارك وحَكَمَ به مصر 30 عامًا.
وآخر الموضوعات، الذي تكتمل به الثلاثية، استهلَّه النائب البرلماني محمد أبو حامد بمقترحه الخاص.. (تعديل قانون الأزهر)، وتابعته في معركة إعلامية أرهب فيها كلَّ مَن يناقشه في أي من مقترحات القانون أو أسبابه أو دوافعه، رافعًا راية «التطوير وتجديد الخطاب الديني» في وجه كلِّ مَن يعترضه أو يناقشه، واكتملت الصورة بالخبر الذي نشره موقع «صدى البلد» (ومواقع أخرى) وجاء فيه: «سادَتْ حالة من الانقسام داخل حزب الوفد بسبب اختلاف الرؤى بشأن تعديل لائحة الأزهر، ففي الوقت الذي طالَبَ فيه ياسر قورة، المساعد الأول لرئيس حزب الوفد للشئون السياسية والبرلمانية، بأن تكون مدة شيخ الأزهر 8 سنوات، خرج المستشار بهاء الدين أبو شقة، سكرتير عام حزب الوفد، ببيان صحفي، ليخالفه في الرأي ويستنكر هذا المقتَرَح، ويؤكد أن الإمام الأكبر مستقلّ وغير قابل للعزل». وكعادة أفلام الرسوم المتحركة، فإنها تنتهي نهاية مفتوحة (إلا إذا كان فهمنا خاطئًا وتقديرنا متواضعًا، وأننا بصدد مسلسل تركيِّ وليس فيلمًا مصريًّا).
وأخيرًا، هل كان الهدف تمديد مدة «حكم» أم أن الهدف هو تقليص مدة «شيخ»؟ أم الاثنان معًا؟ أم استمرار الأجواء مشتعلة بين الثالوث غير المقدس؟!