هل ستنقذنا الوحدة الوطنية إذا ظهر “مختلف جديد” في مصر؟
دائما ما نستخدم مصطلح «الوحدة الوطنية» بعد أي حادث طائفي يحدث في مصر بغرض تهدئة الشارع من الجانبين -المسيحي والمسلم- وذلك مع بعض الأغاني والبرامج والمقالات التي تؤكد على أننا قطبي الأمة ولا تستطيع مصر أن تسير وتنهض بدون الوحدة الوطنية بين المسيحيين والمسلمين، وتحرص أيضًا منابر الكنائس والمساجد المعتدلة على بث روح المحبة دائما بين المسلمين والمسيحيين وكأن مشكلتنا كمصريين في «رفض الأخر» تكمن فقط في علاقة المسلم بالمسيحي المتأزمة دائما في مصر، مع أن في الحقيقة المواطن المصري ينفُر من كل ما هو مختلف عنه حتى بين الطوائف المختلفة داخل الدين الواحد توجد مشاحنات وكراهية وتربص والأمثلة على ذلك كثيرة..
ولكن المهم الآن، منذ 40 عامًا وأكثر ونحن نحايل وندادي وندلع في المواطن المصري علشان يقبل المختلف عنه دينيًا فقط ويتعايش معه تحت هدف وعنوان «الوحدة الوطنية» بين المسلمين والمسيحيين فقط!.
لم لا نستثمر المجهود الإعلامي والمجتمعي منابر رجال الدين المعتدلين في الدعاية لنشر «التعددية الثقافية» بدل من الدعاية للوحدة الوطنية ؟
دعنا الآن نتخيل أن غدا استيقظنا على علاقة سمن على عسل بين الأقباط والمسلمين في مصر ثم ظهر منافس ثالث أو مختلف ثالث في مصر(إن كان فكر أيدلوجي مثلا أو فرق عرقي أو مهاجرين جدد مثل ما حدث ويحدث في أوروبا وكندا وأستراليا) ولم يتقبلهم المجتمع المصري، هل ستنقذنا وقتها الوحدة الوطنية إذا ظهر مختلف جديد في مصر؟
الإجابة لأ.. وقتها سنظل نشجع ونُعلن ونحايل وندادي من جديد عن وحدة وطنية جديدة لكل مختلف يطرأ على المجتمع جديد ولمدة 40 عاما جديدة حتى تسير ولا تغرق مصر زي ما بيقولولنا.
ولكن لم لا نستثمر من الآن المجهود الإعلامي والمجتمعي ودور رجال الدين المعتدلين ومنابرهم المبذولين الآن في الدعاية لنشر «التعددية الثقافية» بمفهومها الواسع الشاسع الذي يتقبل كل مختلف بدلا من الدعاية المعتادة المتهالكة للمسماه بالوحدة الوطنية والتي لم تثمر إلا عن صور عاطفية ركيكة بين المسيحيين والمسلمين في وسائل الإعلام منها شيخ يحضن قسيس وامرأة محجبة تزور ضحايا اعتداء طائفي على المسيحيين وهكذا…
لماذا لا ندرب مجتمعنا من الآن على قبول التعدد الثقافي بما فيه من احترام وتسامح مع كل الآخرين وليست طائفة أخرى بعينها ونشجع التعددية والتعايش المثمر والتفاعل بدون صراع مع الجميع، وبالإضافة إلى أن التعددية تعد من أهم ملامح المجتمعات الحديثة ، وربما تكون مفتاحاً لتقدم العلم والمجتمع والتنمية الإقتصادية التي نحن في أمس الحاجة إليها الآن.
والتنوع الثقافي أمر مستحسن في حد ذاته ويعود بالنفع على الأمة من نواحٍ عدة بل إلى التنوع الثقافي والذي يصحبه تكافؤ الفرص في ظل مناخ من التسامح المتبادل حتى يمكن لنا أن نحتفظ بأي نوع من المكانة العالمية المرموقة فيما يتعلَّق بالمعيشة المتحضرة والترابط الاجتماعي، فعلينا أن نقترب من تحقيق الاندماج بقدر يفوق كثيًرا ما عليه الحال في الوقت الحالي.
يجب علينا أن نعمل من الآن على تدريب مجتمعنا على «الاستيعاب» لكل ما هو مختلف حتى لا تتكر أزماتنا مرة أخرى إذا ظهر مختلف ثالث، قد يكون هذا صعبًا في بعض المجتمعات ولكنه سهل نسبيا في مصر، لأننا ليس لدينا مثلا اختلافات فسيولوجية سطحية مثل لون البشرة
مثلما كان الحال في أمريكا بين الأمريكي الأبيض والأمريكي من خلفية إفريقيا، ولكن ما نملكه نحن من تاريخ مشترك يجمعنا ومن لغة واحدة نتكلمها ونكتبها ونحبها فيمكنا بمجهود وتخطيط أن نصل الانصهار كمان وليس الاستيعاب فقط
لماذا لا نستبدل مادة «الدين» بمادة جديدة نسميها «التنوع الثقافي»؟
الاستغناء عن مادة الدين وما يوجد فيها من مظاهر انفصال بين الطلاب المسيحيين والمسلمين وقت الحصة، كما أنها مادة يعطيها مدرس غير متخصص في الدين أو المنهج ولكن “المدرس إللي فاضي” يدي، والدين هناك العديد من المصادر لدراسته وتعلمه منها دور العبادة والتنشئة الدينية في المنزل.