بلغ عدد دعاوى الطلاق القضائية التي تلقتها محكمة الأسرة المصرية بسبب “إلحاد الزوج أو تغيير العقيدة” 6500 قضية” عام 2015، وهي آخر إحصائية تنشرها المحكمة في سجلاتها الرسمية، عن الأزواج الملحدين في مصر.
يقول محام الأحوال الشخصية أحمد الناهي لموقع “الحرة” إن قضايا الطلاق أو الخلع بسبب “إلحاد الزوج” شهدت ارتفاعا بنسبة 30 في المئة بنهاية عام 2016، مشيرا إلى أن هذه القضايا لم تكن واسعة الانتشار في محكمة الأسرة منذ خمس سنوات.
وتعد القضايا التي تطلب فيها الزوجة الخلع أو الطلاق من زوجها أمام المحكمة لإلحاده حديثة العهد في مصر، على الرغم من بدء تطبيق قانون الخلع في مصر عام 2001، والذي ينهي العلاقة الزوجية بين الطرفين بحكم من المحكمة المختصة.
وحول تعامل القانون المدني المصري مع الدعاوى القائمة على “إلحاد الزوج”، قال وكيل النيابة المصرية محمد العيسوي لموقع “الحرة” إن الزوجة لها الحق في طلب الخلع أو الطلاق من محكمة الأسرة لـ”تضررها أدبيا من إلحاد زوجها”، مضيفا أن تغيير الديانة فقهيا يفسد عقد الزواج، حسب القانون المصري.
ولفت العيسوي إلى أن “إلحاد الزوج” أو تغييره عقيدته قد يعود على الزوجة بالضرر في مناحي الحياة الاجتماعية، وهو ما يعني أنها تمتلك سببا لرفع دعوى قضائية تطالب بانفصالها، موضحا أن معيار تحديد هذا الضرر يكون من سلطة قاضي محكمة الأسرة.
ويستبعد المحامي الناهي لموقع “الحرة” ما يتردد في الشارع المصري من أن بعض الزوجات يتهمن أزواجهن بـ”الإلحاد” للحصول على حق الطلاق، مبينا أن إثبات إلحاد الزوج “شديد الصعوبة من الناحية القضائية”.
وأكد أن هناك دعاوى أخرى “أكثر بساطة” يمكن استغلالها في هذا السياق، إذ إن احتمالية إصدار المحكمة لحكم يلزم بالتفريق بين الزوجين لأسباب أخرى أكثر يمكن أن يكون أكثر سهولة من قضايا الإلحاد وتغيير العقيدة.
ويرى الباحث في علم الاجتماع والحقوقي ناصر المحمدي في حديث لموقع “الحرة” أن السبب الحقيقي الذي يدفع النساء إلى رفع دعاوى من هذا النوع هو “معاناتهن في إثبات الطلاق الشفهي من أزواجهن، بسبب رفض الزوج توثيق طلاقه لإنهاء العلاقة الزوجية قانونيا”.
مبينا أن هذا الأمر “يدفع الزوجة إلى اتخاذ طرق أخرى لعجزهن عن إثبات وقوع الطلاق وإنكار أزواجهن لحدوثه”.
ويوضح ناصر قول ” القصد من هذا التفسير ليس لإلقاء اللوم على الزوجة، ولكن هذا التعسف يؤدي في نهاية الأمر إلى سلوك البعض طرقا ملتفة بهدف التخلص من علاقة مسيئة والحصول على الحرية”.
ويتفق الناهي مع الطرح الذي قدمه ناصر، حيث يرى أن قانون الأحوال الشخصية يفتقد إلى “مرونة مطلوبة” في إثبات الطلاق الشفهي، الذي قد ينكره بعض الأزواج لعدم رغبتهم في إعطاء الزوجات حقوقهن المالية، الأمر الذي يزيد من تعقيد قانونية إنهاء العلاقة الزوجية.
ويؤكد الناهي أن إقرار تشريعات قانونية تضمن توقيع عقوبة جنائية على الممتنعين عن توثيق الطلاق قد يسهل من مهمة الزوجة في المطالبة بالانفصال إذا ارتأت أن توجه زوجها الديني يجلب عليها الضرر.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد اقترح أثناء كلمة بكلية الشرطة في 24 كانون الثاني/يناير الماضي إلغاء الطلاق الشفهي، مؤكدا ضرورة “ألا يتم الطلاق إلا بوجود مأذون للحفاظ على المجتمع”.
وفي الخامس من شباط/ فبراير، أصدرت هيئة كبار العلماء بالأزهر بيانا تؤكد فيه على “وقوع الطلاق الشفهي متى توافرت أركانه الشرعية”، الأمر الذي أحدث جدلا في الشارع المصري بين مؤيد ومعارض.
وشهد عام 2015 زيادة قدرها 1.7 في المئة في عقود الزواج، يعادلها ارتفاع نسبته 11.8 في المئة في شهادات الطلاق، وفقا لأحدث تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
ويشير الجهاز أيضا إلى ارتفاع معدلات الطلاق بنسبة 83 في المئة منذ عام 1996.
ويوضح المحمدي أن ارتفاع دعاوى “إلحاد الزوج” هو جزء مما وصفه بـ”الصورة الكبيرة”، للزيادة القياسية في حالات الطلاق بمصر، مضيفا أن “السبب الحقيقي لاستحداث أسباب جديدة تدعو إلى الطلاق في المحاكم المصرية، هو غياب القدرة على التفاهم في الأسرة المصرية، فيتحول الأمر إلى صراع شخصي لإثبات الذات أو إنهاء العلاقة”.