تفاصيل "نزول" فخراني المفاجئ من "كريم" - E3lam.Com

نقلًا عن “مشبك”

كتب: خالد البرماوي

6 أشهر فقط، هي كل الفترة التي قضاها وائل فخراني في شركة كريم التي تعمل في أنظمة النقل عبر الهواتف المحمولة، والتي عين فيها سبتمبر 2016، كعضو منتدب للشركة في مصر، ونائب الرئيس للعلاقات الحكومية على مستوى 50 مدينة تعمل بهم الشركة في أسيا وإفريقيا.

لم يكن أسوا المتربصين بشركة كريم يتوقع أن ينتهي الوضع في أكبر أسواقها وأكثرها نموا بهذه الطريقة الدراماتيكية، فاستقالة فخراني أو بمعنى أدق إقالته مثلت مفاجأة لكل المتابعين للشركة وبالتأكيد المستثمرين الذين ضخوا لتوهم 500 مليون دولار، وزادت قيمة الشركة لما يفوق المليار دولار، طمعا أن تمثل لاعبا عالميا جديدا ينافس أوبر، مع الشركات المشابهة، مثل ليفت الأمريكية أيضا، وآولا الهندية وديدي الصينة التي اندمجت مع عمليات أوبر في الصين مؤخرا.

 

في الأشهر القليلة الماضية استطاعت كريم في مصر أن تحقق نجاحًا لافتًا على يد فخراني، والنمو الذي تحقق يمثل ضعفي ما أنجزته الشركة منذ انطلاقها في مصر قبل ثلاثة أعوام، وبات لديها حاليا 50 ألف سيارة تسير في شوارع مصر، وهو ما يمثل ثلث السيارات التي تعمل في شبكة كريم كلها على مستوى العالم، وكانت رؤية الفخراني تعد بـ 200 ألف سيارة بنهاية هذا العام، وهو ما بات يمثل محل شك الآن.

خبر إقالة فخراني كان لافتا، وأيضًا مربكا لعمليات شركة كريم في مصر، خاصة وأن فخراني من الأسماء اللافتة في قطاع تكنولوجيا المعلومات المصري والعربي، بخبرة تتجاوز 25 عاما في عدد كبير من الشركات العالمية الكبرى مثل جوجل، وأوراكل، وأي بي أم، ثري كوم. وكان اسمه دائما على قائمة أبرز المرشحين لمنصب وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر طوال السنوات التالية لثورة 25يناير.

 

دخول وخروج مفاجئ!

إقالة فخراني من كريم مثل مفاجأة كبيرة، تمامًا مثلما مثل خبر انضمامه للشركة وتركه جوجل مفاجأة أخرى، خاصة ونحن نتحدث عن الشركة الأكبر والأنجح في العالم بعد تسع سنوات كاملة قضاها متدرجًا في مناصبها العليا في منطقة الشرق الأوسط والعالم، ولعلنا نتذكر تدوينته التي كتبها على موقع “ميديم” الشهير، وقال فيها: ”الخوف والجوع الدافع وراء تركي فردوس جوجل”.

وعزز قبوله العمل في كريم وهي شركة ناشئة صغيرة تمثل قيمتها 0.25% من قيمة “جوجل”: ”بالنظر إلى أنني على أعتاب الخمسين، لكنني أكثر جوعًا الآن مما كنت عليه في حياتي كلها، إنّني جائع إلى ترك أثر أكبر مما تركت بالفعل”.

ويقول عن هذه الخطوة التي وصفها البعض بالجنون خاصة في هذه التوقيت في مصر،: ”كنت دائمًا مستاءً من الشركات العالمية التي تبتكر دومًا منتجًا فاخرًا واحدًا ثمّ تضخمه إلى ما لا نهاية في جميع أنحاء الكرة الأرضية. مستاء من أنّ منطقتنا لا تنتج شركة مليارية توفّر خدمات بجودة مماثلة”. واختتم كلمته قائلا: ”أرفض معاملة هذه الفكرة على أنّها ستبقى دائما حلمًا بعيدًا”. ثم كان قرار ترك العمل في جوجل.

 

الأيام الأخيرة

نعود لقصة كريم، الخلافات بينها وبين فخراني حدثت على ما يبدو نهاية فبراير الماضي، وخلال زيارة قصيرة للفخراني لمقر شركة كريم في دبي، حدثت مشادات عميقة تتعلق بطريقة إدارة الشركة في مصر وفي إدارة عمليات النمو، وفي الظهور الإعلامي اللافت الذي اكتسبه فخراني نتيجة لسمعته واسمه في السوق، وهو ما أثار حفيظة الشركة وخاصة مؤسسها، مدثر شيخة الباكستاني الجنسية، ولم يعرف بالتحديد تفاصيل الخلاف، لكن يبدو أن ترك معلقا، وعاد الفخراني للقاهرة في أول أيام شهر مارس الحالي.

وبقيت الأوضاع معلقة والعلاقات متوترة لمدة أسبوع تقريبًا، لكن بقيت أيضا الآمال معلقة بتصفية الأجواء، حسب ما ذكره موظف كبير في الشركة في مصر، ولكن الأحداث تسارعت، واتخذت شركة كريم من جانبها خطوة مفاجئة، بدعوة رامي كاطو مدير خدمة العملاء للقاء عاجل في دبي خلال عطلة الأسبوع الماضية.

وهناك عرضت عليه منصب فخراني، دون أن تبلغ أو تستشير هذا الأخير، رغم أنه لديه حصة في الشركة، وهو نفسه الذي اختار كاطو في الأساس لمنصبه السابق، وأتى به من شركة أكسيد “للكول سينتر” حيث كان يعمل مديرا تنفيذا لها، وشهد له بالكفاءة هناك.

في هذا الأثناء كان فخراني مرتبطا بلقاء رتب له مسبقا على قناة “cbc” مع الإعلامية لميس الحديدي، ضمن مبادرة لريادة الإعلام يشارك فيه كمحكم، واللافت للنظر أن وائل فخراني قُدم في هذا اللقاء، كمدير سابق لشركة جوجل وليس في منصبه بشركة كريم، ما جعل التكهنات تتزايد حول وجود خلافات بين فخراني وشركة كريم، لكن لم يكن يتوقع أحد أن تكون النهاية بهذه الطريقة، التي لا تناسب قيمة الطرفين، والتي تظهر أن كريم لم تراعي مدى تأثير مثل هذه الهزات على مستقبل الشركة في مصر.

ثم كان صباح يوم الأحد 12 مارس، وأرسلت شركة كريم بيانا صحفيًا عن طريق شركة العلاقات العامة التي تعمل معها، وأعلنت فيه عن تعين رامي كاطو في منصب الرئيس التفيذي لعملياتها في مصر، ولم تأت على ذكر وائل الفخراني بأي شكل أو حتى بكلمة شكر كما جرت العادة، رغم أن البيان حمل إشادة بالنتائج الكبيرة التي تحققت في كريم مؤخرا، حسب ما قاله مدثر شيخة المؤسس والمدير التنفيذي: ”تشهد كريم ازدهاراً كبيراً في السوق المصري حاليًا”.

 

انفراد مشبك

 

بعد ذلك مباشرة انفرد مشبك بخبر إقالة وائل فخراني، وبعد انتشار الخبر، اضطرت شركة كريم لأن ترسل بيانا توضيحيا مقتضبا للصحفيين، جاء فيه على لسان مدثر شيخة مؤسسة الشركة: ”كان الفخراني نموذجاً للمصداقية والنزاهة والاقتدار في كل المناصب التي شغلها في كريم”.

ورغم دبلوماسية هذه العبارة، إلا أن ما تلاها محى أي أثر طيب يمكن أن تبقيه، فجاء على لسان شيخة أيضا، “في بعض الأوقات قد لا تتناسب فيها العقول الكبيرة مع المناصب الكبيرة”. وهو ما يؤكد أن خلافًا عميقًا حدث، حتى إنه ظهر في صيغة البيان الصحفي الرسمي!

وفي كل هذه المراحل، لم يذكر فخراني أي كلمة عن طبيعة هذه الخلافات، وبعد نشر خبر استقالته، وضح لمشبك أنها إقالة، ولكنه طلب عدم التعليق على الأمر بأكثر من ذلك، والتزم الصمت تمامًا. ولكن بعد تعليق مدثر اللاذع عن كون كبار السن قد لا يتناسبون مع المناصب الكبيرة، ما جعل الفخراني يخرج عن صمته ويرد من خلال تغريدة واحدة على حسابه على تويتر صباح يوم الاثنين، ولاقت صدى كبير، وقال فيها: ”لم استقيل من كريم و لكن تم طردي من الشركة بطريقه مهينة و مفاجئة، ويعلم الله مدي المجهود اللي عملته”. واختتم قائلا :”أنا مقهور، ولكن متأكد أن حقي هيرجعلي!”. وتبع ذلك حملة لتأيده واعتمدت هاشتاج #DeleteCareem

 

 

وبغض النظر عما ستسفر عنه المفاوضات الودية التي يسعى البعض لها بين كريم وفخراني، لكي تنهي العلاقة بصورة محترفة وعادلة للطرفين، لكن التأثير على شركة كريم يبقى واقعا، وسيبقي لفترة جراء هذه الرعونة التي قامت بها الشركة مع واحد من أكبر موظفيها؛ ويتوقف طول وقصر وعمق هذا التأثير على مدى قدرة الشركة الواعدة على وضع نهاية سريعة وحاسمة لهذه الأزمة، وأيضا على قدرة وائل فخراني على الصمت.