ننشر تفاصيل طرد وائل فخراني من شركة كريم بعد استقالته من جوجل، تحت هذا العنوان الصحفي المثير، نشر موقع التحرير مضمون الأزمة بين العضو المنتدب السابق لشركة كريم في مصر، وبين الشركة الصاعدة بقوة في مجال حجز السيارات عبر التطبيقات الذكية، والتي نتناولها هنا من منظور مهني بحت، من واقع خبرة تزيد على عشرين عاماً في مجال إدارة الموارد البشرية، وباعتبار أن الأزمة في النهاية، لن تكون إلا قضية عمالية بين عامل يشغل منصباً تنفيذياً كبيراً، وبين صاحب عمل صار له اسمه في مجال تخصصه في مصر في الآونة الأخيرة.
من يكون وائل فخراني؟.. هو مصري قضى سنوات طويلة في شركة جوجل الأمريكية، إحدى أكبر خمسمائة شركة على مستوى العالم، تدرج خلالها في عدة مناصب بمصر ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وساهم بمجهودات متميزة في إطلاق جوجل بمصر وتنميتها، بصفته المدير الإقليمي لها في مصر والشرق الأوسط، ثم انتقل إلى جوجل إكس، وهي واحدة من شركات جوجل التي لا تنظر فقط في المشكلات القائمة بهدف حلها، وإنما هي متخصصة في تفكير الصعود إلى القمر Moonshot Thinking، واستمر هناك إلى أن أعلن في سبتمبر الماضي تركه منصبه في جوجل، وذلك تمهيداً للإنضمام لشركة كريم بمصر في منصب العضو المنتدب.. لم يكن هذا إلا ملخصاً لسيرة ذاتية إن أكدت فإنما تؤكد على صفتي الاحترام والاحتراف في شخص وائل فخراني، وبما يضعه نموذجاً يحتذى أمام كثير من شبابنا.
وكلنا يعلم، أن شركة كريم وريادتها في الخارج، في مجال حجز السيارات عبر التطبيقات الذكية، تضعها في مصاف منظمات الأعمال التي تتسم أيضاً بالاحترام والاحتراف، ومع أنها قد دخلت مصر في العامين الأخيرين، إلا أننا كمستخدمين أو متابعين، لاحظنا ارتفاع مستوى الخدمة بها في مصر في الستة شهور الأخيرة تحديداً، ويعود ذلك إلى ابتكار أفكار جديدة للترويج للعلامة التجارية لكريم، ركز بعضها على مفهوم المسئولية المجتمعية لمنظمات الأعمال، فكانت مبادرة الشركة بنقل الراغبين في التبرع بالدم للمستشفيات أثناء حادث الاعتداء الإرهابي على الكنيسة المصرية، وبعدها مبادرة أخرى لها بخصم عشرة جنيهات للراكب على كل هدف تحرزه مصر أمام المغرب في بطولة كأس الأمم الإفريقية الأخيرة، وغيرها من الأفكار التي جعلت من كريم الإختيار الأقرب للمصريين في الشهور الستة المذكورة، هي مدة خدمة وائل فخراني بالشركة!!.
كان الرجل إذاً الشخص المناسب في الموقع المناسب، وقد جاء إليه في الوقت المناسب أيضاً.. ماذا حدث إذاً؟.. خلاف بين الطرفين تفاصيله لا تزال خافية علينا، وارد حدوثه بين طرفي أي علاقة عمل، في أي مجال، وفي أي مكان، وإقرار الحقوق فيه، لن يكون إلا للقضاء، الذي أعلن وائل فخراني اللجوء إليه.. ملحوظاتنا هنا تأتي فقط قياساً على احترام واحتراف الطرفين، فالخلاف أعلن عنه وائل في تدوينة على تويتر مؤكداً أنه لم يستقل من كريم، ولكن تم طرده من الشركة بطريقة مفاجئة ومهينة، وأن الله يعلم مدى المجهود الذي بذله هناك، وأنه مقهور، ولكنه واثق من عودة حقه له، هذا في حين أن وائل نفسه أكد في تصريحه لموقع التحرير أنه ترك منصبه في الشركة، وأن الوضع سيء، وأنه لن يترك حقه!!… تناقض.. أليس كذلك؟!.
على الناحية الأخرى، علق مدثر شيخة، الباكستاني الجنسية، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لكريم، فقال بشأن استقالة فخراني أن وائل يعد واحداً من الشخصيات المرموقة في قطاع تكنولوجيا المعلومات في مصر والمنطقة، كما أنه شغوف بالدفاع عن منطقة الشرق الأوسط وخاصة بلده مصر، وأنه نموذج للمصداقية والنزاهة والاقتدار في كل المناصب التي شغلها في كريم، ولكن في بعض الأوقات قد لا تتناسب العقول الكبيرة مع المناصب الكبيرة، في قطاع ما من قطاعات الأعمال المتميزة، وكانت الشركة قد أعلنت باختصار تعيينها رامي كاطو رئيساً لعملياتها في مصر، بالإضافة لمهام منصبه كرئيس لقطاع خدمة العملاء، وذلك دون التطرق من قريب أو بعيد لاستقالة وائل فخراني من منصبه.. موقفان متسقان لشركة كريم، ويستقيمان مع القوانين والأعراف وقواعد الاحترام والاحتراف المعمول بها في مختلف مجالات الأعمال، فلا إساءة لوائل هنا.
قد يكون لوائل حق لدى كريم، ولكن تسرعه بوضع الأزمة على شبكات التواصل الاجتماعي، بعدما اختلف مع الشركة الأم في دبي، وعاد للقاهرة فوجد خبر تعيين رئيس جديد للشركة بمصر خلفاً له، فاعتبره إهانة تنهي علاقته بالشركة، هو إنفعال لا شك يخصم من رصيد محترف على أعتاب الخمسين، وهو ما يلقي الضوء مجدداً على مساحة سيطرة شبكات التواصل الاجتماعي جميعها على تفاصيل حياتنا، حتى باتت المجال الأسرع والأرحب لتنفيس مختلف انفعالاتنا دون وعي أو تمييز، وبما يهدر حقوقاً قد تكون مضمونة لنا، فقط إذا أطلقنا المقال المناسب في مقامه المناسب.