نقلًا عن “المصري اليوم”
منذ أسابيع قليلة كتبت هنا عن بلاغ منى الجرف رئيسة جهاز حماية المنافسة ضد عيسى حياتو.. وقلت أننى مع احترامى لمنى الجرف إلا أنها اختارت السلاح الغلط لتخوض به حربا مشروعة وضرورية أيضا.
واليوم أكتب مرة أخرى وأقول أننى مع احترامى لمنى الجرف إلا أنها ليست هى التى أسقطت حياتو فى انتخابات الكاف أول أمس.. ولم يكن بلاغها للنائب العام هو المسمار الأول فى نعش الثعلب الكاميرونى أو الخطوة الاولى فى المشوار الذى انتهى بسقوطه.. فالحكاية كانت أخطر وأعمق وأكبر من ذلك كثيرا وجدا.
ولا أقول ذلك لأننى ضد منى الجرف وأكره أن تحتفل بانتصارها الشخصى على حياتو .. وإنما لأننى ضد أى مبالغة أو احتفالات زائفة وتضخيم فى الأدوار كنا نسمح به ونتساهل معه فى الماضى ثم اكتشفنا أن ثمن ذلك كان فادحا ومؤلما أيضا .. وبلاغ منى الجرف للنائب العام كان يشبه كل مواجهاتنا الماضية مع إسرائيل على سبيل المثال حين بقينا نصرخ سنينا نطالب بالحقوق فى عالم لا يعرف العدالة ولا يمنح أى حقوق إلا للأقوياء فقط .. ولم يكن حياتو ليسقط بالقانون والمحاكم وبلاغات النيابة .. إنما كان حياتو نفسه هو السبب الأول والأهم فى سقوط حياتو .. فالفاسدون هم دائما الذين يصنعون بأيديهم حبال مشانقهم وينتظرون من يقرر استخدام هذه الحبال .. وقد جاءت هذه اللحظة أخيرا وتلاقت إرادة كثيرين أرادوا وقرروا الخلاص من حياتو.
لم تكن مصر وحدها التى أرادت ذلك وإنما كانت هناك بلدان أخرى كثيرة ولأسباب مختلفة عن اسباب مصر ودوافعها .. فهناك من ضاق بكل هذا الفساد نتيجة بقاء حياتو الطويل فى السلطة ووجدها فرصة مناسبة للخلاص من الرجل وعصابته .. وهناك فاسدون جدد أرادوا الاستيلاء على حصة حياتو من فساد الكاف .. وهناك من أراد رئاسة الكاف لأسباب سياسية ووجاهة إعلامية وكروية .. وهناك من أراد إنهاء زمن سيطرة أفارقة الغرب على الكاف مع تهميش لبلدان الجنوب والشرق الناطقة باللغة الإنجليزية .. أما مصر فقضيتها كانت التصدى لمحاولة حياتو نقل مقر الكاف من القاهرة .. لم يكن المقر نفسه هو القضية لكنها صورة مصر ومكانتها التى كانت ستطالها الشكوك إن نجح حياتو فى نقل مقر الكاف.
ومن أصغى لخطاب الرئيس الأثيوبى فى افتتاح اجتماعات الكاف أول أمس سيدرك أن نقل المقر كان مخططا له منذ فترة طويلة سواء تقدمت منى الجرف ببلاغها ضد حياتو أو لم تتقدم .. فأثيوبيا أرادت خطف المقر من مصر من باب الانتقام السياسى وتأكيدا لمكانتها الأفريقية الجديدة .. فقررت مصر المشاركة فى إزاحة حياتو حفاظا على مكانتها وصورتها ولهذا لم تهتم بترشيح أحد أبنائها رئيسا للكاف لأن المنصب نفسه لم يكن همها وقضيتها .. وهكذا خاض مصريون مجهولون الحرب ضد حياتو بعيدا تماما عن القاهرة وساندوا أحمد أحمد فى أكثر من عاصمة أفريقية وفى إديس أبابا نفسها .. كانت حربا واضحة ومحددة وانتصرت فيها مصر بهدوء بعيدا عن أى ضوضاء واحتفالات زائفة بدأت القاهرة تعيشها حاليا بينما سكت الجنود الحقيقيون الذين انتصروا بالفعل فى هذه الحرب.أدلى 4631 صحفيًا، بأصواتهم، في انتخابات التجديد النصفي التي جرت مساء أمس، واستمرت قرابة أربع ساعات ونصف الساعة.