ثارت حالة من الدهشة فى الأوساط الرياضية بعد خبر خسارة الثعلب العجوز “عيسي حياتو” انتخابات الكاف بعد 29 عاماً من تربعه على عرش الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، منذ الجمعية العمومية للكاف فى كازبلانكا بالمغرب فى 10 مارس 1988 على هامش بطولة الأمم الافريقية لكرة القدم للكبار حينما قهر منافسه التوجولى بفارق أربعة أصوات فقط، ومن يومها والرجل الحديدى يحتكر الكرة الأفريقية ولا يجد أدنى منافسة مما جعل ولايته تمتد إلى 10598 يوماً، حتى المنافسات البسيطة من الأنجولى “أرماندو ماشادو” فى انتخابات 2000 والبتسوانى “إسماعيل بامجى” فى انتخابات 2004 لم ترق لتهديد عرشه.
ولكن عندما أعلن “أحمد أحمد ” من مدغشقر فى 12 يناير 2017 اشتم الجميع رائحة المنافسة على الكرسي الكبير في إفريقيا، خصوصا أن “أحمد” بعد شهر واحد فقط حصل على تأييد الكوسافا وهو اتحاد إفريقيا الجنوبية المكون من 14 دولة بمساعدة الرجل القوى”فيليب تشيانجوا” رئيس اتحاد زيمبابوى والموتور من “حياتو”، بسبب إصرار “حياتو” على سحب تنظيم بطولة 2000 من زيمبابوى بحجة عدم الجاهزية وإهدائها إلى جيرانه في غرب إفريقيا غانا ونيجيريا فى تجربة تنظيم مشترك لم تنجح كثيراً، علاوة على إحساس دول إفريقيا الجنوبية بحالة من الإهمال اذ لم يتم تنظيم بطولة الأمم الافريقية سوى فى فى دولتين فقط من دول إفريقيا الجنوبية وهما جنوب إفريقيا وأنجولا.
وكان “تشيانجوا” العقل المفكر لحملة “أحمد أحمد” قد أعلن تنظيمه احتفالية بعيد ميلاده رقم 58 وبمناسبة فوزه بالتزكية برئاسة الكوسافا، لكن الهدف الحقيقى من الاحتفالية كان هو جمع التأييد لمرشح مدغشقر، لا سيما عندما استضاف خلال الاحتفالية رئيس الاتحاد الدولى “جيانى انفانتينو” والذى يضمر الكره للكاميرونى “حياتو”، باعتباره آخر رجال المعزول “بلاتر” علاوة على تأييد “حياتو” للبحرينى الشيخ “سلمان بن ابراهيم” فى انتخابات الفيفا ضد “انفانتينو”، وحضر الاحتفالية كذلك رئيس الاتحاد النيجيرى “أماجو بينيك” ورئيس الاتحاد الليبيرى “موسي بيليتى” الساخطين أيضاً على “حياتو”، وكانت تلك الاحتفالية سبباً فى غضب “حياتو” مما دعاه للتحقيق مع “تشاينجوا” باعتبار أنه استضاف أشخاصًا من خارج اتحاد إفريقيا الجنوبية بما يخالف لوائح الكاف.
وإمعاناً فى الديكتاتورية كان “حياتو” قد سحب فى 15 يناير 2017 تنظيم بطولة الناشئين تحت 17 سنة من مدغشقر، وأهداها لدولته المدللة الجابون نتيجة علاقته القوية بالرئيس الجابونى “عمر بونجو” ونكاية فى “أحمد أحمد”، وكانت حجته فى سحب التنظيم حجة واهية وهى عدم الجاهزية ورفض طلب مدغشقر التأجيل شهرين لاستكمال المنشآت، وحاول أيضاً اختراق إجماع اتحاد الكوسافا بمحاولة استمالة زامبيا عندما عقد لقاء مع رئيس زامبيا على هامش بطولة إفريقيا للشباب، وحاول كذلك استمالة “جاكوب زوما” رئيس جنوب إفريقيا على هامش مبارة السوبر الإفريقية، لكن ظل رئيس اتحاد جنوب افريقيا ” دانى جوردان” يناصب “حياتو” العداء العلني.
وعودة إلى الخريطة الأفريقية نجد أن أبرز مناطق التأييد للكاميرونى “حياتو” كانت اتحاد شرق ووسط إفريقيا أو ما يطلق عليه السيكافا المكون من 11 دولة خصوصاً حليفه القوى فى السودان “مجدى شمس الدين”، لكن الدول العربية الشمالية الخمسة ربما كان موقفها أكثر ميلاً لدعم مرشح مدغشقر “أحمد أحمد” خصوصاً الجزائر والمغرب، نتيجة لنهاية شهر العسل بين “حياتو” ورئيس الاتحاد الجزائرى “روراوة” بعد أن رفض “حياتو” تنظيم الجزائر لبطولة الأمم الإفريقية للكبار 2017 وأهداها للجابون غير الجاهزة تنظيمياً، مما جعل المنتخبات المشاركة تعانى من سوء حالة الملاعب، وربما كان السبب فى ذلك تردد بعض الشائعات عن اعتزام “روراوة” الترشح على مقعد رئيس الكاف، بينما تضمر المغرب عداءاً شديداً للكاميرونى “عيسي حياتو” بعد أن سحب منها تنظيم بطولة الأمم الفريقية للكبار 2015 وأهداها لغينيا الاستوائية، بعدما طلب المغرب تأجيل البطولة لانتشار فيروس الايبولا القاتل، بل أن “حياتو” تمادى فى ظلمه وعاقب المغرب بالحرمان من المشاركة فى بطولتين إفريقيتين ولم تعد المغرب إلى المشاركة فى بطولة 2017 بالجابون إلا بعد حكم المحكمة الرياضية.
أما مجموعة دول وسط إفريقيا الثمانية الأخرى فأربعة منها تدين بالولاء التام للعجوز “حياتو” وهى غينيا الاستوائية والجابون اللتان نظمتا ثلاثة بطولات من الأربعة الأخيرة لكرة القدم للكبار، والكاميرون مسقط رأسه وتشاد التى تضم حليفه القوى “أدوم جبرين” الذى ضمن مقعده فى المكتب التنفيذى للاتحاد الأفريقى لعدم وجود منافس له، بينما انحاز موقف الدول الأفريقية الأربعة الأخرى وخاصة الكونجو الديموقراطية وجمهورية الكونجو لتدعيم “أحمد أحمد”، بسبب الخلاف بين “حياتو” و”سليمانى” رئيس اتحاد الكونجو الديموقراطية بسبب دعم “حياتو” للايفوارى “أوجستين سيدى دياللو” كمرشح للمكتب التنفيذى للفيفا عن الدول الناطقة بالفرنسية، ولكن الموقف فى مجموعة دول غرب إفريقيا الستة عشر كان الأكثر تعقيداً، فبينما أعلنت كوت دي فوار والسنغال وبنين تأييدها العلنى للداهية “حياتو” ناصب كذلك كلاً من رئيس اتحاد نيجيريا وليبيريا العداء العلنى له، وإن كان هناك ضغوطاً كبيرة من حكومة نيجيريا قد مورست ضد رئيس الاتحاد النيجيرى “اماجو بينيك” لدعم “حياتو” وفقاً للتعاون بين حكومتى نيجيريا والكاميرون فى مكافحة الإرهاب المتمثل فى جماعة بوكو حرام، وكذلك حرص الحكومة النيجيرية على علاقتها الاستراتيجية مع حكومة جارتها الكاميرون بينما تبدو علاقتها بمدغشقر غير مفيدة لها، ولكن يبقى أن الاقتراع كان سرياً وربما دعم رئيس اتحاد نيجيريا سراً “أحمد أحمد” نتيجة عداؤه للديكتاتور “حياتو”.
ولا يمكن أن نغفل إجادة استخدام “أحمد أحمد” لوسائل التواصل الاجتماعى، بالاستفادة من دعوات التغيير التى تسيطر على تلك الوسائل وإطلاقه للهاشتاج عبر تويتر.
#TogetherForChange
ولم تكن خسارة “حياتو” فقط لكرسى الرئاسة ولكن تمثلت خسارته الأكبر فى خسارة معظم رجاله وفوز أعداؤه بعضوية المكتب التنفيذى للكاف، حيث فاز “حسن سليماني ويبيري” من جيبوتي بمقعد منطقة الوسط الشرقية بعد انسحاب صديقه السوداني “مجدي شمس الدين” رئيس لجنة الحكام السابق بالاتحاد الافريقى، بينما فاز كلاً من النيجيرى “أماجو بينيك” والليبيرى “موسي بيليتى” بعضوية المكتب التنفيذى للكاف عن غرب إفريقيا، وخسر أيضاً صديقه الليبي “أنور الطناشى” أمام المغربى “فوزى لقجع” عن مقعد شمال إفريقيا، بينما فاز عدوه اللدود الجنوب إفريقي “دانى جوردان” بمقعد المنطقة الجنوبية، ولم يفز سوى حليفه التشادى “ادوم جبرين” بمقعد الوسط بالتزكية
وبذلك يمكن أن نقول بمنتهى الثقة وداعاً لامبراطورية “حياتو” والبقية في “حياتو” !!!!