وليد أبو عميرة
كانت انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين التي تم عقدها أمس، الجمعة، هي المرة الأولى التي يتم تكليفي خلالها بعمل تغطية صحفية للانتخابات من داخل النقابة، ورأيت هناك الكثير من الأشياء التي لم أكن أعرف أنها تحدث داخل انتخابات الصحفيين، لكن “الغريب” هو أنني كلما سألت وأبديت اندهاشي من بعض الأمور، يتم الرد عليّ بأن هذا هو “العادي والطبيعي” الذي يحدث كل مرة، وأن سبب “استغرابي” هو أنني مثلما يقولون “لسه جديد في المهنة”.
لذا أرصد لكم في هذا التقرير بعض الملاحظات التي لفتت انتباهي في أول انتخابات أقوم بتغطيتها من داخل نقابة الصحفيين.
“فوت علينا بكرا”
انتخابات النقابة التي حدثت أمس، كان مقررًا إجراؤها منذ إسبوعين، إلا أنها أُجلت إلى يوم أمس، لعدم اكتمال النصاب القانوني يومها، حيث لم يحضر وقتها سوى 1173 صحفيا، من بين أكثر من 9 آلاف صحفي من أعضاء النقابة، وكان شرط إجراء الانتخابات حينها، هو حضور نصف عدد الأعضاء، وتقريبا لم يحضر سوى عدد قليل جدا يومها من الصحفيين، لأن معظم الباقيين يعرفون إنه سيتم تأجيلها لأنهم لن يأتوا إلا في المرة الثانية.
دعاية وشهرة
بعيدًا عن بعض الأساليب الغريبة للدعايا، التي قام بها بعض المرشحون، ولكن هناك أمر أخر غريب، هو ضخامة التكاليف والدعاية التي يقوم بها المرشحين، فهذه انتخابات لا يأتي للتصويت بها سوى 5 آلاف صحفي على الأكثر كل مرة، فلماذا كل هذه الدعايا المكلفة التي يقوم بها المرشحون؟
أيضًا من المفترض أن الصحفي المقدم على الانتخاب، يدرك تمامًا لمن سيصوت قبل أن تبدأ الانتخابات، وتلك الدعايا لن تجعله يُغير من قراره، لكن الأكثر غرابة أن الكثيرين من الصحفيين لا يعرفون بعضهم، وكثير من المرشحين يفعلون تلك الدعايا لأنهم قد يكونوا غير معروفين للكثيرين، فإن لم يفوزوا فقد اكتسبوا شهرة لا بأي بها في الوسط الصحفي.
الأدهى هو أن المرشحين “المشهورين جدا” مثلما يقولون، وكذلك المرشحين على منصب النقيب، يقومون أيضًا بدعاية كبيرة، رغم أنهم لا يحتاجون لذلك، كما أنه كان هناك شبه حالة “تناسب طردي” بين ضخامة الدعاية والرسوب في الانتخابات، فمعظم الخاسرين كانوا الأكثر تكلفة في الدعاية.
زحمة يا نقابة زحمة
النظام لم يكن موجودًا، فانتخابات النقابة أمس، كانت مزدحمة للغاية والصوان الانتخابي الخاص بالتسجيل بالكشوف، كان يقف به المئات، ومن الصعب جدًا المرور فيه، أيضا مدخل مبنى النقابة كان يصطف عليه المئات دون أن تعرف سبب وقوفهم على المدخل، والناخب قد يأخذ مدة تصل إلى ساعة، حتى يستطيع تسجيل اسمه في الصوان، ويدخل ليصل إلى مقر لجنته، من كثرة الزحام وعدم النظام، واصطفاف أنصار المرشحين في كل مكان، وكأنك في مصلحة حكومية، تقف بالساعات حتى تنجز ما قدمت من أجله.
مفيش مشاركة
النقابة بها ما يقرب من 9 آلاف صحفي، لم يحضر منهم أمس للانتخاب سوى 4631 شخصا، أما باقي الصحفيين لم يأتوا ليشاركوا ويحددوا مصير نقابتهم، مثلما يفعل العديد من المواطنين العاديين في الانتخابات المختلفة، فلو افترضنا أن بعض صحفييّ النقابة كانوا على سفر يوم الانتخاب أو لديهم أي أسباب تمنعهم من الحضور، فلن يتجاوز عدد الغائبين حينها المئات، وليس الآلاف كما يحدث كل مرة.
وكذلك من حضروا الانتخابات وأدلوا بأصواتهم لماذا لم يحضروا منذ أول مرة، رغم أن التحضير للانتخابات يتكلف كل مرة مبالغ ضخمة في إيجار الصوان وتجهيز النقابة والمشرفين وغيره من التجهيزات.
طن ورق
بعد انتهاء الانتخابات، وبعيدا عن “الهرج والمرج” الذي حدث أثناء الفرز، وبعض المشادات التي حدثت مع بعض أنصار المرشحين، وبعيدا أيضا عن الضجة الكبيرة التي حدثت بعد إعلان النتائج من “زغاريد وتصفيق وصياح وهتافات”، لكن الناظر لمشهد النقابة بعد انتهاء ذلك الحدث، سيجدها تحولت لـ”كوم قمامة” من دعايا المرشحين.
فتلك الدعايا جميعها ملقاه على الأرض في جميع أدوار النقابة وعلى سلالمها، وفي الصوان أيضًا، فكل ناخب يأخد الدعايا من أنصار المرشحين ثم بعد ذلك يلقيها في الأرض، ومن المؤكد أن أكثر الكارهين لحدث أمس، هم عمال النظافة الذين سيصبح همهم الكبير هو تنظيف وإصلاح تلك الفوضى التى أحدثها الصحفيون.
لكن المدهش حقاً هو إنفاق المرشحين لكل هذا الكم من الأموال على “الدعاية الورقية” رغم أننا في عصر التطور التكنولوجي، ونبوغ الصحافة الإلكترونية في مصر.
التكرار مابيعلمش “الصحفيين”
الغريب في الأمر أنهم أخبروني أن تلك الأمور الواردة في التقرير تتكرر في كل انتخابات للنقابة، ولم يتم تعديلها أو حتى ملاحظتها لتفاديها في المرات القادمة، وتتكرر تلك الأمور كما هي، مع أصحاب مهنة يخرجون كل يوم للمصريين ليقولون لهم” لماذا نكرر نفس أخطائنا دوما، لم لا نترك عاداتنا السيئة، لم لا نغير من أنفسنا!”.