أودعت محكمة النقض حيثيات حكمها الصادر ببراءة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، من قتل متظاهري ثورة 25 يناير 2011 والمعروفة إعلاميا بقضية القرن.
حيث نشرت جريدة الأخبار في عدد الإثنين، أن المحكمة برئاسة المستشار أحمد عبد القوي، قالت إن باستعراض أدلة الدعوى التي قام عليها الاتهام عن بصر وبصيرة فإن لا سند لها من واقع أو قانون ويحوطها الشك والريبة بما يباعد بينها وبين الاطمئنان إليها أو التعويل عليها ومن ثم تضحى الأوراق وقد خلت من أدلة يقينية أو قرائن أو إشارات على مساهمة المتهم سواء مع وزير الداخلية المذكور، مما يكون قد ساهم مساهمة أصلية أو تبعية في قتل المتظاهرين، وذلك ما ثبت لهذه المحكمة بأقوال اللواء عمر سليمان، النائب الأسبق لرئيس الجمهورية والمشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع إبان الأحداث، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، وأحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء الأسبق.
شهد هؤلاء أنهم حضروا اجتماعا في 20 يناير 2011 بالقرية الذكية، كما حضر وزير الإعلام والاتصالات ورئيس المخابرات العامة وناقشوا فيه الموقف المتوتر بشأن التظاهرات والاستعدادات الداخلية لمجابهة الموقف على ألا تستخدم الشرطة ثمة وسائل عنيفة ولذا فقد خلت أقوال هؤلاء المجتمعين فيه من ثمة إشارة إلى أنه كان للمتهم شأن في ما دار في هذا الاجتماع من مناقشات او ما أسفر عنه وهو الحال كذلك في شأن اجتماعي وزير الداخلية الأسبق بمساعديه يومي 24 و27 يناير 2011. تابعت حيثيات الحكم أن الأوراق خلت من ثمة ما يشير إلى اتفاق المتهم مع وزير الداخلية الأسبق على أمر معين بخصوص التعامل مع المتظاهرين.
أضافت الحيثيات أن الرئيس مبارك أصدر قرارا بنزول القوات المسلحة في 28 يناير، 2011 بدون استخدام سلاح لتأمين الأهداف الحيوية ومساعدة الشرطة في مهامها وأنه تم رصد عناصر أجنبية قصدت اسقاط البلاد بالتعاون مع عناصر داخلية ونفى بأن يكون المتهم حسني مبارك قد وجه وزير الداخلية باستعمال الشرطة للقوة والأسلحة النارية وان يكون قد أصدر أوامر بإطلاق الأعيرة النارية على المتظاهرين، بل أن المتهم شدد أثناء الاجتماع المنعقد بمعرفة عمليات القوات المسلحة يوم 29 يناير 2011، بحضور رئيس الأركان واللواء عمر سليمان على عدم استخدام العنف من جانب القوات المسلحة.
وأشارت المحكمة في الحيثيات إلى أن أقوال المجني عليهم وذوي المتوفين خالية من دليل على اتفاق المتهم مع وزير الداخلية الأسبق على قتل المتظاهرين وكان مبعث اتهامهم للمتهم “مبارك” لمجرد أنه كان رئيس الجمهورية ومن ثم فهي أقوال مرسلة لا تصلح دليلا لإدانة المتهم بالإضافة إلى ان الاتهام أدخل أفراد الشرطة كفاعل أصلي في جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجرائم القتل العمد والشروع فيه والمتهم شريكا لوزير الداخلية الأسبق، الشريك فيها، إلا أن الأوراق قد خلت من ثمة دليل على أن المتهم ساهم مع ذلك الفاعل الأصلي، أفراد الشرطة في تلك الجرائم أو حتى ساهم فيها.
ولفتت المحكمة في حيثياتها إلى أن محكمة الجنايات قد قضت في 20 نوفمبر 2014، ببراءة حبيب العادلي من تهم الاشتراك بطريقتي التحريض والمساعدة مع بعض الضباط وأفراد الشرطة، في قتل المجني عليهم “المتظاهرين”، عمدا مع سبق الإصرار المقترن بجرائم القتل العمد والشروع فيه لأسباب حاصلها قيام الاتهام على الافتراض والظن والاحتمال وخلو الأوراق من دليل أو قرينة على توافر عناصر الاشتراك في حق المتهم وصار ذلك القضاء باتا برفض الطعن بالنقض في جلسة 4 يونيو 2015، وكان البيّن أن تلك التهم المقضي فيها بحكم بات ببراءة العادلي هي ذات التهم المنسوبة للمتهم “مبارك”.
ومن هنا فإنه بعد القضاء ببراءة الشريك “العادلي” فإن الاتهام المنسوب للمتهم “كشريك للعادلي” لا تقوم له قائمة ويفتقد لصحيح الواقع والقانون ومن ثم يتعين معه كذلك القضاء ببراءة مبارك.
أما بالنسبة للدعاوى المدنية قالت المحكمة إن الثابت هو باقتصار قضاء النقض الأحكام الجنائية بما لا يجيز للمدعين بالحقوق المدنية الإدعاء مددنيا أمامها من جديد لأن طبيعة الطعن بالنقض بجواز تدخل مدعين بالحقوق المدنية لأول مرة في الدعوى الجنائية بعد نقض الحكم، ولذا قضت المحكمة ببراءة المتهم محمد حسني مبارك مما أسند إليه وبعدم قبول الإدعاء المدني.