هبة علي سمك
تجلس على منبرها الإعلامي، لتطل على جمهورها بملامحها السمراء الهادئة، وشعرها الأسود الكاحل، الذي يشبه إلى حد كبير أصولها الصعيدية، نبرة صوتها الهادئة كفيلة للتحكم بالصخب الدائر حولها، لتُصبح الإعلامية “منى سلمان” واحدة من الإعلاميين القلائل، الذين مازالوا يتمسكون بالرمق الأخير من مبادئ المهنة، بعيداُ عن الإثارة وسباق الترافيك الزائف.
بوابة دخولها إلى الإعلام ، كانت المسابقات الكبيرة، ففي البداية، وبعد تخرجها مباشرة من كلية الإعلام، كانت واحدة من بين 150 شاب وفتاة ، نجحوا في مسابقة الإذاعة المصرية ، لتكون الشرق الأوسط هى بداية مسيرة صاحبة الصوت الهادئ والمميز، ثم عملت بعد ذلك كمعدة في شبكة القنوات المتخصصة الوليدة، وكانت المتخصصة وقتها عبارة عن قناة “النيل للدراما”.
تطلعها إلى النجاح، قابلته تحديات، فلم تكن “منى سلمان” المذيعة الشقراء، التي كانت الشاشة حكر لها وقتها، لذا كان يرى فيها الكثيرون مذيعة راديو فقط ، لكن بتشجيع الدكتورة عفاف طبالة رئيسة القناة وقتها، كنت أول مذيعة تظهر على الشاشة بلا وجه لعدة شهور، حيث كانت تعلق على برامج القناة، لكن صوتها المميزة عَلِق في آذان مشاهدي القناة، لتنقلها الصدفة بعدها إلي القناة الثقافية، التي أتاحت لها وهى في سن صغير محاورة قامات فكرية كبيرة، منهم لطفي الخولي و محمود أمين العالم و مراد وهبة و سيد كريم و غيرهم.
كان البرنامج الأول لها على القناة الثقافية، موعد للإلتقاء برفيق دربها، حيث كُلفت وقتها بتغطية ندوة لكاتب اسمه “وحيد الطويلة”، حيث كان يوقع أول أعماله المنشورة ” خلف النهاية بقليل “، لكنها شعرت بالقلق لأنها لم تقرأ له من قبل، لكن على ما يبدو فإن الحب من أول نظرة، جعله يهدي لها مجموعته بعبارة واحدة ” أصدق سمارك و ظني “، و لم يخب ظنه بالطبع، و الطريف أن أول لقاء بينهما مسجل بالصوت و الصورة، لتكلل القصة بالزواج بعد شهور قليلة، وكانت ثمرة حبهم بنتين هما فيروز وليلى.
بمرور الزمن، جاءت المحطة الأشهر في مسيرة “منى سلمان”، حيث كانت الإعلامية الوحيدة التي تعاقدت معها قناة “الجزيرة”، بعد مسابقة أعلنت عنها في جريدة الأهرام، وكانت القناة القطرية، بمثابة نقلة مهنية أتاحت لها آفاق أوسع، حيث قدمت ثلاثة برامج هى حديث الصباح، مباشر مع ، ومنبر الجزيرة، أجرت خلالها العديد من الحوارات الإعلامية المميزة مع شخصيات سياسية وثقافية وفنية مختلفة مثل الأمير الحسن بن طلال، مارسيل خليفة، الرئيس الفنزويلي هوجو تشافيز، كذلك لقاء مع رئيس جمهورية جزر القمر.
أبت “منى سلمان” أن تكون استقالتها من قناة الجزيرة محط للإثارة، والقيل والقال، بل أنها تؤكد في كل مناسبة على إحترامها وتقديرها للفترة التي عملت فيها، ولما لا فكلنا يعلم أن الجزيرة كانت الذراع الإعلامي الأول لثورة 25 يناير، قبل انحرافها عن مسارها بتولي جماعة الإخوان السلطة.
أما الآن ، تقف “منى سلمان” في محطة “دريم” الفضائية، حيث تقدم على شاشتها برنامج “مصر في يوم”، والذي حققت من خلاله العديد من الإنفرادات، حيث كانت أول إعلامية تصل إلى “حلايب وشلاتين” لتنقل صورة حية من واقع مشاكل الناس، وحياتهم. بهذه المسيرة الناجحة، لا نعتقد أن تكون “دريم” هى المحطة الأخيرة فيها، فلازال أمام الإعلامية البارزة الكثير لتقدمه،.
أما عن أبرز التكريمات التي حصلت عليها، فهى ترى أن أفضل تكريم حصلت عليه في حياتها، كان من سيدة لا تعرفها، استوقفتها قبل سنوات و قالت لها ” بخلي أولادي يتفرجوا عليكي عشان يتعلموا منك “، وهى الكلمة التي ترن في آذنها قبل كل هواء.