لابد أن تذهبوا للعلاج النفسي!
هكذا علق مذيع البرنامج يوسف الحسينى على بعض الأحداث المحزنة التى وقعت فى الأيام الأخيرة، كان يخاطب المشاهدين ويدعوهم لذلك و يؤكد لهم أنه سيبدأ بنفسه ويذهب للعلاج النفسى عند أحد أصدقائه الأطباء النفسيين.
والمسألة ليست أننى أتفق معه أو أختلف وإنما أرى أن العلاج الحقيقى لهذه السلوكيات ليس مجرد علاج نفسى.
تحدث مقدم البرنامج عن حادثة تعذيب وقتل بعض الحيوانات على يد بعض الشباب مؤخرا، وأيضا علق على قفز بعضهم إلى جبلابية القرود، ما الذى يدعوهم لذلك؟ هل ليشعروا ببعض المتعة لمجاورتهم للقردة!!
والحقيقة أننى أرى أن العلاج النفسى قد يكون مجديا إذا ذهب هؤلاء لطلبه بأنفسهم حقا، ولكن مثل تلك الحوادث التى أتمنى أن تكون فردية، لها دلالات خطيرة.
دلالات كلها تشير لتدنى المستوى الأخلاقى فى المجتمع المصرى، فما الحل فى ذلك؟
لازلت أذكر دروس مادة العلوم زمان فى المدرسة الإبتدائية عندما كنا نرى فى صفحاتها صورة عليها علامة خطأ للفتى ذى الأسنان المسوسة، علامة خطأ على طبق طعام يقف عليه الذباب، علامة خطأعلى طفل يعاكس كلبا، علامة خطأ على آخر يرمى القمامة فى الشارع، وعلامة صح على الصور التى تعكس سلوكيات جيدة، تعلمنا ذلك فى دروس مواد العلوم والقراءة والتربية القومية.
لازلت أذكر صفات المؤمن الذى لا يكذب أبدا، لا يشتم، يرحم الكبير ويعطف على الصغير، لا يخون، لا يؤذى مخلوقات الله، يميط الأذى عن الطريق، ولا يضر أحدا، يكرم جاره، يكرم ضيفه ….إلخ
إذا كانت بعض الأسر المصرية قد أصابها من الجهل أو التبلد ما أصابها فلم تعلم صغارها أبسط مكارم الأخلاق، فأين مناهج تعليم المرحلة الأساسية التى تؤهل الطالب ليكون مواطنا صالحا لنفسه ولغيره؟
أين الدروس الأسبوعية فى المساجد والكنائس ؟ أين حملات التوعية لمنع مثل هذه السلوكيات من قبل المواطنين؟ أين القانون الذى لا يترك مثل هذه السلوكيات( كتعذيب وقتل الحيوانات أو مخالفة قواعد النظام فى الحدائق العامة، وغيرها) دون حساب أو عقاب؟
حادثة أخرى عرضها برنامج السادة المحترمون هى تصوير فيديو لواقعة تعدى من بعض المدنيين ( ربما تابعين للأمن)على مواطنين آخرين بالعصا لتزاحمهم على شراء أنابيب بوتاجاز فى قرية بأسيوط، هذه فى حد ذاتها مأساة إنسانية خاصة عندما يشمل الإعتداء النساء، ويزيد منها وجود رجل عسكرى ذو رتبة بينهم، وتساءل المذيع ونتساءل معه، لم لم يحرك رجل الأمن ساكنا عندما رأى ما يحدث حوله؟ هل كان هؤلاء المعتدين رجاله؟ لمصلحة من ما يحدث؟ وأين إحترام آدمية هؤلاء الفقراء الذين دفعهم عدم توافر هذه الأنابيب للتجمهر عند منفذ توزيعها لشرائها بثمنها الحقيقى 8 جنيهات بدلا من شرائها من تجارها بالسوق السوداء ب60 جنيه، من المسؤل عن هذه المشكلة، ولم لا يتحرك لحل هذه الأزمة؟ من يصون لهؤلاء كرامتهم فى وطنهم؟ هل هناك قوانين يسارع بتطبيقها فى مثل هذه الحوداث أسوة بقضايا أخرى يحكم فيها سريعا؟
المشكلة أيضا أن هؤلاء الفقراء يعودون إلى بيوتهم بعد الإعتداء عليهم وقد إعتادوا هذه المهانة باليد أو باللسان كأسلوب قد يكون يومى فى التعامل معهم، لكنهم للآسف لن يبثوا آلامهم لأحد سيبتلعونها كقرص دواء مرير فرض عليهم بسبب فقرهم وتدنى مستواهم الإجتماعى.
السادة المحترمون برنامج فعلا محترم، تحية لنموذج مشرف لما ينبغى أن يكون عليه الإعلام الهادف الذى يسعى لتصحيح أى خلل يستشعره فى المجتمع، بجرأة وضمير حى.
نقلًا عن “التحرير”
الحسيني بعد قتل “كلب شارع الأهرام”: هروح لدكتور نفسي
شيزوفرينيا أكرم الشرقاوي في عرض كبير