كثيرًا ما اعترضنا على إصدار بيانات رسمية “مجهلة” من اتحاد الإذاعة والتليفزيون “سابقا” والذي أصبح في غضون دقائق بكل ما يملكه يحمل اسم “الهيئة الوطنية للإعلام”، عندما كان الاتحاد قائما، وتحديدا بعد ثورة 25 يناير اتبع قياداته نظاما أدار البيانات الرسمية بصيغة “مجهلة” لا تذكر اسم المصدر ولا تشير إليه على طريقة “اللهو الخفي”.
استمرت الوضع على هذا النحو لعدة سنوات، وفي أكثر من مواجهة مع قيادات ماسبيرو، كان يشير أغلبهم أن السبب في ذلك، يرجع لعدم امتلاكهم صلاحيات كافيه، وهو ما يجعل الجميع يتهرب من البيانات “الرسمية” حتى لا يُنسب له أي خطأ، كما استمروا لسنوات يرفضون الإدلاء بأي تصريحات صحفية عن الأزمات التي تحيط بماسبيرو، في حين أنهم في الجلسات المغلقة يتحدثون بكل حرية وشفافية، ولكن عندما يصل الأمر إلى النشر، تجدهم يتراجعون عما قالوه ويرفضون نشره.
كان من الممكن أن نعذرهم في السابق، ولكن مع تغير الأوضاع، وتحول اتحاد الإذاعة والتليفزيون “في غمضة عين” إلى الهيئة الوطنية للإعلام، وحصول أعضائه على صلاحيات أكبر، فيجب أن يحدث تغيير جذري في هذا الفكر العقيم، وعليهم أن يرسخوا لمدرسة إعلامية جديدة قادرة على المواجهة، واعلان رؤيتها بشكل واضح دون خوف أو تردد. لم نتوقع أن يصدر البيان الأول من الهيئة الوطنية للإعلام بهذه الصيغة الركيكة، والتي تضمنت نفيا لما نشر حول إلغاء منصب رئيس القناة واستبداله بمدير برامج، من خلال مصدر مسئول “مجهل” لم يذكر البيان اسمه، من حق رئيس الهيئة وأعضائها أن ينفوا ويوضحوا الحقائق، ولكننا كعاملين في مهنة الصحافة من حقنا أيضا أن نعرف من هو مصدر هذا النفي، هل هو رئيس الهيئة الجديد أم أحد الأعضاء؟!.
أما الفقرة الثانية من البيان الصحفي هي الأكثر غرابة على الإطلاق، فالمصدر “المجهول” يناشد وسائل الإعلام كافة بتحري الدقة فيما ينشر عن الهيئة من أخبار، تجنبا لإثارة البلبلة (على حد وصفه)، ويضيف أنه على الجميع التواصل مع المركز الصحفي للتأكد من صحة الأخبار قبل نشرها، وهنا نجد أن المفاهيم لم تتغير لدى المسئولين الجدد عن الهيئة الوطنية للإعلام، يستمرون في تجهيل المصدر ويطالبون بالتواصل مع المركز الصحفي لهم قبل النشر، معتبرين أن من ينشر أخبارا غير أخبار المركز الصحفي يسعى لإثارة البلبلة.
نضيف إلى ذلك أن أعضاء الهيئة ورئيسها حتى اليوم يرفضون الرد والتواصل مع وسائل الإعلام لتوضيح أي أمور متعلقة بمستقبل هذا الكيان، مكتفين بإرسال البيانات الرسمية “المجهلة” فقط دون ذكر مصدرها، وكأن المصدر المسئول أو بمعنى أدق “المجهول”، لا يعرف معنى كلمة صحافة وإعلام، ولا يعي جيدا دورهما.
أخيرا وقبل أن نختم، على “اللهو الخفي” صاحب البيانات الرسمية “المجهلة” أن يستثمر صلاحياته جيدا، ويعيد صياغة الأمور ليشعرنا جميعا كمهتمين ومتابعين لهذا الملف، أن هناك تغييرا حقيقيا وجذريا، بداية من المفاهيم الصحيحة لدور الإعلام، ومرورا بالقرارات التي يتم اتخاذها مستقبلا، وعليه أن يقدر جيدا دور الصحافة والإعلام ويتواصل معهما بعيدا عن البيانات مجهولة المصدر.