نعيمة عاكف.. عفريتة الفن التي لم يسعفها العمر

فاتن الوكيل

يمر اليوم 23 إبريل، ذكرى وفاة الفنانة والراقصة نعيمة عاكف، التي توفت عن عمر 37 عاما فقط، بعد حياة قصيرة لكنها غنية فنيا إلى حد كبير. وتوفت إثر إصابتها بمرض سرطان الأمعاء، والذي تسبب لها في نزيف بالمعدة، توفت بسببه في أحد المستشفيات يوم 23 إبريل عام 1966.

(1)

ولدت نعيمة عاكف في مدينة طنطا بتاريخ 7 أكتوبر، وتأثرت منذ الصغر فنيا بسبب امتلاك والدها “سيرك” يُقدم عروض الرقص خاصة خلال الموالد وأشهرها مولد السيد البدوي.

بعد انتقال نعيمة إلى القاهرة مع والدتها التي فضلت الانفصال عن والد ابنتها لزواجه من أخرى، كانت تلك بداية مرحلة جديدة لدخول نعيمة عالم الفن خاصة عندما استقرت مع أسرتها في شقة بشارع محمد علي، الذي اشتهر في ذلك الوقت بأنه مقر للفنانين والراقصات والموسيقيين. وبالفعل بدأت “نعيمة” مشوارها مع الرقص الشرقي من ملهى “الكيت كات” التي كان يحضر إليه العديد من المهتمين بالفن وخاصة مخرجي السينما.

(2)

لفتت نعيمة نظر المخرج حسين فوزي، من خلال رقصها في ملهى “الكيت كات”، هذا الإعجاب الذي يُعتبر أهم مرحلة في حياة هذه الراقصة نظرا لما ترتب عليه من أعمال ومشوار فني بعد ذلك، حيث أخرج لها أول بطولتها الفنية عام 1948 في فيلم “العيش والملح”.

يذكر أن فيلم “العيش والملح” شهد صعود “وجه جديد” آخر مع نعيمة عاكف، وهو الفنان سعد عبد الوهاب.

“فتحة الخير” التي وجدها حسين فوزي في وجه نعيمة عاكف، الذي لاقى قبول الجمهور، شجعه إلى إخراج فيلم آخر لها، وهو “لهاليبو” عام 1949، والذي يعتبر من أشهر وأنجح أعمالها، ويمكن اعتبار هذا الفيلم ملخصا وافيا عن موهبة نعيمة عاكف، من رقص واستعراضات بعيدة حتى عن الرقص الشرقي المعهود، بالإضافة إلى الغناء، ويأتي التمثيل في نهاية المطاف.

قدمت في هذه الفترة أفلاما أخرى مثل “بابا عريس” و”بلدي وخفة”، و”فورجت”، و”فتاة السيرك”، و”جنة ونار”، و”يا حلاوة الحب” مع الفنان محمد الفوزي، كما قدمت عددا من الأفلام المميزة مع الفنان أنور وجدي مثل “النمر”، و”أربع بنات وضابط”.

(3)

إعجاب المخرج حسين فوزي بنعيمة عاكف تجاوز الإعجاب الفني، حتى انتقل إلى الحب فالزواج عام 1953، وهو الزواج الذي لم يستمر لأكثر من 5 سنوات، ثم تزوجت للمرة الثانية والأخيرة بعد عام واحد من الطلاق، من المحاسب القانوني صلاح الدين عبدالعليم، وأنجبت منه ابنها الوحيد محمد والذي اعتزلت من أجله الفن عام 1964، لكنها مرضت وتوفت بعد عامين فقط من الاعتزال.

(4)

“أحسن راقصة في العالم” هو اللقب الذي حازت عليه نعيمة عاكف من مهرجان الشباب العالمى بموسكوعام ١٩٥٨، وذلك في الوقت الذي كانت تهتم فيه الدولة المصرية بالثقافة والفن وتشجيع تكوين فرق الرقص الشعبيية والتعاون الثقافي بين مصر وباقي الدول خاصة روسيا والصين.

(5)

بالرغم من أن نعيمة عاكف لمعت في الفترة التي تفوقت فيها الراقصات في مجال السينما، وأصبحن فنانات شاملات بحق على رأسهم الراحلة تحية كاريوكا، التي سمح لها العمر بتقديم أعمالا بعيدة تماما عن الرقص والغناء كما كانت تفعل في صباها، فظهرت موهبة التمثيل المجردة مع تطورها شخصيا وفنيا.

لكن هذا الأمر لم نراه مع “نعيمة” التي رحلت مبكرا وربما لو أطال الله في عمرها أكثر كانت قدمت أدوارا تمثيلية أعمق بعيدا عن الرقص والاستعراضات. لكن على كل حال، فنعيمة في حياتها كانت قد قررت الابتعاد عن الأضواء لتربية ابنها الوحيد “محمد”. لكن قبل قرار الاعتزال، ومع ابتعاد تيار السينما تدريجيا عن تقديم أفلام من أجل المتعة والرقص والاستعراض فقط، نجد أن “نعيمة” لم تتمسك بأدوار البطولة، فشاركت مع الفنانة ماجدة في فيلم “بياعة الجرايد”، لكنها اختتمت حياتها الفنية بفيلم ملئ بالاستعراضات والرقص، واستطاعت أن تنجح فيه بعيدا عن احتكار زوجها السابق، حيث شاركت مع فريد شوقي عام 1964 في فيلم “أمير الدهاء”.. لترحل بعد ذلك “عفريتة” الفن نتيج مرض السرطان.