منذ فترة والكوميديا الجيدة في السينما المصرية تشهد تراجعا وتحديدا في السنوات الخمس الأخيرة بعد أن سادت موجة كوميدية “مسفة” بشكل لافت أعتمدت على الإفيهات والتلميحات الجنسية لإنتزاع الضحكات من الجمهور، وذلك بعد تراجع وإختفاء نجوم الكوميديا وأعمالهم السينمائية في الخمس سنوات الأخيرة فأصبح البديل الموجود سيء جدا ونادرا ما تجد فيلما كوميديا على مستوى جيد بالرغم من أن الجيل الحالي ظهر من خلال موجة أفلام الكوميديانات الجدد في بداية الألفية الجديدة إلا ان الكوميديا اقتربت أن تختفي من السينما الحالية! ولذلك كان لدي رغبة للتعرف على تجربة سينمائية جديدة من بطولة ثلاث كوميديانات قادمين حديثا لساحة البطولة السينمائية وهم الثلاثي محمد ممدوح وأكرم حسني ومحمد ثروت مع فيلم “بنك الحظ” من إخراج أحمد الجندي والذي له عدد من الأعمال الكوميدية ومن تأليف مصطفى صقر ومحمد عزالدين.
ما شهدته من مستوى عام للفيلم فاق توقعاتي فالعمل جيد فنيا ويقدم كوميديا راقية معتمدا في قصته على تيمة سبق وقُدمت كثيرا “اللصوص الأغبياء” وهي بالطبع تخلق مساحة كبيرة للمواقف الكوميدية وظهر ذلك في أكثر من موقف خلال أحداث الفيلم أنتزعت الضحكات كثيرا من الجمهور ولكن المخرج أحمد الجندي انشغل أكثر باستعراض مهاراته الاخراجية على حساب المواقف الكوميدية ومع ذلك يظل من أفضل تجاربه الإخراجية مؤخرا ونجح في صناعة فيلما يقدم كوميديا جيدة و”مسلية” جماهيريا وخلق مواقف كوميدية بتصوير وخدع بصرية بعضها جيد جدا ساهم في توصيل المشاهد المضحكة للجمهور مثل إكتشاف أحد الابطال لفقده “اصبعه” وكذلك مشهد إكتشافهم لأقنعة الوجوه أثناء تنفيذ عملية السطو، ولكن في نفس الوقت جاء مشهد مقاومة حارس الأمن الرجل “العجوز” للصوص ساذجا وغير مقنع رغم إنه كان من المفترض أن ينتج عنه موقفا كوميديا مضحكا ولكن الجمهور استقبله بفتور! وكذلك إختفاء العنصر النسائي من البطولة كان نقطة ضعف فلا توجد الصديقة أوالحبيبة لأحد الابطال وظهر عن طريقة حضور شخصية الأم “لبنى محمود” والسيدة الجميلة التي تظهر أثناء السرقة وتقوم باغراء الجميع داخل البنك “سامية الطرابلسي”.
الجمهور ينتظرها
وتظل الكوميدية الجيدة التي تساهم في إمتاع المشاهدين هي شكل سينمائي فني صعب جدا تقديمه ولذلك فالترحيب بتجربة “بنك الحظ” تقول أن الجمهور يبحث عن الكوميديا بشدة وينتظرها طوال الوقت.
جاء إختيار الثلاث ممثلين محمد ممدوح وأكرم حسني ومحمد ثروت كأبطال جيدا ومقنعا للجمهور كأصدقاء والمفاجأة كان أداء أكرم حسني والذي أخيرا وجد ضالته كممثل مع هذا العمل وتميز أداءه بالسلاسة والاقناع في مواقف الفيلم المختلفة وهو أكثر الثلاث أبطال إستفادة من هذا العمل.
اما محمد ثروت هو ممثل كوميدي موهوب يملأ الأعمال الدرامية المختلفة كعادة اي ممثل يلفت النظر ولكن لديه مشكلة تكرار الأداء بشكل لافت فلا تستطيع تميز عملا عن أخر له وعليه التفكير أكثر فيما يقدمه من أعمال وشخصيات متشابهة.
أما البطل الأكثر شهرة وموهبة بين الثلاثة محمد ممدوح بالطبع وفق جدا باختياره لهذا العمل الكوميدي لاني لازلت أرى انه مشروع نجم كوميدي منذ لفت الانظار في فيلم “بيبو وبشير” ولكنه قدم أعمالا لافتة درامية فيما بعد نجح فيها ايضا وأصبح المخرجين يضعونه أكثر في هذا القالب، وأرى أن يظل في تقديم الكوميديا الخالصة لانه يملك موهبتها ويجيدها ولديه الكثير ليقدمه كممثل كوميدي.
في كل الأحوال التجربة في صالح صناعه خاصة بعد تحقيقه إيرادات جيدة مقارنة بأنتاجه وأبطاله وهي الأكبر في موسم “عيد الربيع” وتقترب من المليون الثالث رغم انه ليس من بينهم نجم شباك سينمائي.