عندما حكمت السلطات المصرية هذا الأسبوع على الناشط علاء عبد الفتاح، الذي يوصف بأنه أحد “رموز” الثورة المصرية في عام 2011، بالسجن 5 أعوام توقعنا أن يجذب هاشتاغ #FreeAlaa عددا كبيرا من المستخدمين على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، مقارنة بما حظيه حساب علاء عبد الفتاح نفسه على توتير من متابعة وزيادة شعبيته على نحو وصل إلى 700 ألف متابع لتغريداته عندما دبت خلافات بينه وبين السلطات المصرية من قبل، إذ استخدم الهاشتاغ 30 ألف مرة في العام الماضي (كما ذكر اسمه في تغريدات 120 ألف مرة).
لكن الوضع اختلف هذه المرة فلماذا؟
تتلخص قصة علاء عبد الفتاح في أنه مدون على الإنترنت ومهندس كمبيوتر اشتهر قبل ثورة 2011 وبعدها باستخدامه لغة مسيئة وانتقادات عامة لرموز دينية وللجيش على حد سواء.
وأصبح علاء وزوجته منال (وهي أيضا مدونة) “زوجين مؤثرين” على مواقع التواصل الاجتماعي بعد الثورة المصرية في عام 2011. كما أدت ممارساته إلى توجيه اتهامات وسجنه عدة مرات منذ عام 2006. وفي ظل حكومات عديدة تعاقبت على البلاد منذ الربيع العربي، كان يحظى هاشتاغ #FreeAlaa باهتمام المستخدمين في كل مرة واجتذابهم.
وفي مطلع الأسبوع الجاري أدين علاء بتهمة تنظيم تظاهرة في عام 2013 أمام مبنى مجلس الشورى المصري، حيث كان يتظاهر مجموعة من الشباب المصري احتجاجا على حق الحكومة في محاكمة مدنيين أمام محاكم عسكرية. وأصبح الاحتجاج بدون إذن في الآونة الأخيرة جرما في مصر، وفرضت عليه غرامة وحكم عليه بالسجن 5 أعوام.
ولم يحقق هاشتاغ #FreeAlaa سوى ظهور متواضع على مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يتعد نطاق استخدامه دائرة النشطاء.
ويبدو أن ملايين المصريين العاديين الذين أظهروا دعما للمتظاهرين على مواقع التواصل الاجتماعي خلال السنوات الماضية غير مبالين هذه المرة على نطاق كبير.
وأفضى الاحتجاج خارج مجلس الشورى إلى معاقبة 24 آخرين، لكن أسماءهم لم يجر تداولها على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي أيضا. كما أطلق نشطاء هاشتاغ باسم القضية بالكامل، لكنه لم يحظ بالتداول بين المستخدمين سوى مئات المرات.
فقدان للتعاطف
قالت نرفانا محمود، وهي طبيبة مصرية داعمة للثورة ومدونة على الإنترنت، لبي بي سي ترند “هناك فقدان للتعاطف في مصر هذه الأيام. قبل خمس سنوات كان يمثل ذلك حدثا كبيرا وكان رد الفعل سيكون مختلفا.”
وأضافت أنه بعد حادثة ذبح 21 قبطيا في ليبيا وهجمات المتشددين على الأراضي المصرية، أصبح المصريون غير مكترثين لقبض السلطات على النشطاء، وقالت “المصريون لا يهتمون على الإطلاق، لقد فقد الناس الإيمان في الثوريين، وبدأوا ييأسون منهم. فلم يحدث أي شئ يفعلونه أي تغيير.”
ثم جاءت الطريقة التي يتصرف بها علاء عبد الفتاح نفسه على الإنترنت. فانتقاده اللفظي للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي تولى الرئاسة بعد احتجاجات شعبية على نظام حكم جماعة الأخوان المسلمين، واستخدامه الألفاظ النابية كلفه فقدان تعاطف الكثير من الناس معه.
وتقول آية عبد الله، مديرة قسم التواصل الاجتماعي بموقع صحيفة “المصري اليوم” الإخبارية :”اعتبره البعض أنه بلغ حد التجاوز.”
ويقول حاليا بعض أنصار علاء السابقين إنه يستحق العقاب، وفقا لما شاهدته آية من تعليقات، وكتب أحد المستخدمين تغريدة قال فيها :”في كل مرة أبدأ في التعاطف مع علاء، يرد أحد الأشخاص بتغريدة قديمة له (علاء) وأقول بعدها إنها يستحق ذلك لأنه غبي.”
ولم يحدث اختفاء كامل لدعم المحتجين على مواقع التواصل الاجتماعي المصرية. وكما ذكرت بي بي سي ترند الشهر الماضي، نشر 130 ألف شخص رسائل تتعلق بمقتل شيماء الصباغ، التي قتلت في اشتباكات خلال مسيرة بمناسبة إحياء الذكرى الرابعة لثورة 2011.
وقالت نرفانا محمود :”قصة شيماء كان كبيرة لأنها قتلت. وكانت الصور قوية جدا.”
كما ساعدت الاحتجاجات الشعبية ضد حكم الاخوان المسلمين في 2013 ودعم الجيش في تغير المناخ على مواقع التواصل الاجتماعي. فهناك حاليا أمام كل هاشتاغ يدعم أحد المحتجين المؤيدين للثورة، حملة مؤيدة للحكومة تهدف للتصدي لهذا الهاشتاغ.
وقال كمال سيدرا، استشاري في مجال الإعلام الرقمي ومدير سابق لمنظمة حقوقية في مصر، لبي بي سي ترند إن علاء أسهم في زيادة السخط نتيجة سوء استخدامه للإنترنت عندما نشر تعليقات تتعلق بشباب الثورة. وأضاف :”الناس فقدت الإيمان بالتغيير الإيجابي الذي يمكن أن تحدثه الثورة واقعيا. الشباب الذي أشعل الثورة إما خلف القضبان أو قتل أو هم ممنوعون من السفر أو خائفون مما قد يحدث.”
ومازال الهاشتاغ المصري القديم “الثورة مستمرة” نشطا، إذ تم رصد 47 ألف تغريدة الشهر الماضي، لكن نصف هذه التغريدات جاءت من دول أخرى في الربيع العربي، والكثير منها جاء من دائرة صغيرة نسبيا لنشطاء مواقع التواصل الاجتماعي. ولا يبدو أن ذلك خطوة تلهم دائرة أوسع من الناس.
ويقول سيدرا :”ربما يأمل هؤلاء الناس في عدم انتهاء الثورة، لكن الواقع يدل على أن الثورة فقدت دعمها الشعبي.”
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي المصرية ضجيجا وحالة غضب كبيرة هذا الأسبوع، لم تكن بشأن سجن نشطاء، لكن بشأن فيديو يحتوي على مشاهد مؤلمة لكلب مكبل بالسلاسل في أحد أعمدة الإنارة ويتعرض لهجوم عنيف من قبل مجموعة من الرجال في شارع الأهرام في القاهرة.
وظهر هاشتاغ يحمل اسم “كلب شارع الأهرام” وسجل أكثر من 25 ألف رسالة احتجاج على القتل الوحشي للكلب. واستجابت السلطات المصرية للغضب الشعبي وألقت القبض على ثلاثة مشتبه بهم في تعذيب وقتل هذا الكلب.بحسب ماذكر موقع BBC عربي