حسين السيد
بمناسبة الارتفاع الكبير في أسعار الكتب بعد تعويم الجنية، وآثار الأزمة الاقتصادية التي ألقت بظلالها على المجتمع الثقافي المصري وسوق الكتب، أجرى “إعلام دوت أورج” حوارًا مع عماد العادلي المستشار الثقافي لسلسلة مكتبات ألف، والذي خصنا بهذه التصريحات:
1- صناعة الكتاب تأثرت بالسلب نتيجة للظروف الاقتصادية الحالية، كل الأدوات المستخدمة في الصناعة مستوردة، الأوراق والأحبار وغيرها، لذلك فارتفاع الأسعار منطقي.
2- الارتفاع في الأسعار غير متناسب مع الزيادة التي حدثت في تكلفة إنتاج الكتب، ولو رفع الناشر الأسعار بمقدار الزيادة لما استطاع البيع نهائيًا.
3- خسرنا العديد من القراء نتيجة للأزمة الاقتصادية، البعض حول الجزء الذي كان يقتطعه من دخله لشراء الكتب إلى شراء ضرورات حياتية أخرى، والبعض ذهب إلى سوق “المضروب” واشترى كتبًا مزيفة.
4- لا أحد يواجه سوق الكتب “المضروبة” بحزم، وكل الإجراءات التي تُتخذ ضدها مؤقتة وسرعان ما يزول أثرها، هذه السوق تهدد صناعة الكتب في مصر بشكل رهيب.
5- في بعض الأحيان يكون عدد الكتب الشرعية في السوق ثلث عدد الكتب المزورة التي تباع لنفس الكتاب، لو دخلت هذه الأرباح إلى ميزانية الناشر لاختلف الأمر تمامًا، الموضوع يؤثر تمامًا على الناشرين، ولكن المزورين يعرفون تمامًا أنه لا رادع لتزويرهم، مجرد غرامة.
6- الطبعات الشرعية يدخل في سعرها حقوق المؤلف، والمصممين، والمراجعين اللغويين، والموزعين وغيرهم، خلية نحل كاملة تعمل على صناعة الكتاب، النسخ المزورة تهدر حقوق كل هؤلاء، وتهدد “بقطع عيش” الذين يعملون في هذه الصناعة.
7- الدولة يجب أن تتدخل بحزم ضد سوق الكتب المزورة، لابد أن يكون هناك إرادة حقيقية للتعامل مع الأمر، والأمر الثاني هو أن الدولة يجب أن تدعم بشكل مباشر سوق الكتاب، تخفض الضرائب، أو تتخذ إجراءات تشجيعية للناشرين والمكتبات، المسألة مسألة أمن قومي، كل قارئ تكتسبه تخسر أمامه إرهابي أو متطرف.
8- يجب على الناشرين أن ينوعوا من أشكال طبعاتهم ما بين الفاخر والشعبي، والطبعات الشعبية قد تكون حلًا للقارئ ذي الدخل البسيط.
9- لو كانت المكتبات متوحشة في الربح لما أغلقت العديد منها أبوابها، مكتبة الشروق في الزمالك مثال متكرر، وعدد كبير منها يغير نشاطه اليوم، فبعض إيجاراتها يتعدى سعرها 100 ألف جنية، وتكاليف تشغيل بعض فروع المكتبات تتعدى أرباحها.
10- الوضع الاقتصادي الحالي جعل الاستثمار في الكتب صعب، شأنه شأن أي استثمار آخر، نحن نحاول كسر المركزية في فروعنا، وفتح أسواق جديدة، الميزة هنا أن سوق الكتاب لديه أبواب جديدة يمكن للمستثمر طرقها، أماكن كثيرة في مصر لا يتواجد بها مكتبات، يمكن أن يكون القائمين على أمور الاستثمار في الكتب يعولون عليه.
11- رقميًا عدد الذين يقرءون الـPDF قليل جدًا بالمقارنة بعدد قراء الكتاب الورقي، ومن ثم لا أعتقد أن هناك اتجاه حاليًا لدى المكتبات لفتح متاجر إلكترونية، لأن الطلب ليس بالقدر الكافي الذي يشجع على ذلك، ربما في المستقبل لو تزايدت أعداد قارئي الكتب الإلكترونية فمن الممكن أن تفكر المكتبات في خوض تلك التجربة.
12- بمنتهى الصراحة قوتنا الناعمة تراجعت في الثقافة العربية، هناك أسواق جديدة فتحت تنافسك اليوم في كل مجالات الثقافة، أصبحنا متقدمين بنحو أربع أو خمس خطوات فقط، بعد أن كنا متقدمين بعشر أو خمسة عشر خطوة، عدد المصريين الذين حصلوا على جائزة البوكر العربية قليل جدًا ونصيبنا من الجائزة جائزتين فقط، هذا الرقم عجيب وغير لطيف للغاية.
13- الكتب الأكثر مبيعًا ليست دليلًا على الجودة بل الجماهيرية، حصول فيلم محمد إمام “جحيم في الهند ” أو فيلم محمد رمضان على أعلى إيرادات هل يعني أن هذه الأفلام هي الأفضل في تاريخ السينما المصرية؟ بالطبع لا، ولكن هذه الفئة التي تخاطب الجمهور لا تزدري كونها تخاطب فئات أنت أهملتها تمامًا في منتجك الثقافي.
14- بعض الروايات والكتب لا يجب تصنيفها أدبًا من الأصل، ولكن هذه الروايات خاطبت فئة الشباب، وبالتالي لا يجب ازدراء هذا الأمر، ويجب توجيهه والخروج منه إلى ما هو أفضل.
15- قد يتعجب البعض حين أقول أن الدولة مسئولة عن حالة التردي الأدبي، لكن الأمر طبيعي، في حالات الانهيار الحضاري ينشأ عن ذلك أدب ضعيف، وفي حالات القوة والازدهار الحضاري ينشأ آخر قوي، الظرف السياسي أثر علينا أدبيًا، وما حدث عقب الثورة أربكنا، وما أن نلتقط أنفاسنا وتبدأ الأمور في الاستقرار فأعتقد أنه يمكننا حينها صناعة أدب أقوى، واستعادة ريادتنا الثقافية مرة أخرى.