تجربة شخصية: أحمد حامد دياب
“في اليوم الذي يتآمر فيه العالم أجمع ضد مصر وفي الوقت الذي تخلى عن مصر في شدتها الحليف قبل الحقود.
في الوقت الذي تبذل فيه قنوات عربية الجهد وينفق فيه أمراء عرب ورؤساء مسلمون ملايين الدولارات ليثبتوا للعالم أن مصر بلد غير آمنة.
يأتي إلينا اليوم البابا فرنسيس ليزور كنانة الله في أرضه التي باركها بأنبيائه أولي العزم من الرسل كعيسى وموسى والتي تجلى عليها الله وكلم موسى على أرضها والتي كان يوسف عزيزها وحاكم على خزائنها والتي شرفها يعقوب وغيره من الأنبياء والمرسلين.
يأتي اليوم فرنسيس رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم ليقول للعالم أجمع فضلاً عن أتباعه أن مصر آمنة مطمئنة مبارك شعبها.
كل كلمات الشكر لن تفي بابا الفاتيكان حقه جراء هذه الزيارة التي قام بها والتي تذكرنا بالبابا الراحل يوحنا بولس.
دعوات قلبية أن يحفظه الله وأن يعيده إلى بلاده سالماً غانماً وأن يمتعه الله بحفاوة الاستقبال وأن يمتعه الله بمصر وهوائها الذي تنفس فيه الأنبياء والشهداء والصالحين”.
كانت هذه الكلمات التي نشرتها على صفحتي الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” كفيلة بأن أتلقى الهجوم الذي لم أكن أتوقعه والذي وصل إلى الطعن في إيماني وإسلامي وعقيدتي!!
كل ذلك لأني دعوت الله بأن يحفظ ضيفا -مسيحيا- جاء إلى بلادنا وتحدى تحذيرات الأجهزة الأمنية في أكبر دول العالم والتي حذرته من القدوم إلى مصر التي شهدت تفجيرات إرهابية إستهدفت كنيستين منذ أيام.
والحق أقول أني حسبت نتائج هذه الزيارة من الناحية السياسية والمكاسب التي ستعود على مصر في المجال السياحي، نظراً لكثرة أتباع الكنيسة الكاثوليكية التي يرأسها فرانسيس و يربوا عددهم عن خمس سكان الكرة الأرضية.
كان شغلي وهمي أن يرجع هذا الرجل إلى بلده آمناً مستمتعاً بالأمن الذي وعده الله لمن يدخل مصر كما ذكر القرآن الكريم: “ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ” (99 يوسف).
وكان خوفي أن يصاب هذا الرجل بأى مكره فتسوء سمعة مصر العروبة والإسلام ويدحض الملحدين وغيرهم أمن الله الذي وعده لمن يدخلها والذي يتحدى هذا الوعد ثلة من الخوارج عملاء الحركة الصهيونية العالمية في خسة وندالة بين الحين والآخر.
لن أدافع عن دعوتي للبابا بأن يحفظه الله ذلك لأني استننت بسنة النبي محمد “صلى الله عليه وآله وسلم” الذى سقاه يهودي فدعا له قائلاً “جملك الله” فلم يروا الشيب في وجهه ولا رأسه حتى مات، ولكن الجرس الخطير الذي أود لفت الآذان له أن أخلاق المصريين تغيرت كثيراً وأن الرياح الوهابية التي حملها “السباكين والصنايعية والسائقين” -مع احترمي لكل مهنة شريفة- على منابر مساجدنا في فترة سمحت فيها حكومة مبارك لهؤلاء بأن يبنوا مساجد ويفتحوا قنوات وينفقوا مليارات لنشر فكرهم القائم على كراهية الآخر وتكفير المسلم الحالف بالنبي، فضلاً عن الكافر بالإسلام أصلاً المنهي عن عدم بره طالما لم يقاتلنا.
ظل هؤلاء يصعدون درجات المنابر ليكفروا من يخالفهم ويزرعوا الكراهية بين الناس ويدعوا علانية على المسيحيين قائلين “اللهم عليك بالنصارى ومن ناصرهم” فيما لم يرد مطلقاً عن النبي الذي دعى لمن ضربوه وشجوا وجهه وقتلوا أصحابه قائلاً “اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون”.
وكان الأزهر الشريف في تلك الأيام في أضعف حالاته، سواء كسلاً أو انهزاما في حرب شنتها عليه دول تملك المليارات وتريد نشر فكرها الوهابي المتشدد ليصبح الإسلام هو دين التشدد وليصبح “بن لادن والظواهرى وغيرهم” هم أبطال الدين الذي أرسل الله رسوله به رحمة للعالمين.
الأمر الآن أصبح خارج حلقة تجديد الخطاب الديني الماسخ مضمونها والمائع معناها بل أصبح الأمر متعلقاً بأخلاق المصريين التي تغيرت للأسوأ منذ دخول هذا الفكر لمصر، وشهدنا جميعاً جرائم كنا نتهم من يؤلفها في روايات خيال علمي، بالسفه والجنون.
وأصبح الواجب الآن هو تجديد الخطاب الأخلاقي وتعريف الناس بحقيقة الأديان سواء مسلمي هذا الوطن أو أقباطه، والذي قدم الناس فيه العيب عن الحرام وتحرش فيه المدرس بتلميذه وتحرش فيه الطالب بمدرسته وتجرأ الأب على بناته والقائمة في شرحها تطول وتطول.
انقذوا أخلاق المصريين فالمصريين هم أخلاقهم ما بقيت فإن استمرت أخلاقهم هكذا ذهبوا.