محمد أبو مندور يكتب: شنطة كل سنة

صحي من النوم ونزل من البيت وقرر يروح الشغل، قابله صاحبه قال له انت رايح فين؟ فرد رايح الشغل!، فاستنكر صديقه وقال هو انت مش حاسس بأي حاجة كده على طول؟؟ فرد بتساؤل : هو انا المفروض احس بإيه ولا مؤاخدة؟؟!! فعالجه الصديق برد مفاجئ صارخاً في وجهه قائلاً رمضان داخل علينا فنظر له مستغرباً : داخل علينا فين؟ ده لسه شهر تقريباً!!
قد يحدث هذا الحوار بينك وبين صديقك، وقد تتسائل هل رمضان داخل بالفعل؟ ام اننا نقع ضحية الحملات التسويقية للسلاسل التجارية والهايبر ماركت، أدخل الي اي منها ستجد انها قد ازدانت بديكروات رمضانية وفوانيس وتذيع اغاني وحوي يا وحوي واهلا رمضان، بل ان تلك السلاسل بدأت بالفعل في تجهيز شنطة كل سنة بما يسمى شنطة رمضان.

تلك العادة المستحدثة في السنوات الأخيرة وهو أمر ظاهره التكافل والتراحم وباطنه المزيد من المبيعات وما هو إلا اعادة تعليب وتكوين المعروض بشكل آخر، كل ما هنالك هو تغيير في الشكل وتبقى الاسعار ترتفع وترتفع الى عنان السماء، ولا يهم ذلك احد فالقادر سيجد انه يفعل ما عليه بدفع المبالغ المطلوبة من السلاسل التجارية معتقدا انه بذلك قد قام بما هو واجب عليه وعليه فيبات قرير العين ومرتاح الضمير. في واقع الامر فإن السلاسل التجارية وقعت في مأزق في هذا العام فقاموا بتكوين مجموعة سلع ضئيلة لا تسمن ولا تغني من جوع حتى لا تصبح القيمة السعرية مرتفعة. لكن ما هي القيمة المقدمة؟ الاجابة الحقيقية هي لا شيء فلا يمكن ان يكفي كيس مكرونة وزجاجة زيت ومعهم عبوة سمن ونصف كيلو سكر لإطعام شخص واحد لأي غرض سواء اثناء رمضان أو في اي أثناء.

ما نتعرض له ما هو الا حملات تسويق قوية تخلق سلوك تجاري واستهلاكي لا وعي له ولا قيمة لما تقدمه، فما هي قيمة شنطة رمضان السنوية بالنسبة لمن يستقبلونها في نهاية الأمر؟ وما هي قيمة تلك المنتجات البسيطة التي لا تطعم احداً. في حقيقة الأمر لا من يتلقى تلك المواد التموينية يستفيد ولا اعتقد بالتالي بان المتبرع بها او مقدمها ينال عنها الحسنات التي يتوق اليها، ويبقى المستفيد الوحيد هو من يبيعها ويروج للتسوق قبل رمضان بأكثر من شهر.

جدير بالذكر انا اشتريت شوية مكسرات وياميش رمضان بسعر ممتاز من مكان مميز اوصلني اليه صديقي في الحوار المذكور اعلاه ولا أملك ذكر اسمه هنا، وكل عام وانتم بخير.