رباب طلعت
الشهرة، النجاح، النجومية، أحلام حققوها ووصلوا لها بتعب واجتهاد دام سنوات، إلا أن الموت قرر اختطافهم في عز سطوع نجمهم، تاركين ورائهم أعمالهم، التي خلدتهم في قلوب جماهيرهم.
نرشح لك: نجوم خطفهم الموت (1).. علاء ولي الدين رحل فجأة بعد صلاة العيد
في ظهر الاثنين، 10 مايو 1993، فارقت الفنانة هالة فؤاد، الحياة، بعد صراعٍ مع السرطان دام 4 أعوام، داخل مستشفى الصفا، عن عمر يناهز 34 عامًا، بعد تدهور حالتها، إثر إصابتها بالتهاب رئوي حاد، عقب وفاة والدها المخرج أحمد فؤاد، ودخولها بسبب خبر وفاته في غيبوبة، من شدة حزنها عليه.
جاء خبر وفاة الفنانة الرقيقة، التي اعتزلت الفن وارتدت الحجاب، في عز شهرتها، وقبل وفاتها بعامين، بسبب مرضها، الذي أنهك جسدها، وعرفت منه أنها على مشارف الموت، خاصة بعد قربها منه بالفعل خلال ولادتها لطفلها الثاني “رامي”، صدمة على كل المحيطين بها، إلا أنه زلزل طليقها الفنان أحمد زكي، الذي لم يحب سواها، ليحاول الانتحار، من شدة انهياره بسبب فراقها، متهمًا نفسه بقتلها، كما تلقاه زوجها رجل الأعمال عز الدين بركات، في محبسه، بسبب القبض عليه قبل الوفاة بيومين، لتحريره شيكات دون رصيد، إلا أن وزير الداخلية وقتها، قرر منحه فرصة المشاركة في تشييع جثمانها، واستكمال التحقيقات معه بعدها، كلمحة إنسانية منه.
مرت “هالة” الفتاة الرقيقة التي ولدت في 26 مارس 1958، وتخرجت من كلية التجارة، ودخلت الفن حبًا فيه، دون الاعتماد على مساعدة والدها، المخرج الكبير، بالعديد من المواقف التي أثرت على حياتها سلبًا، ما جعلها دائمة الحزن، ودامعة العينين، كما يصفها المقربون منها، فتربت تربية قوية جدًا في أسرة بسيطة، لأن والدها مخرج كبير، فلم يكن يعطيها فرصة، لخوفه عليها، من الوسط الفني، وانتقلت من ذلك التزمت، إلى تزمت أكبر في منزل زوجها، أحمد زكي، فلم تتحمل ذلك خاصة بعد إنجاب نجلها الأول هيثم، فزادت المشاكل وطلبت الطلاق، بالرغم من أنه لم يحب غيرها ولم تحب غيره، على حد وصف أصدقائهم، بل وعلى حد وصفه هو بأنه بعدما التقى معها في مسلسل “الرجل الذي فقد ذاكرته مرتين”، ووجدها نموذجًا مثاليًا للزوجة الرائعة، فهام بها وأحبها حبًا كبيرًا لن ينجيه من إلا بأن تصبح زوجته، وتقدم لخطبتها، وتزوجها، وأنجب منها “هيثم”، إلا أن غيرته، جعلته يطلب منها التفرغ له ولابنها، فهو كشاب شرقي، طمح في أسرة كبيرة، و”عزوة”، إلا أن إصراره على اعتزالها وإصرارها على الرفض، تسبب في الطلاق.
قبل طلاقهما نشبت العديد من الخلافات، التي حاول التوسط فيها بعض أصدقائهم المقربين، وكان على رأسهم الراحل صلاح جاهين، الذي سافر معه إلى الإسكندرية، خادعًا إياه بأنه يريد أن يتنزه بها بعد أيام من إجراءه لعملية كبيرة، إلا أنه بالرغم من تعبه، ذهب معه إلى المعمورة، ودخل في إحدى الكابينات، ليجد المخرج أحمد فؤاد، وزوجته وابنه، ويصالحهما “جاهين” عنوة، ليقول له” خش على مراتك يا ولد وصالحها”، فنفذ كلامه خاصة أنه إنسان غالى عليه، ولأن موقفه وتحامله على نفسه لن يفعله والده، على حد وصف “زكي”، للموقف.
ويروي الماكيير محمد عشوب، الصديق المشترك بين الفنانان، كواليس طلاقهما خلال برنامج “ممنوع من العرض” قائلًا: أحمد زكي شخص عصبي لكنه لم يحب في حياته إلا هالة فؤاد، والشيء نفسه أيضا مع هالة، فهي عصبية ولم تحب في حياتها إلا زكي، وتدخل والدها أحمد فؤاد في حياتهم باستمرار كان يفجر أي قضية بينهما، فالحياة بينهما كانت مستحيلة وانتهت علاقتهما بالطلاق.
بعد فترة من طلاقها، من أحمد زكي، أخبرت “عشوب”، بأن والدها أحضر لها عريسًا وهي رافضة للزواج، فسألها هل تريد العودة لأحمد زكي، فهزت رأسها بحزن، بالإيجاب، فذهب للفنان ليحاول الإصلاح بينهم، لكنه رد ردًا صريحًا بأن ذلك لن يحدث إلا عند وفاة والدها أحمد فؤاد، لتتزوج بعدها، وتُنشر صورة لها في غلاف مجلة “الكواكب”، وهي في “الكوشة” مع عريسها، ويجلس تحت قدمها نجلها هيثم ممسكًا بالشمعة، ليثور “زكي” ويدخل في حالة اكتئاب حرضته على الانتحار، إلا أنه لم يقدم عليه.
أنجبت “فؤاد” من زوجها الثاني رجل الأعمال عز الدين بركات، الخبير السياحي، نجلها الثاني “رامي”، في ولادة عصيبة، كادت أن تودي بحياتها، فبعد إفاقتها وجدت، كل من والدتها وزوجها يبكيان عليها، فاكتشفت أنها كانت على بعد خطوات من الموت، لتقرر الاعتزال والتفرغ للعبادة، لأنها رأت الموت بعينها، على حد تعبيرها، ففضلت التوجه لله، والابتعاد عن متع الحياة ومغرياتها، تاركة ورائها 24 عملًا دراميًا وسينمائيًا، أشهرهم فيلم “عاصمة من دموع”، الذي رشحها له المخرج عاطف سالم، وأخذت عليه جائزتين، الأولى من جمعية الفيلم، والثانية من المجلس الأعلى للثقافة، والذي أهلها للوقوف أمام أحمد زكي في الفيلم الذي تعارفا على بعضهما من خلاله.
بعد ولادتها بفترة قصيرة، اتصلت بالماكير محمد عشوب، لتخبره أنها ذاهبة لمستشفى النيل بدراوي، طالبة منه الدعاء ليشفيها الله، وبعد عدة أيام سأل عنها، ليكتشف أن الحالة تدهورت، وبعدها اتصل به شقيقها المخرج هشام فؤاد، ليخبره أنها ماتت، فتوجه لمقر تصوير الفنان أحمد زكي في حي الخليفة، وسأل المنتج محمد السبكي عنه، فسمعت الخبر ممثلة أدوار ثانوية الخبر، فجرت عليه تبكي قائلة: “أحمد البقاء في حياتك”، ليسألها في صدمة عما حدث، لتخبره بأن هالة فؤاد ماتت، ليجري النمر الأسود مقتربًا من السور ليرمي نفسه، محاولًا الانتحار من شدة الصدمة، وينقذه الموجودين، فيبدأ في البكاء و”اللطم”، صارخًا: “أنا اللي موتتها.. أنا السبب”.