أصبح يوم 4 مايو من كل عام مثار مكايدات و”خناق” بين أنصار الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، الذي يوافق اليوم ذكرى ميلاده، ومعارضيه الذين ثاروا على نظامه في 25 يناير 2011. وحتى قبل الثورة، كان اليوم مجالا للفاعليات السياسية المعارضة، أبرزها الدعوة لإضراب عام 2008، أعقب إضراب دعا إليه عمال المحلة في 6 إبريل من نفس العام، والآن أصبح اليوم فرصة لـ”حرقة الدم” ليس إلا، سواء لمناصري مبارك الذي يترحمون على أيامه، أو للثوار الذين يتحسرون على النظام الذي لم يسقط رغم كل ما حدث.
لكن يوم 4 مايو يحمل لنا ذكرى أناس آخرين، لم يكونوا يوما مثارا لجدل سياسي، بل كانوا مصدرا للمتعة والسعادة بالنسبة للمصريين والعرب بوجه عام، ولا يمكن أن يختلف عليهم سواء مؤيدي أو معارضي مبارك، إلا بالطبع في نطاق الاختلاف المقبول القائم على الأزواق الفنية المتعددة. ففي 4 مايو من أعوام مختلفة ولد فنانين وتوفى آخرون، يتذكرهم إعلام دوت أورج.
مواليد 4 مايو
زينات صدقي
البداية مع الفنانة والكوميديانة الكبيرة زينات صدقي، التي ولدت في 4 مايو 1913، وهي من مواليد حي الجمرك بالإسكندرية، واسمها الحقيقي زينب محمد مسعد، امتلكت الجرأة الكافية لأن تهرب من أسرتها إلى الشام، بعد الرفض المتوقع في ذلك الوقت لدخولها مجال الفن.
بالرغم من اشتهارها وبراعتها في أداء دور العانس، إلا أنها في الحقيقة تزوجت مبكرا مرة واحدة، وانفصلت من دون إنجاب أبناء، والحقيقة أن تعداد أفلام زينات صدقي أمر صعب جدا، حيث شاركت في أفلام يفوق عددها الـ 165 عملا، كانت مؤثرة خلالهم حتى بعيدا عن أدوار البطولة، لكن بقيت لها جملها الشهيرة والخاصة جدا بها. ومازالت ذكراها على عكس آخرين، لا تجلب سوى الضحك والسعادة.
عاصي الرحباني
الأثر الذي تركه في مزاجنا الموسيقي وصباحاتنا الفيروزية، واضح وباقي لسنوات طويلة جدا. ولد المحلن اللبناني عاصي الرحباني في 4 مايو 1923، في بلدة أنطلياس بلبنان، والده هو حنّا بن الياس رحباني. و هو موسيقي وملحن لبناني أيضا.
قدم عاصي مع أخيه منصور رحباني العديد من الأعمال الغنائية والمسرحيات الغنائية، تحت اسم “الأخوين رحباني”، وتزوج من الفنانة فيروز ليكونا فريقا فنيا شديد الاختلاف عن السائد في ذلك الوقت.
تحدثت فيروز عن زوجها الراحل في مقابلة تلفزيونية سابقة، مؤكدة انه كان “قاسي” جدا في العمل، ودائما ما تكون القرارات الغنائية والموسيقية الجريئة نتاج أفكاره هو، لأنها بطبيعتها تخاف من المغامرة، لكنه كان يُصر على رأيه ولا يلتفت إلى اعتراضاتها.
ليست “جارة القمر” وحدها المدينة لعاصي الرحباني بالكثير خلال مشوارها الفني، لكن كل من يستيقظ يوميا ليرشف قهوته الصباحية أو يندمج مع موسيقاه خلال العمل، أو قيادة السيارة، ويعتبر ألحانه قُبلة على جبيه وسط زحمة اليوم، مدينا له بالحفاظ على بريق الذكرى.
مها أبو عوف
صاحبة الجمال الذي لا يذبل، تمكنت من الاعتناء بحضورها الفني، خلال السنوات الماضية، وتمكنت مها أبو عوف التي ولدت في 4 مايو 1959، من أن تُخرج نفسها من إطار الفتاة الرقيقة التي شاركت في بداية مشوارها الفني مع شقيقها الأكبر عزت أبو عوف وشقيقاتها الثلاث في تكوين فرقة (فور إم) أواخر السبعينات. إلى أن أصبحت لها أدوارا خاصة.
ربما لا تخرج كثيرا عن أدوار المرأة الراقية، لكنها تمكنت من استغلال هذه الجزئية لتقديما بتنوع إلى حد ما، ما بين الأدوار الـ”لايت كوميدي” مثلما ظهرت في أجزاء “راجل وست ستات”، وفيلم “من نظرة عين”، أو بأدوار جادة، مثل مسلسل “يتربى في عزو”، كذلك ظهرت في دور الزوجة القاسية في مسلسل “الخواجة عبد القادر” وغيرهم بالطبع.
لا يهم أن تُشارك مها أبو عوف بمساحة أدوار كبيرة أو صغيرة، وهو ذكاء يحسب لها، فهي قادرة على جعلنا نتذكر دورها حتى عندما تظهر في مشاهد معدودة في بداية فيلم “أحلى الأوقات” دون حوار يذكر.
بعيدا عن باقي الشخصيات الأكبر عمرا، إلا أن هذا لا يمنع أن نتذكر اليوم ميلاد الكاتب المصري مؤمن المحمدي، الذي ولد 4 مايو عام 1975 بمحافظة أسيوط بصعيد مصر.
المحمدي كاتب صحفي وناقد فني متميز حاصل على ليسانس الآداب قسم اللغة العربية من جامعة القاهرة عام 2005, حيث صدرت له العديد من المؤلفات بداية من “الطريق إلى اللغة العربية”، مرورا بـ”سنة أولى ثورة”، و”الأصنام”، و”أهلاوي”، و”أهو كلام”.
كما صدرت له رواية عام 2013 بعنوان “قانون جديد”، أما في مجال الشعر فصدر له، ديوان باسم “تخاريف خريف”، وديوان آخر بعنوان “عارف يا حسين”، ويعتبر كتاب “ليالي قريش” الذي صدر في عام 2015 آخر مؤلفاته، كما يكتب العديد من المقالات النقدية في عدد من الصحف والمواقع سواء المصرية أو العربية. كما يعقد صالونا ثقافيا من وقت لآخر باسم “صالون المحمدي الثقافي”، تتم خلاله مناقشة العديد من القضايا السياسية والثقافية والدينية.
وفيات 4 مايو
محمد عبد الوهاب
اليوم يمر 26 عاما على وفاة الموسيقار محمد عبد الوهاب، ومن الواضح أن قناة “ماسبيرو زمان” قد انتبهت إلى هذه الذكرى، حيث عرضت حوارا له مع الإعلامية الراحلة أماني ناشد.
عبد الوهاب ملحنا في الأساس، لكن هذا لم يمنعه من أن يسلك طريق التمثيل في بداية مشواره على غرار أغلب الفنانين في عصره، فأصبح بطلا لعدة أفلام مثل “الوردة البيضاء”، و”دموع الحب”، و”يوم سعيد”، و”يحيا الحب”، و”رصاصة في القلب”.
بعد أن ابتعد عبد الوهاب عن التمثيل، كانت له مشاركة وحيدة بعد ذلك في فيلم “غزل البنات” مع الفنانين “ليلى مراد ونجيب الريحاني ويوسف وهبي”، لكنه ظهر خلاله مغنيا فقط. على الرغم من هذا الابتعاد إلا أنه ظل بألحانه وموسيقاه حاضرا في العديد من الأفلام السينمائية الأخرى.
أما عن أعماله الغنائية خارج السينما، فحدث ولا حرج، حيث كانت ألحان عبد الوهاب مناسبة لكل الأجيال بحق، وإضافة لأصوات الفنانين بداية من أم كلثوم وحتى وردة ونجاة وعبد الحليم حافظ وفيروز وفايزة أحمد وغيرهم كثر.
محمود السعدني
الختام مع “الولد الشقي” الذي يمر اليوم سبع سنوات فقط على رحيله في 4 مايو 2010، وبالرغم من هذا الرحيل القريب لا نجد اهتماما كبيرا بذكراه، على غرار ما يحدث “للأسف” مع أغلب مثقفي مصر.
لكن الكاتب الساخر الذي تمكن من خلال مؤلفاته أن يرصد بسلاسة وخفة ظل لا نهائية، مشكلات مصر على مدار التاريخ، خاصة كتابي “حمار من الشرق” و”عودة الحمار”، وإن كانا هاذين الكتابين هما الأشهر للسعدني إلا أن له العديد من المؤلفات الهامة الأخرى، كما لا يمكن إغفال مشواره الصحفي الحافل، والذي تعرض على إثره للاضطهاد السياسي، الذي بلغ ذروته في فترة حكم السادات، عندما ابتعد عن مصر قرابة العشر سنوات.