(1)
منذ أن بدأت الصحافة الفنية في مصر، يحرص النقاد على منح الفنانين الكبار ألقاب تميزهم، العديد من تلك الألقاب إقترن باسماء أصحابها حتى أصبح جزء لا يتجزأ من الاسم، كوكب الشرق أم كلثوم، سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة ، السندريلا سعاد حسني والعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، وأستمرت الألقاب حتى منتصف التسعينات من القرن الماضي، نجمة مصر الأولى نبيلة عبيد، نجمة الجماهير نادية الجندي وبالطبع الزعيم عادل إمام.
حتى من لم يحصلوا على ألقاب، أصبح مقدمي البرامج والنقاد حريصين على أن تسبق اسمائهم أوصاف للتفخيم، لكن شخص واحد يكتفي باسمه او اسم الدلع لاسمه..سمير غانم أو سمورة.
(2)
الضحك عند سمير غانم مبدأ حياة يحرص على عدم الحياد عنه،من يتأمل مسيرته الفنية، يجد كنز من الأعمال الكوميديه المتنوعة، إستكشات، مسرحيات،أفلام، مسلسلات إذاعية وتليفزيونية وكارتونية بالإضافة إلى البوم غنائي، جميعها تحمل طابع هزلي كوميدي، تدور في إطار يوضح تفاصيل القصة، اما الأحداث نفسها، فيملئها سمير غانم بالمشاهد الكوميديه من بدايتها وحتى نهايتها، وهو ما يؤكد أن الرجل لايفكرفي شيء في حياته سوى إضحاك الأخرين.
حتى عندما قرر تقديم أغنية لرثاء صديقه الضيف أحمد، بدأ رسالته قائلًا “عزيزي الضيف أحمد..بسأل عنك كل ما بضحك” وختمها بجملة “واهي ايام بتعدي يا ضيف،و هنتقابل بلا تكليف..ونقعد نضحك..نضحك..نضحك”، بينما يعترف سمورة بعدم قدرته على زيارة جورج سيدهم رفيق دربه بإستمرار بسبب عدم تحمله لرؤية جورج دون أن يتبادلا النكات سويًا.
(3)
سمير غانم الذي أكمل عامه الثمانين في منتصف شهر يناير الماضي، يبدو أكثر الفنانين الكبار شبابًا ومواكبة للتطورات والتغيرات، لا يرفض دعوة أى قناة للظهور في البرامج الترفيهية، قد تلمح في ردود فعله أنه مدرك أنه امام مقدمة برامج ضعيفة المستوى، أو ان البرنامج ليس بالمستوى الذي توقعه، لكنه لا يمتنع عن الإعلام، لأنه يعلم جيدًا أن الجمهور ينتظر ظهوره على الشاشة.
وبالرغم من مشواره الفني الذي يقترب من 55 عام، والنجاحات المبهرة التي مازال يحققها حتى الأن، إلا أن كل ذلك لم يؤثر على شخصيته ، فمن يشاهد اللقاءات التليفزيونية القديمة لـ “سمورة” ويقارنها بالبرامج التي ظهر بها مؤحًرا يجده كما هو بنفس تواضع الفنان الشاب الذي بدأ مسيرته عام 1963، ولأنه لا يفكر سوى في الضحك، ، يحول أى موقف يحكيه في لقاءاته التليفزيونية إلى مشهد كوميدي لا ينتهي منه حتى يتأكد أن جميع الجالسين قد ضحكوا.
(4)
سمير غانم يجيد الإرتجال والإسترسال في الفكرة وتطويرها ، ويصف نفسه دائمًا بـ “ملك الإرتجال”، وهو أمر أثبته تاريخه الفني الحافل، فجميع مشاهده المحفورة في ذاكرة المشاهدين كانت مرتجلة، مشهد رحلة باريس ولقاءه بعمر الشريف الذي أستمر لمدة أكثر من عشر دقائق في مسرحية “أهلا يا دكتور”، في ذلك المشهد كان يروي لصديقه جورج سيدهم تفاصيل رحلته إلى باريس لحضور مؤتمر طبي، وظل سمير غانم يتحدث وحده بينما إكتفي جورج سيدهم بالتعليقات المقتضبة ليمنحه فرصة إكمال الحوار وسط ضحكات الجمهور التي لم تتوقف، فيما يبدو ذلك المشهد عند مشاهدته في عام 2017، كعرض standup comedy تم تقديمه عام 1981.
كذلك فكرة الدخول بالمزمار لزفة الفرح وغناءه موال “العريس متين والعروسة متينه” في مسرحية “المتزوجون”، والتفاصيل المتعلقة بالمشهد من إختياره دخول المزمار الطويل اولًا إلى المسرح، ثم غناءه الموال ونهايته بتدخين سيجارة تم وضعها داخل المزمار.
مسرحية “أخويا هايص وأنا لايص” كانت مليئة بالإرتجال، لكن مشهد سمير غانم في شخصية الامرأة كان أبرز مشاهد المسرحية، وهو ما جعل صورته بالشخصية يتصدر بعض أفيشات المسرحية، في ذلك المشهد إستخدم سمير غانم عدد من الإكسسوارات التي قام بإخفاءها داخل الفستان الأحمر الذي يرتديه، وأستمر 10 دقائق يتحدث ويغني بينما الممثلين غارقين في الضحك.
الإرتجال لم يكن على خشبة المسرح فقط، فظهوره لمدة ثلاث دقائق في فيلم “عالم عيال عيال” كان مليء بالجمل المرتجلة، وبحسب روايته ، فأثناء تصوير المشهد فقد رشدي أباظة قدرته على منع نفسه من الضحك، ليوقف التصوير ويسقط أرضُا من الضحك وهو غير مصدق لما يقوله سمير غانم.
https://www.youtube.com/watch?v=ZR9s-BBSrf8
(5)
كلما إعتقدت أنني شاهدت كل المشاهد المضحكة لسمير غانم، يفاجئني موقع يوتيوب بمقطع لمشهد مضحك أخر، وربما يكون ذلك هو السبب في وجود صفحة على موقع فيسبوك مخصصة لتقديم منشور يومي كوميدي من أعمال سمير غانم، يمكن متابعتها من هنا.
حاليًا، ينتظر الجميع مزيد من المشاهد الضاحكة في شهر رمضان المقبل من خلاله مشاركة سمورة في مسلسل “في ال لالا لاند” بمشاركة إبنته دنيا سمير غانم ومحمد سلام ومجموعة من نجوم الكوميديا، ومسلسل “يوميات زوجة مفروسة جدا” الجزء الثالث بمشاركة داليا البحيري وخالد سرحان.
الحديث عن كوميديا سمير غانم لاينتهي،لكن أفضل ما يعبر عن سمورة أمير الإنبساط هو تلك المشاهد التي لا تنسى.