أحمد حسين صوان
كان طموحه يكمن في أن يكون ضابطًا شرطيًا، مثل والده، لكن القدر لعب دوره، ورُفد من الشرطة، حتى انتقل إلى كلية الزراعة جامعة الإسكندرية. لم يعلم وقتها أنه سيكون فارسًا في عالم الفن، واسمه يتلألأ في السماء، فأصبح واحدًا من أهم نجوم الكوميديا في مصر، فهو لديه موهبة خاصة استطاع من خلالها الاستحواذ على قاعدة جماهيرية كبيرة.
يرصد “إعلام دوت أورج” أبرز الشخصيات التي كتبت عن سمير غانم، وأشادت بموهبته الفنية الخالدة ومدرسته الكوميدية، وهم كالآتي:
1- تعديل المسار
الكاتب محمود السعدني، في كتابه “المضحكون” الذي صُدر عام 1971، انتقد موهبة سمير غانم الفنية، بين الشخصيات كافة التي تناولها في مؤلفه، حيث كتب: “لو لم يعمل سمير غانم مع الثلاثي، لكان هو التطوير الأمثل لإسماعيل ياسين كمونولوجست، فهو بهيئته العبيطة، وصوته المثلون، بين الأجش والمسرسع، كان يستطيع أن يكون ملك المونولوج في مصر، لكنه أصبح كداب الزفة في الثلاثي.. مصيبة سمير أنه ليس جورج وليس الضيف، ولكنه معهم، وهو لكي يستمر لا بد أن يكون مع أحد، لأنه لا يستطيع أن يكون إلا كداب زفة”.
“الوحيد اللي أخطأت فيه”، هكذا اعتذر “السعدني” لـ”غانم” في لقاء تليفزيوني جمعهما، ووصفه بالظريف الضاحك الجميل في فن التمثيل، وتراجع عن انتقاده له في كتابه “المضحكون”، بعدما اتضحت له موهبة “غانم” بصورة كاملة.
2- هلس
تناول بلال فضل في برنامجه “الموهوبون في الأرض” شخصية سمير غانم، وقال إنه يُعد الفنان الكوميدي الوحيد الذي احتفت به الأجيال الجديدة، واكتشفت الكثير من أعماله، حتى تحولت مشاهد ولقطات من أفلامه ومسرحياته إلى جزء من التفاصيل اليومية عند الشباب، حيث إنه يُقدم شخصيته الثابتة في كل الأعمال، يتغير اسمها فقط وفقًا للدور الذي يجسده، فهو دائمًا ما يظهر بالشارب والباروكة، دون تقمص شخصية من تجربة لأخرى، ولديه مهارة في إلقاء “الإفيهات” ببراعة، وكان يحرص على خلق حالة بهجة، لتُساهم في زيادة قاعدته الجماهيرية دون الاهتمام بنجاح العمل من عدمه.
وصف الفن الذي يُقدمه “غانم” بالهلس، فهو يعتمد على المبالغة الشكلية والحركات الهزلية، بهدف ترفيه المشاهد، كما أنه مُتصالح مع ذاته دائمًا، ولا يدعي بأنه كان مُهتمًا بتقديم أعمال ذات أبعاد سياسية، حيث قرر أن يُقدم كوميديا غير مُغلفة بأية رسائل سياسية.
3- أجمد واحد في التاريخ
رصد المُخرج عمرو سلامة، في تدوينة له، عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، قبل عامين، عشر أسباب تُعزز من فرص سمير غانم للحصول على لقب “أجمد واحد في التاريخ”، وفقًا لرؤيته، فهو لديه قدرة على خلق حالة من السعادة عند الجمهور، خلال أحاديثه وإن كانت قصيرة، وتداول أعماله التي تُصنف “تجارية” واستعادتها مُجددًا، على مدار الوقت، نظرًا لـ”الإفيهات” والكوميديا التي تسيطر عليها، على الرغم من سقوط تلك النوعية من الأعمال في وقت قصير، ويُعد أول فنان مصري يلعب “ستاند آب كوميدي” من خلال مسرحية “آهلا يا دكتور” عام 1981.
دائمًا ما يُعطى الشارب علامات الجدية والصرامة عن صاحبه، إلا أن “غانم” استطاع تغيير هذا الاعتقاد، وكان الجمهور يتفاعل مع “إفيهاته” دومًا، كما أن الحس الكوميدي كان يسيطر عليه في أعماله الدرامية الجادة، وفوازير “فطوطة” ومسلسل “كابتن ميزو” اللذان يحققان مُشاهدة حتى الآن.
يرى عمرو سلامة، أن الكابتن إكرامي، لم يوفق في تجربة التمثيل من خلال فيلم “يارب ولد” إلا أن “غانم” استطاع بموهبته الخالدة أن يجعل ذلك العمل من أفضل الأفلام السينمائية عند الجمهور، واعتماده في بعض الأحيان على الكوميديا، من خلال ارتداء ملابس قد لا تُناسب الشخصية التي يجسدها، أو المكان والزمان.
في كثيرٍ من الأحيان، كان “غانم” يخرج عن النص المكتوب، في أعماله الفنية، حيث يُعد مدرسة فلسفية خاصة في ذلك الجانب، ويعتمد على “التهريج”، بالإضافة إلى تقديمه موهبتين للجمهور ينتمون إلى سلالته الكوميدية، وهما “دنيا وإيمي”.
4- فنان لا يُقارن
الكاتب آدم ياسين، اختص “غانم” في مقال له نُشر منذ فترة عبر أحد المواقع الإلكترونية، ووصفه بالكوميديان القادر على تحويل التراب إلى ذهب، يمر مثل الملك ميداس بعصاه على المسرح فيتوهج من حوله، فهو له مذاق خاص ومُحتلف في خرق القواعد والخروج عن النص، ودائمًا كان يُفاجئ الجمهور بكوميديا تأتي من حيث لا يدري، لا أحد يعلم من أين يغترف سمير إفيهاته وجمله التي ظلت تتوهج على خشب المسارح.
اليوم وبفضل القنوات العديدة، أمكن للجميع استعادة أعمال سمير، وجعلته يستعيد كثيرًا من وهجه المُنطفئ مع ظهوره المُتكرر في البرامج، وقدرته على تفجير الضحك في اللقاءات الشخصية، برغم أنه شخص جاد شديد الهدوء والوقار في تعاملاته العادية.. الرجل لم يتقاعد بعد، فهو يستطيع أن يجذب الانتباه في أدوار لطيفة ذات واقع خافت، لكن خفيفة الهضم مثل ظهوره مع يسرا ومحمد سعد أو مع ابنته دنيا في مسلسل “لهفة”، سمير غانم مازال الكوميديان الذي لا يقهر ولا يقارن، وفن سيدرس في الجامعات في يومٍ قريب.