لكل شيء في الدنيا وجهان، وجه جيد ووجه رديء، وجه جميل وإيجابى، وآخر مليء بالسلبيات، فأي شيء مهما كانت مميزاته لا يخلو أبدًا من جانب سلبي. والمتابع الجيد لموقع “فيس بوك” -والذي أصبح في السنوات الأخيرة أكبر من مجرد عالم افتراضي ويكاد أن يكون عالمًا موازيًا للواقع، وحياة كاملة مليئة بالتفاصيل والمواقف والأحداث والعلاقات المتشابكة- يستطيع أن يلاحظ بسهولة الكثير من الظواهر السلبية. وسنكتفي هنا بواحدة منها، وهي البوستات سيئة السمعة، والأكثر انتشارًا وتكرارًا، رغم كونها الأسوأ على الإطلاق – من وجهة نظر الكاتب بالطبع- ويحق لك أن تتفق أو تختلف معها، أو يكون لك قائمتك الخاصة للأسوأ والأفضل.
7- جلد الذات
كلنا نكتب في بعض الأحيان ما نعبر به عن رفضنا لبعض الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وحتى السياسية، كلنا ننتقد ولا يعجبنا الكثير مما يحدث حولنا، ولكن هناك من يتمادى، ويتحول لديه الأمر إلى مرض اسمه “جلد الذات”، فعلى سبيل المثال أثناء انقلاب تركيا الأخير، كتب أحدهم “الأتراك رجالة رفضوا الانقلاب انما احنا شعب ابن تيت” والغريب أنك تجد آلاف اللايكات من أناس يُفترض أن هذا الشخص يوجه إليهم إهانة واضحة وصريحة، في تصرف يحتاج لكبار علماء النفس لتفسيره، وهذه النوعية من “البوستات” موجودة على الدوام، ولها جمهور عريض من المرضى، ولذلك لا أتوقع اختفاءها قريبًا.
6- يا حاج إسماعيل مين اللي مات
ربما يكون هو “البوست” الأكثر استفزازًا على “فيس بوك” فتجد أحدهم يكتب “البقاء لله” فقط. أو “إنا لله وإنا إليه راجعون” دون أي توضيح عن شخصية المتوفى، أو مدى صلته به. ليتركك أنت تضرب أخماسا في أسداس، ويتوالى بالطبع سيل التعليقات التي تتساءل عن “مين اللي مات؟” بينما صاحبنا الذي يبدو أنه يتلذذ بتعذيب الآخرين لا يرد ليوضح أي شيء، وهو موقف يذكرنا بمشهد المكالمة من فيلم “عسكر في المعسكر” يا حاج إسماعيل مين اللي مات؟ يا حاج إسماعيل رد عليا؟ وينقطع الخط أكثر من مرة دون أن يجيب الحاج إسماعيل. “فيس بوك” جعلنا نكتشف أنه يوجد حولنا الكثير جدًا من الحاج إسماعيل.
5- بوستات الهلع
هذه “البوستات” أغلب من يكتبونها فتيات يتعرضن طوال الوقت لمحاولات للخطف، أو السرقة، أو التحرش. وبالتأكيد هذه الأشياء تحدث على أرض الواقع أحيانًا ولا ننكر وجودها، ولكن هناك فتيات يكتبن من وحي خيالهن فقط ليس إلا.
ففي إحدى المرات حكت فتاة عن تعرضها لمحاولة اختطاف من عصابة تتاجر في الأعضاء البشرية -على حد زعمها- عن طريق منديل يحمل مادة مخدرة. هذا “البوست” لاقى رواجًا هائلاً وتسبب في حالة ذعر، إلى أن خرج طبيب وكذب هذه الواقعة، وأكد استحالة حدوثها، وأنه لا يوجد شيء اسمه مادة مخدرة توضع على منديل وتسبب أي تأثير. اللافت أن هذه “البوستات” كانت كلها تتشابه في أن الضحية تنجو بأعجوبة في اللحظة الأخيرة. وكل من تكتبها لابد وأن تختمها بهذه الجملة الأثيرة “خلو بالكوا يا جماعة الدنيا خلاص مبقاش فيها أمان”، هذه الظاهرة تكاد تكون اختفت تمامًا، ولا أعلم هل توقفت هذه العصابات عن ترويع البنات، وخطف الأطفال، أم أن الأمر برمته لم يكن سوى مجرد “موضة فيسبوكية” وذهبت لحال سبيلها.
4- قليل من الحب .. كثير من المحن!
لا داعي بالطبع لذكر أي أسماء، فكلنا نعرف بالضبط من هم رواد ومؤسسوا هذا النوع القبيح من “البوستات”، فعمالقة المحن على “السوشيال ميديا” أشهر من نار على علم، ومتابعينهم بالآلاف. كل كلامهم عن البنت. البنت اللي زعلانة، والبنت اللي مبسوطة، والبنت اللي نامت ودموعها على خدها. أسلوب مبتذل جدًا يتم استخدامه فقط من أجل الشهرة في أوساط المراهقات. والغريب أن هؤلاء الأشخاص أصبحت أسماؤهم مادة خصبة للتريقة، ورغم ذلك فلا أحد منهم يتوقف أبدًا، أو يخجل من نفسه، وهو ما يجعلنا نتأكد أنهم لا يريدون سوى الشهرة، بأي طريقة ومهما كان الثمن.
3- اتجوزي.. ما تتجوزيش!
“اتجوز اللي لو خرجت من بيتها تتوه” ده كان أشهر “بوست” من هذه العينة، أثار جدلًا كثيرًا ولاقى الكثير من السخرية. المشكلة أن الموضوع أكبر بكتير من “اتجوزي” و”متتجوزيش” أو فكرة الجواز نفسها، فعن تجربة أي “بوست” بيبدأ بفعل أمر، أو بيقول بشكل مباشر، اعملوا كذا وما تعملوش كذا، بيتجاوب معه الكثيرين، ويتفاعل معه الناس أكثر من غيره، وهو ما يجعلنا نتساءل: هل شريحة المراهقين وصغار السن تمثل النسبة الأكبر من المتواجدين على “فيس بوك” وده سبب انتشار مثل هذه “البوستات” ذات الطابع الطفولي الساذج أم أننا كمصريين بشكل عام نحمل في جيناتنا رغبة دائمة في الانصياع، وميل فطري واحتياج دائم للتوجيه، لا أعلم تحديدًا.
2- حكاوي القهاوي
الشخص الخارق للعادة “أقوى من رامبو وأشجع من سنجام” حياته كلها عبارة عن فيلم هندي -هو بطله بالطبع- يتعرض خلاله لمواقف غير عادية، ومغامرات مدهشة، يخرج منها بحكايات مليئة بالحكم والمواعظ والعبر، يكتبها بصفة دائمة على صفحته، التي سرعان ما تمتلئ بمتابعين عاشقين لـ”الهري” ولديهم رغبة مسبقة في تصديق أي شيء غير مألوف، حتى ولو كان مجرد موقف مختلق، وحدوتة متألفة من أولها لآخرها. الحياة بالطبع مليئة بما هو أغرب من الخيال، لكن لا يوجد أي منطق، أو عقل واع يصدق أن شخص واحد من الممكن أن يتعرض طوال الوقت، وبشكل شبه يومي لكل هذا الكم من المواقف والأحداث الغير عادية، أومال الملل اللي إحنا عايشين فيه ده إيه؟ مجاش عندكم؟
وبقليل من التدقيق ستجد أن كل تلك “الحواديت” لا تحمل أي معلومة واضحة، خاصة بمكان أو زمان وقوعها، أو حتى عن أحد أطرافها، تستطيع أن تستخدمه كدليل على صدقها، كله مبني للمجهول! وبعدين الراجل هيتعب نفسه ليه طالما لقى اللي بيصدقه.
1- اللي شايف البوست ده يدوس لايك
ده بقى واحد عايز يتشهر من غير ما يبذل أي مجهود، ودون أن يملك أي حد أدنى من أي موهبة خلقها ربنا، هتلاقيه على طول “بيسحل” الناس معاه في دوامة اللايكات، “اللي شايف البوست ده يدوس لايك” ” اللي متابعني وبيحب اللي بكتبه يدوس لايك”، “التفاعل بيقع يا جماعة فضلا وليس أمرًا دوس لايك واكتب كومنت”، “اكتب كومنت وهبعتلك بوسة”، لو ركزت معاه شوية هتلاقي نفسك بتدور في حلقة مفرغة مع شخص عمال يطلب منك طول الوقت تدوس لايك وتدوس لايك وتدوس لايك، وهاه؟ طب إيه بقى؟ فين الحاجات والمحتاجات؟ فين قصايد الشعر أو الكتابة الساخرة أو أي حاجة من الحاجات اللي بتدعي إنك بتعرف تعملها؟ مفيش؟ خالص! أومال عايزني أدوس لايك ليه يا عم الرخم!