فريق "بساطة".. 9 سنوات من الغناء لـ"الحب والحاجات التانية"
فاتن الوكيل
في 2008 تكون فريق “بساطة” الغنائي. انطلقت أنغامهم تحت شعار”هنغني للحب … والحاجات التانية”، ووصلت مباشرة إلى قلوب جمهورهم، ومع كل حفلة لهم إما في “مسرح روابط” مع بداياتهم، أو المكان الأكثر ألفة إليهم وهو “ساقية الصاوي” أو حتى في حفلات محافظة الإسكندرية، تكون “البسطاوية”، هؤلاء الذين يحفظون أغاني الفريق عن ظهر قلب، ويصرخون فرحا مع النغمة الأولى لكل أغنية، معلنين معرفتهم بها. ومع مرور الوقت والسنوات، لم تذبل أي أغنية لهم، لم “يعفي عليها الزمن”، ومازالت أقدم أغانيهم التي بدأوا بها الانطلاق في عالم المتعة الفنية، تُطلب منهم في كل حفلة.
يحسب لأعضاء “بساطة” الذين سيحتفلون بميلاد فرقتهم التاسع، في حفل بساقية الصاوي يوم غدا الجمعة، الاستمرارية بعد وفاة مؤسس الفرقة و”كبيرهم” الفنان نبيل لحود، الذي رحل يوم الجمعة 29 يونيو 2012، واستمروا على نفس النهج الراقي، ومازالت الأغاني التي لحنها “لحود” واشتهرت بها بساطة، تعاد في كل حفلة لهم، من بينهم “آدي الحكاية”، و”يا أيها الشعب الأنتوخ”، و”ساعات الليل”، وغيرهم بالطبع.
https://www.youtube.com/watch?v=oGP-mvoTgr4
لماذا بساطة؟.. أحيانا أسأل نفسي لماذا استمر هذا الفريق في كسب محبين مع كل حفلة وكل أغنية، لماذا تكوّن “البسطاوية”، وهو الفظ الذي رادف عندي معنى “السميعة” قديما، الإجابة “ببساطة” أيضا هي أن جمهور الفريق جزءا من نجاحه، ومن شخصيته الفريدة، بالإضافة إلى الموهبة التي وهبها الله وميزت كل فرد منهم.
الانسجام بين أفراد الفريق، وتنوع الأزواق الموسيقية بينهم أحد أهم شروط نجاح بساطة، فعندما كان الفنان نبيل لحود جالسا بينهم حاضنا عوده خلال الحفلات، كان الانسجام بين الأجيال المختلفة واضحا، لم نجد أي تناقض بين “جيتار” إيهاب عبد الواحد، و”عود” نبيل لحود، الجميع يُكمّل بعضه.
أغاني بساطة مختلفة، فما يمكن أن يقال عن الحب والوطن والسخرية من الوضع الذي نعيشه، بتفاصيله الدقيقة، يُقدم في قالب فني متنوع بين الأغاني الساخرة وما يمكن أن نسميه “رومانسية اجتماعية” نجدها مثلا في أغنية مثل “ملاك الخير”، التي ألف كلماتها إسلام حامد، ولحنها إيهاب عبد الواحد.
الأغاني عبارة عن قصة قصيرة، أو موقف ربما يكون عابر لكن له معنى وعبرة، وفي الوقت ذاته، لم تكن أغاني بساطة دروس مباشرة في الأخلاق والتلقين والوعظ، لكنها مثال على رسالة الفن الحقيقي الذي يتلخص في “الإفادة والإمتاع”، بالإضافة إلى جعل المستمع “يحلم” معهم بفن وحال وبلد أجمل.
لم تكن أغاني بساطة قبل ثورة 25 يناير أغاني “ثورية” تدعو للتمرد المباشر على السلطة أو النظام، لكنها كانت تعبيرا أكثر عما بداخلنا، فنجد أغاني للشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم، تُغنى من بساطة مثل “كلمتين يا مصر”، و”كلب الست”، دون أن نشعر أن هناك “تحريض” على فعل ما – وإن كان التحريض ليس عيبا-، كما أن الأغاني لم تخل من نقد للذات، ولسلوكيات مجتمع، مثلما نجد في أغنية “مولد”.
بعد ثورة 25 يناير، كان “البسطاوية” ينتظرون بترقب كيف سيكون شكل أغاني فرقتهم المحببة، خاصة بعد طوفان الأحلام بوطن أفضل، فجاءت أغنية “هيلا .. هيلا” أول تعليق غنائي من بساطة على الثورة، لتعبر بالفعل عن روح الأمل التي سادت وقتها.
https://www.youtube.com/watch?v=3ivsDQLQQ1g
ومع تبدد بعض النور، عادت السخرية والانتقادات إلى أغاني بساطة بشكل مبكر، فنجد مثلا أغنية “قولوا ورايا”. بخلاف أغاني أخرى اجتماعية، وفي نفس الوقت، بدأ الفريق يجد طريق آخر للنجومية، فشارك في دويتو مع الفنان أصالة في أغنية “تساهيل” الخاصة بفيلم “أولاد رزق”، وقبلها كان تميزه سببا لأن يحل ضيفا على العديد من البرامج التلفزيونية.
لا نُجامل إذا قلنا إن أعضاء الفريق “نجوم”، كل في منطقته يُبدع ويتفوق، لا يتفرقون عن “بساطة”، لكن لا يمنع ذلك أن يذهب كل منهم إلى منطقته المفضلة، ثم يعود مرة أخرى إلى بيته الأول، فمثلا نجد أن أبرز أغاني الفنانة أنغام الآن مثل “أكتبلك تعهد” و”أجمل مكان”، و”أنا عايشة حالة”، أو أغنية أصالة الشهيرة “عيش.. سكر.. وطن”، هم من ألحان ملحن ومغني الفرقة إيهاب عبد الواحد، والحقيقة فإن “البسطاوية” يعرفون جيدا أن تلحين عبد الواحد لأنغام وشيرين وحسام حبيب وأصالة وغيرهم، ما هو إلا تطور طبيعي لموهبته، وأن خياله الموسيقي الملون يضيف إليهم الكثير.
https://www.youtube.com/watch?v=z6UcMRrAT2c
أما ماريز لحود، فبرغم ارتباطها بفرقة بساطة، إلا أن لها رصيد كبير من الغناء والدراسة الموسيقية، كما أنها غنت تتر مسلسل “حنان وحنين” بطولة الفنان عمر الشريف، وكانت هذه المشاركة انطلاقة حقيقية ليس لماريز فقط، ولكن لفريق بساطة ككل.
وغدا في الثامنة والنصف مساءً، يتجدد لقاء الفرقة بـ”البسطاوية”، ليستمعوا إلى أغانيهم القديمة والجديدة، ويحتفلون معهم بعيدهم التاسع، في ساقية الصاوي.
