نقلا عن المصري اليوم
أكثر من مرة التقيت عادل إمام على طائرة متجهة إلى عاصمة عربية أو أوروبية، ووجدت شيئا لا يتغير، أنه يجلس فى الصف الأول، لا أتصورها بالمناسبة مصادفة، ربما كانت رغبة من عادل أن يكون الأول فى السماء وعلى الأرض.
كثير من النجوم فى العالم – مع الزمن – يقبلون أن يأتى اسمهم تاليا لنجم أو نجمة حقق نجاحا فارقا، وتلك هى ضريبة الاستمرار، عادل كسر هذا الحاجز الطبيعى، وطبقا لتركيبته، لو وجد أن هذا هو الشرط، فسوف يعلن اعتزاله، لن يتنازل أبدا عن أحقيته فى الصدارة، لأنه وبكل المقاييس لايزال الألفة.
يجب التوقف أمام تلك الحقيقة، أن فى حياتنا أيقونة تمنحنا فيضا من السعادة اسمها عادل إمام، لا تزال ممتدة على مدى ما يقرب من 6 عقود زمنية، بينها أربعة على القمة، اختلف فى العديد من اختياراته الفنية، التى تخشى وبنسبة كبيرة المغامرة، وتراهن فقط على موجة الجمهور، لديه «بوصلة» يصيب وبنسبة كبيرة فى تحديد هذا الاتجاه، دائما تحركه مؤشرات الرقم، ينصت له ويحلله.
مأزق الاستسلام المطلق لمزاج الناس أنه لن يتحرك خطوة تحمل مغامرة، لتفتح الطريق لإبداع مغاير للسائد، كما أننى أنتقد مواقفه السياسية الموالية دوما، فهو يريد الحفاظ على مكاسبه وجماهيريته، الطريق الوحيد لتحقيق ذلك فى عالمنا العربى أن يقف إلى جانب النظام، حتى الأعمال الدرامية التى قد يراها البعض بنظرة متعجلة تقف إلى جانب المعارضة، فهى من حضن وبعلم وبتحفيز من الدولة، لديكم مثلا رحلته إلى أسيوط عام 88 لعرض «الواد سيد الشغال»، ردا على المتطرفين الذين يحرمون الفن، كان وراء إنجازها الكاتب الكبير مكرم محمد أحمد، الذى لعب دور البطولة بين عادل والدولة.
عاصر فى مشواره الفنى عبدالناصر الستينيات، والسادات السبعينيات، وصولا إلى مبارك، الذى مكث على قلوبنا 30 عاما، ولم يتغير أبدا موقفه الداعم للسلطة، يردد بالضبط خطابها فى أحاديثه أو أعماله الفنية، فى عهد مرسى قدم السبت بل أكثر من سبت، وله تصريحات تتغزل فى المرشد ومرسى، كان يدرك أنهم يضعونه على رأس قائمة الانتقام، وبسبب «فوبيا» السلطة كان يسرف فى التأييد، مثلما أيد قبلها استبداد مبارك، ودافع عن التوريث وهو يقول «وليه لأ؟»، جمال شاب مثقف، فهل نعاقبه لأنه ابن الرئيس، فى بداية 25 يناير وقف ضد الثورة، ثم عندما اكتشف أنها أتية لا ريب أيدها، هنا يجب أن نضع نقطة، لأن من دخل التاريخ هو عادل الفنان، عادل مثل 90% من المصريين، لا يريد سوى أن يعيش حياته، ويقدم فنه تحت دفء الدولة.
السلطة لم تخلق جماهيرية عادل، هذه حقيقة، مثلما لم يخلق عبدالناصر جماهيرية أم كلثوم أو عبد الحليم، تلك المواهب تبرق بقوة دفع شعبية استثنائية، فى مجتمعنا العربى الاصطدام بالسلطة له ثمن، وعادل لا يمكن أن يدفع الثمن، ولهذا أرى أن لقب زعيم بما يحمله من ظلال البطولة والتضحية من أجل الشعب لا يليق به، ولكنه الكوميديان الأول بلا منازع وعبر كل تاريخنا المعاصر.
عادل حدوتة مصرية وعربية بل عالمية عصية على التكرار، يطفئ الأربعاء القادم 77 شمعة، كانت وستظل تشعل فى حياتنا مساحات لا تنفد من السعادة، التى أصبح بينها وبينه ارتباط شرطى، عادل يساوى السعادة والسعادة تساوى عادل.