لا أستبشر أيَّ خير من زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية، التي تبدأ بعد أيام، والتي من المقرَّرِ أن يعقد خلالها 3 قمم سياسية، كما أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير: «قمة ثنائية، وقمة مع قادة دول الخليج، وقمة مع قادة دول عربية وإسلامية».
وإذا كان الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما قد اختار مصر قبل 8 أعوام ليوجِّه منها رسالةً إلى العالم الإسلامي، وتضمَّن خطابه، الذي ألقاه بجامعة القاهرة في الرابع من يونيو 2009، كلامًا مثاليًّا عن العلاقة بين العرب والغرب، كما تحدث بحماس عن السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وطالَبَ بضرورة توحيد الجهود لمحاربة الإرهاب، فهو مضمون لن يخالفه ترامب كثيرًا في رسائله التي سيطلقها في سماء المملكة، وإن كان بطبيعة الحال سيضع «التاتش» الخاص به، الذي لن يتعارض مع سياسات أميركا ومصالحها العليا.
التفاؤل والتشاؤم ربما لا يكونان أفضل السبل للتعامل مع زيارة ترامب للسعودية، التي وُصِفَت من أطراف عربية وغربية بأنها «تاريخية»، ووضع المقارنة مع زيارة أوباما للقاهرة هو وضع إجباري، فالتوقيت متشابه بينهما، حيث تستهل الزيارة فترة الحكم الأولى للرئيس الأميركي الجديد، والأوضاع الداخلية في مصر 2009، والسعودية 2017، فيها كثير من المتشابهات، وهو أمر يدعو إلى التأمُّل.
إن أجندة الأهداف الأميركية يكون المعلَن منها أقلَّ من المخفي، كما أن تحركات الرئيس الأميركي (أي رئيس) لا تتم بعشوائية، وتحمل من الدلالات والإشارات ما يصعب إدراكه إلا بعد مرور سنوات.
فهل يمكن تجاهل الأثر الكارثي الذي أصاب المنطقة خلال سنوات حكم أوباما التي أعقبت زيارته «التاريخية» أيضًا للقاهرة في 2009، والتي قال البعض إنها كانت كلمة السر للبدء في الإطاحة بنظام مبارك، الذي سقط بعدها بأقل من عامين، وكانت أيضًا انطلاقة لما عُرِف بـ«الربيع العربي»؟
وهل يمكن أيضًا أن نغفل المتوقَّع من آثار (لا يعلم مداها إلا الله) لهذه الحجة «الترامبية»، التي تجمع (في سابقة) مهد الديانات الثلاث؛ السعودية وإسرائيل والفاتيكان، في أول زيارة خارجية له بصفته رئيسًا؟! والوصف لمستشار الأمن القومي الأميركي هربرت ماكمستار، الذي اعتبر أن زيارة ترامب إلى السعودية مهمّة في إطار السعي لتوحيد الناس من جميع الأديان، وتشكيل رؤية واضحة للسلام والأمل، مؤكدًا في تصريح صحفي سابق: «لم يَزُرْ أيُّ رئيس في أي وقت مضى مهد الديانات الثلاث؛ الإسلام والمسيحية واليهودية».
وتمثل زيارة ترامب إلى السعودية كسرًا للبروتوكول المتّبع في البيت الأبيض؛ فغالبًا ما كان الرؤساء يبدؤون زياراتهم الافتتاحية إلى دول الأميركتين، أو أحد حلفاء واشنطن في أوروبا. واعتبرت صحف أميركية أن الزيارة هي توبيخ واضح لسياسات سلفه باراك أوباما، الذي وقّع اتفاقًا نوويًّا مع إيران تعارضه الرياض، كما أنها تأتي محاولةً من ترامب للاعتذار عن الخطاب المعادي للمسلمين الذي استخدمه في حملته الانتخابية بكثافة، وتبعه بقرار حظر للسفر على مواطني سبع دول إسلامية إلى أميركا.
وأخيرًا، هل يخلف الله ظني وتكون زيارة مفيدة للمسلمين؟.. الله أعلم.