محمد مصطفى أبو شامة يكتب: «الميوعة» السياسية.. الرقص على سلم انتخابي

نقلا عن “الدستور”
 
منذ لمَّح الرئيس عبد الفتاح السيسي، في مؤتمر الشباب بالإسماعيلية، في نهاية أبريل الماضي، إلى عدم ممانعته الترشُّحَ لفترة رئاسة ثانية، حال رغب الشعب في ذلك، بدأ الصخب حول «المرشح المحتَمَل» لمنافسته في انتخابات الرئاسة 2018، بين الجد والهزل، وتباينت أحاديث مَن ظَنُّوا في أنفسهم «محتَمَلين»؛ منهم من قفز على المنطق وتحَدَّث عن ضمانات للنزاهة، وهناك من أعلن شروطه «التعجيزية»، وآخر يتقدم خطوة ويتراجع خطوات، ودكتورة جامعية ترقص لتجعل المشهد «غير محتَمَل»، و«فرعون» خرج من كتاب الشعوذة ليكشف عن «المساخيط» الذين أطَلُّوا علينا من كتاب التاريخ بعد أن ماتوا سياسيًّا، وتشابه الجميع في «ميوعة» قرارهم، واتفقوا في الرقص على السلم السياسي.
 
وبينما كان السيسي واضحًا وحاسمًا في حواره الأخير مع رؤساء تحرير الصحف القومية الثلاث («الأخبار» و«الأهرام» و«الجمهورية») عندما قال: «الشعب سيد اختياره لرئيسه القادم»، بحث أحد «المحتملين» عن «سيد» آخر يعضِّد ترشحه، ويشحذ آخر أفراد «المحظورة» لتزكية طموحه الرئاسي وتسديد فواتيره الانتخابية، وثالث خرج ولم يعد من دبي منذ سنوات، ورابع يجلس في «جنينة» الأحلام الوردية ينتظر سيدًا لقراره. أشياء وأشياء.. أسماء وأسماء.. ويضيع كل هذا هباء، كما قال العندليب عبد الحليم حافظ في أغنيته الشهيرة التي حَمَلَتْ أشهر سؤال (فلسفي) في زمانه: «حبيبتي من تكون؟».. ومات حليم قبل أن نعرف الإجابة.
 
وظنّي أن حيرة المصريين لن تستمر كثيرًا، وسينتهي دور راقصي السلالم مبكرًا ويُزاح الستار عن اسم المرشح (أو المرشحين) الذي سيترشح أمام الرئيس السيسي، وقد تأكد أنه لن يكون حمدين صباحي المرشح الرئاسي السابق، الذي أعلن عزمه عدم الترشح في الانتخابات المقبلة، وقال: «ترشحت مرتين في 2012 و2014، والآن أدعوكم لاختيار مرشح سأكون جنديًّا في حملته»، ودعا صباحي إلى تأسيس «جبهة وطنية موحدة»، بهدف اختيار مرشح للدفع به في الانتخابات الرئاسية.
 
ويجب أن ننتبه إلى ما كشفت عنه صحيفة عربية مؤخرا، حيث أكدت تحركًا إخوانيًّا قوياً لاختيار بديل للسيسي، وكانت كوادر إخوانية هاربة قد نظمت اجتماعات مُكَثَّفَة جرت في تركيا، الأسبوع الأول من مايو الحالي، وجمَعَتْ أطيافًا من أعداء الدولة المصرية، بينهم «شخصيات ليبرالية»، ويعوِّل «الإخوان» كثيرًا على هذه الانتخابات للخروج من مأزق «الموت الإكلينيكي» للجماعة.
 
ومن أبرز تجارب «اللحظة» والتي تفوح منها «رائحة» إخوانية، وتبرز في كواليسها سواعد «محظورة» تسعى لتحقيق الحلم المنشود بالعودة إلى قصر الاتحادية، مبادرة أطلقها عصام حجي، المستشار العلمي السابق لرئاسة الجمهورية، وسَمَّاها «مبادرة الفريق الرئاسي 2018»، ووصفها عند تدشينها قبل عام قائلًا: «هي مشروع أخلاقي، تعليمي وإنساني قبل أن تكون أي شيء آخر، وليس للمبادرة مقر أو حزب وإنما ستعمل على التكاتف مع القوى المدنية الموجودة المطالبة بوحدة الصف، وبالإفراج عن المعتَقَلين».
 
وقبل أيام حدَّدَت المبادرة 12 «ضمانة» طالبت الدولة بتحقيقها شرطًا لخوض الانتخابات المقبلة، وذكرت في بيان نشرته في صفحتها على الـ«فيس بوك»، أنها «تؤمن بأن التغيير السلمي لن يتم إلا عبر المشاركة في الانتخابات»، لكنها اشترطت تنفيذ تلك الضمانات، ومنها «إنشاء وتكوين الهيئة الوطنية للانتخابات التي نص عليها الدستور المصري بإشراف قضائي كامل، وإنهاء حالة الطوارئ». ودعت المبادرة «التيارات السياسية والمدنية التي تؤمن بالدولة المدنية وبالتغير السلمي للسلطة، باتخاذ نفس الدرب والنهج، حفاظاً على حقوق الشعب المصري العظيم، وعلى أبسط حقوقه السياسية».
 
ورغم ضعف هذا الاحتمال..
 
لكن ماذا لو لم يترشح الرئيس السيسي لانتخابات الرئاسة المقبلة؟!
 
لا شك أن الأسماء المحتملة للترشح ستزيد، وفرص الجماعة بالطبع ستزيد في دعم مرشح أملا في أن تنتج «مرسي جديدًا» حتى ولو من خارج الجماعة أو خوارجها، وفي المقابل سيزيد أيضًا نفوذ وتأثير دول وقوى إقليمية ودولية في نتائج هذه الانتخابات، وتجربة انتخابات 2012 الرئاسية كاشفة لمدى تعَطُّش دول من المحيط العربي والإقليمي للتدخل في الشأن المصري.
 
و الانتخابات الرئاسية المصرية لعام 2018 هي رابع انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ مصر، وثالث انتخابات رئاسية بعد ثورة يناير 2011، ومن المتوقَّع إجراؤها في الفترة ما بين 8 فبراير إلى 8 مايو 2018 وفق نص الدستور.