عملية الجرسة أو التجريس هى عقوبة قديمة ويبدو أنها كانت رادعة أيضا. ولمن لا يعرفها من الأجيال الجديدة، أقول إنها نوع من العقوبة تستند إلى ما نسميه الإعلام هذه الأيام، أى أنها كانت تعاقب مرتكبى بعض المخالفات الجسيمة بأن (تعلن) لعامة الناس ما ارتكبه شخص معين فى إطار مسرحى جماهيرى. وذلك بأن يركب الزبون حمارا بالعكس، أى يكون وجهه فى اتجاه مؤخرة الحمار، ثم يطوفون به شوارع البلدة وحوله عدد من حاملى الأجراس يبعثون فى المشهد قدراً من الحيوية الفنية، ثم مناد صاحب صوت قوى يشرح للناس ما ارتكبه الشخص المُجرس من مخالفات أو جرائم.
هى عقوبة قديمة تنتمى لعصور اتسمت العقوبات فيها بالوحشية. ولكنها فى كل الأحوال تنتمى لتراثنا القديم الذى يجب أن نبحث فيه عما هو صالح للأخذ به هذه الأيام. هناك بالفعل جرائم ترتكب هذه الأيام يستطيع صاحبها بقوة الخبث والشر الدفين الإفلات بها بسهولة من كل قوانين الدنيا. هذا النوع من البشر يصاب بالرعب من عملية التجريس. هذا هو بالضبط ما فهمته من الإعلام المعاصر، على سبيل المثال.. عدد كبير من الأمهات يتصلن ببرنامج ليعرضن شكواهن، يشكين مر الشكوى، أطفالهن فى مدرسة خاصة، مدير المدرسة لم يبلغ مديرية التعليم بأسماء أطفالهن لتسجيلها وهذا يعرض الأطفال لضياع عام من أعمارهم، ذهبنا للمديرية.. ذهبنا للوزارة.. تكلمنا مع مدير الإدارة.. تكلمنا مع وكيل الوزارة المختص.. اشتكينا لطوب الأرض ولا حياة لمن تنادى.. إلحقنا يا إعلام يا مصرى.
المذيع: هاتوا لنا المتحدث الرسمى باسم الوزارة على التليفون.. أهلا وسهلا يا فندم.. هاتوا لنا وكيل الوزارة.. الحكاية يا فندم إن فيه مدير مدرسة بيعمل كذا وكذا.. شكرا يا فندم. يا ست سميرة بكرة الصبح تروحى الوزارة تقابلى الأستاذ فلان..
فى اليوم التالى.. تم حل المشكلة، اتضح أنه لم تكن هناك مشكلة، تم حل المشكلة عندما شعر مدير المدرسة بالرعب من عملية التجريس التى يمكن أن تحدث له من البرنامج. كل مجهودات الأمهات السابقة على اتصالهن بالبرنامج فشلت فى دفع مدير المدرسة لكى يسلك السلوك السليم، نفس كبار الموظفين المسؤولين الذين حاولت الأمهات الاستعانة بهم من قبل ولم يستجيبوا لهن، نفس هؤلاء المسؤولين قاموا بحل المشكلة فى 24 ساعة.. لماذا؟.. خوفا من الجرسة.
ولذلك وتطبيقاً على ما أشاهده يومياً من مشاهد تلخص مشاكل يتم حلها عندما ينجح أصحابها فى الوصول إلى مقدمى البرامج فى مدينة الإعلام، وبعيداً عن النفاق، أنا أقترح عودة هذه العقوبة القديمة فى إطار معاصر. يعنى هذا النوع من البشر يحكم عليه بأن يركب حمارا بالعكس (خلوها بغل ليكون المشهد أكثر قوة) ومع الأجراس فرقة موسيقية نحاسية ثم مذيع يقول: هذا هو فلان الفلانى.. عمل كذا وكذا وكذا..
إذا رأيت يا عزيزى القارئ أنها عقوبة تتنافى مع الكبرياء الإنسانى، لا بأس.. ضعوا قناعاً على وجهه.. يكفى إعلان اسمه وأفعاله. وأن تتابعه الكاميرا فى موكب يمشى فى أحياء المدينة.. هل لديكم حلول أخرى لهذا النوع من المشاكل التى يخترعها أشخاص يمتعهم تعذيب البشر؟
نقلًا عن جريدة “المصري اليوم”
اقرأ أيضًا:
6 أسباب تدعم دنيا سمير غانم في إكس فاكتور
بالصور.. راغدة شلهوب أكثر احتشامًا بعد فستانها القصير
“الإبراشي” يسأل صافيناز عن داعش وجهاد النكاح
تحرش على الهواء في برنامج طوني خليفة
صافيناز : يطاردونني لرفضي الأعمال المشبوهة
لميس الحديدي: أنا زوجة عمروأديب وده أحلى من جورج كلوني
منى الشاذلى تتراجع أمام خديجة بن قنة
بثينة كامل تدافع عن زوجة محافظ الاسكندرية
نادية لطفي تنضم للساخرين من نشيد داعش
القائمة النهائية لمقدمي برنامج البيت بيتك
لبني عسل ترفض تقديم “الحياة اليوم” بمفردها
ساويرس ردًا على “الجزيرة”: الشعب المصري عنيد وقوي