تمهيد …
سبحان الذي وهبنا العقل للتمييز … ومنحنا محبته دون أي تفرقة أو تمييز … ووهبنا القدرة على إستمرار محاولاتنا للحفاظ على الأصل و الهوية .. و جعل أغلبنا مستمر في المحبة بصرف النظر عن خانة الديانة التي لا تزال في بطاقة الهوية …. سبحانه الخالق العظيم القوي الغفور ..خالق الإنسان والحيوان و الطبيعة و النور….
أما بعد …
بمناسبة شهر رمضان الكريم .. فهذه سلسلة مقالات متبعة نظام التقسيم .. فلكل مقال حكاية و لكل حكاية أوان … بعضها فيه شكاية و أغلبها محبة و فرح و أمان…. قد تختلف أشخاصها و أماكنها و يظل محورها واحد … الإنسان
¬
و كيف نحكي عن رمضان دون أن نحكي عن خيامه ؟
رمضان عام 2003
من بعيد لازلت أسمع صوت عازف العود و المطرب المغمور الوقور الذي جلس فوق سطوح إحدى ديار العرض السينيمائي في الفيوم في أول مرة أذهب لخيمة رمضانية في حياتي و هو يغني ضاحكا ” يهجرني قال و يقول معلشي .. يا ملتقى الصحبة .. يالالالي… يا صحبجية إيه يا لالالي” علمت بعد ذلك أنها يا “صهبجية” .. ولكن هذا ليس مهما الآن .. فمن يومها أصبحت خيام رمضان عادة لا تنقطع أبدا..
بدأت ظاهرة الخيام الرمضانية في الإنتشار في التسعينات في لبنان و إنتقلت لمصر .. حتى أصبحت ظاهرة في بداية الألفينات رغم هجوم العديد من الناس عليها لتحويل الشهر الفضيل المخصص للعبادة لجلسات السمر و الشيشة … ظلت تنتشر و تنتشر حتى أصبح إنتشارها سببا لجعل مصر محطة مهمة للسائح العربي .. الحفلات في خيام الفنادق الكبرى المرتبطة بوجبتي الإفطار و السحور أصبح يحيها نجوم غناء من الصف الثاني و الثالث و بعض من نجوم غناء الصف الأول.. شئنا أم أبينا الخيام علامة مميزة لشهر رمضان .
في رأيي من يريد أن يصلي و يتعبد لن يمنعه وجود خيام.. … من يريد فعل شئ .. سيفعله .. فهناك العديد من الناس لا يذهبون لأي خيام و يقضون ما بعد وقت الإفطار في مشاهدة قائمة طويلة من المسلسلات التي تواجه هجوم مشابه .. رغم أنها أصبحت صناعة يعيش عليها العاملين فيها و يقدر عددهم بالألاف طوال عام كامل … المسلسل يا صديقي ليس ممثلين فقط .. كل من يرتبط بالعمل من أصغر عامل في البوفيه حتى أكبر نجم موظف ..
عموما أنا أحكي هنا عما أحبه في رمضان ..ولا شأن لي بهذه الجدالات .. أنا أحب الخيام الرمضانية .. أحب الأجواء و المرح و حالة البشاشة التي تصيب الناس بعد ساعات أوقات الصيام و الحر … و لكني أفضل الخيام الهادئة التي تحتوي على تخت شرقي …
سألخص لكم – كإعلان غير مدفوع الأجر – حتى الآن .. أفضل الخيام التي أحبها غير المرتبطة بالفنادق
“الخمسينة ” في المهندسين
كافيه متوسط يمتاز بتخت شرقي متنوع و قائمة إفطار مصري خالص تابع لمطاعم العمدة .. يمتاز هذا المكان بأن المطربين يغنون بلا مكبرات صوت و قائمة مطربين متنوعة من الطربي و الشعبي و الصعيدي و الكلاسيكي … أحبه كما أن سعره مناسب تماما
” رمضانا”
أول خيمة رمضانية في مصر .. ربما لا تزال تذكر إعلانها الشهير بصوت طارق نور … مكانها متغير و لكنها تمتاز بنجوم الصف الأول غالبا و طبعا غالية الثمن و تحتاج لحجز مسبق و لكنها تجربة تستحق..
“عبد الوهاب ” في الزمالك
تخت شرقي و غناء عربي كلاسيكي أصيل غالبا فيروز و عبد الحليم و أم كلثوم … أطباق إفطار و سحور لبنانية.
الجميل في رمضان أن مصر دائمة النور … مليئة بالحياة و جلسات المحبة بين الأصدقاء .. لن تستطيع أبدا أن تميز على الطاولة الواحدة من مسيحي و من مسلم و من ملحد … عاشت ليالي رمضان مجمعة المصريين الصهبجية …
أما عن معنى الصهبجية أصلا ..و هل أصلها يعود لسيد درويش فعلا … فهذا حديث آخر .. في الحكاية القادمة
الفقرة الغنائية