طارق الشناوي يكتب: كل واحد وله (جماعته)!!

نقلًا عن المصري اليوم
 
(الجماعة) فى المفهوم الشعبى تعنى الزوجة، ولا أدرى السبب وراء إطلاق هذه التسمية، التى أعتقد أنها سابقة على اسم جماعة الإخوان المسلمين التى بدأت عام 1928، نعم فى جزء منها تعبر عن حالة التكتم التى ينتهجها أولاد البلد لعدم الإفصاح عن اسم الزوجة وقبلها الأم، اكتشاف اسم الأم أو الزوجة يعتبر فى بعض القطاعات فضحا للمستور، ولكن لماذا الجماعة؟ هل المصدر مثلا جماع، وكأنه جى يكحلها عماها.
 
البعض يتعامل مع مسلسل (الجماعة) كما يتعامل مع جماعته، يريد أن يراها على مقاسه، معتبرا أنه فقط الذى يملك مفتاح التاريخ، وهو الوحيد الذى من حقه الانفراد بها، وهكذا مثلا قرأت أمس تعقيب المخرج خالد يوسف على الكاتب وحيد حامد، رغم أنه يعلم جيدا أن من يتحمل المسؤولية الأدبية عن العمل الفنى قبل المؤلف هو المخرج، ولكن كما يبدو فإن خالد يجيب من الآخر قافزا على البديهيات العلمية، وحيد يتصدر المشهد أمام الرأى العام فى (الميديا)، خالد يقول ما معناه إذا كنت تتناول عملا خياليا فلك مطلق الحرية، ولكن عندما تقول إنه هذا هو التاريخ الموثق، وتلك هى الحقيقة، فأنا أقول لك (استوب) أنا فقط عندى التاريخ وأنا الحقيقة.
 
كل منا صار هو المرجعية، لو كان من حق وحيد أن يقدم قراءته للتاريخ فمن حق خالد أن يقدم أيضا قراءته، ولكن لا أحد من حقه أن يقول إنه فقط الترمومتر وكل ماعدا ذلك باطل.
 
المسلسل التاريخى ليس مرجعا للتاريخ، إلا أنه لا يجوز ألا يستند المسلسل التاريخى لصدق التاريخ، وليس فقط لروحه، الوقائع الثابتة لا يمكن تجاوزها أو العبث بها، وإلا لماذا إذن نصف هذا العمل بأنه تاريخى.
 
لو قلنا إن جمال عبدالناصر كان منضويا فى شبابه المبكر تحت راية الإخوان، حتى لو رأى البعض أن هذه الواقعة غير موثقة تماما، فإن هناك من يرى العكس ولديه أسبابه، لا يعنى ذلك أن نجد فجأة وحيد متهما بالدعوة لشرعية مرسى، ماذا نفعل فى أفلام ومسلسلات ومقالات وحيد التى قدمها على نحو يقترب من نصف قرن، وهى تهاجم الإخوان وتفضح تلاعبهم بالدين، هل ببساطة نعتبر وحيد إخوانيا متخفيا، أم ساذجا يلعب بالنار ولا يدرى أن المؤرخ الذى استند إليه يورطه.
 
المسلسل فنيا لى عليه العديد من الانتقادات كعمل فنى ولكن تلك قضية أخرى، الناصريون غاضبون ومرجعيتهم هو خالد محيى الدين، طيب وباقى من أدلوا بدلوهم وقالوا إنه كان فى التنظيم، هل يعيب عبدالناصر أنه فى مطلع حياته انضم إليهم، وعندما تشكل وعيه صار عدوا لهم، لا أجد فى هذا أبدا ما ينال من عبدالناصر، فلقد كان يعلم جيدا باقترابه منهم الخطر الذى يشكلونه على مصر، إنهم يستخدمون أخطر الأسلحة لتحقيق أحقر النتائج.
 
أفهم مثلا أن مشهد تقبيل النحاس يد الملك يثير غصة فى ضمير الوفديين وغير الوفديين ممن يقدرون وطنية مصطفى باشا النحاس، ولكن هناك مرجعية اختارها وحيد أكدت الواقعة، ووجد أن هذا المشهد يصب فى صالحه دراميا فلم يخش العواقب. هل هدف المسلسل الدخول فى خصومة مع الناصريين والوفديين، أم أنه فى الجزء الثانى يواصل فضح الجماعة برؤية غير متشنجة؟.. كل منا لديه جماعته، ووحيد يقدم الجماعة التى يراها طبقا لقراءته للتاريخ، بينما التاريخ لايزال ملغما بالكثير من الفخاخ!!