محمود الغيطاني
في الحادي عشر من نوفمبر الماضي 2016م نشرت الكاتبة أميمة عز الدين مقالا نقديا لها على بوابة الأهرام بعنوان “فضاءات الحكي في قصص سماح أبو بكر عزت للأطفال” وهو مقال يتناول ما تقدمه الكاتبة سماح أبو بكر التي تكتب للأطفال من خلال كتابها القصصي “المنزل الأزرق، وفي يوم 15 ديسمبر من نفس العام 2016م، أي بعد 34 يوما نشر الصحفي والشاعر ياسر أبو جامع مقالا نقديا له حول نفس الكتاب، “المنزل الأزرق” للكاتبة سماح أبو بكر على موقع اليوم السابع بعنوان “قرأت لك.. الكاتبة فى “المنزل الأزرق” تحكي بقلمها مثلما تسرد الجدة للأحفاد”، وإذا ما بدأنا في قراءة المقالين المذكورين سيتبين لنا أنهما صورة طبق الأصل من بعضهما البعض، أي أن هناك من نقل من الآخر ونسبه إلى نفسه؛ مما يؤكد وجود شبهة سرقة أحدهما من الآخر.
إذا ما عدنا مرة أخرى إلى تواريخ النشر لدى كل من الكاتبين لتبين لنا أن الكاتبة أميمة عز الدين هي صاحبة المقال الأصلي تبعا لأسبقيتها في النشر في حين أن ياسر أبو جامع هو السارق منها.
حينما اكتشفت الكاتبة أميمة عز الدين هذه السرقة بالمصادفة- كما تقول- أثناء بحثها على شبكة الإنترنت كتبت على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: “صحفي باليوم السابع يدعي ياسر أبو جامع سرق مقالي ببوابة الأهرام ونسبه لنفسه.. أيها اللص ألا تستحي وأنت تنسبه لنفسك؟”، واضعة اللينك الخاص بمقالها، كذلك اللينك الخاص بالمقال المسروق على موقع اليوم السابع.
رغم أن ما فعلته أميمة عز الدين هو حق أصيل لها في أن تُدافع عما كتبته وتكشف عما يحدث الآن في الصحافة المصرية والعربية من سرقات، وحتى لا يتكرر الأمر كثيرا- رغم تكراره يوميا- إلا أن هناك الكثيرين من أصدقاء الكاتب علقوا لها مُبررين سرقته محاولين الدفاع عنه، بل ترك السارق بنفسه تعليقه على صفحتها بقوله: “أولا أنا شاعر وأعرف ما يعنيه الحق الأدبي للمؤلف. ولست “المدعو” أستاذة أميمة.. مع تقديري لمشاعرك. هذه المادة جاءت على الميل عقب وصول الكتاب للجائزة وكنت أعتقد أنها بيانا. فأنا أعمل في الصحافة منذ زمن بعيد ولي قراءات لمئات الكتب وليبحث الجميع في كتاباتي. ولو كنت أعلم أن هذه المادة لك لكنت أشرت بالطبع. وكان يجب عليكِ أن تتواصلي معي فإن ادعيت أنها لي فلك الحق فيما صنعتي.. وأشكر الأستاذ والزميل شريف صالح. وأعتذر لأنني عندما وصلتني لم أبحث عنها فقط اعتقدت أن ذلك ما تفعله دور النشر كالعادة.. وأكرر ما أكتبه في صحف كثيرة متاح للعامة . وأشكر الجميع. ويجب أن تعلمي أن العديد مما كتبت نشر في أماكن أخري بغير اسمي لأن “الدار أو المؤلف” أعجبها ما كتبت فوزعته على الصحفيين عن طريق الميل.. وأعتقد أن هذا ما حدث.. فأرجوكِ تبيني قبل أن تتهمي. وأكرر أقدر مشاعرك”.
يحاول هنا الصحفي التبرؤ مما نسبته له عز الدين مؤكدا أن هذه المادة قد وصلته على إيميله الشخصي، وأنه اعتقدها مجرد بيان جاءه من إحدى دور النشر فنشره ونسبه إلى نفسه باعتبارها بيانا – كما يقول-، لكن هل هذا بالفعل من الممكن أن يبرئ ساحة الصحفي؟ فكيف وصلته المادة على إيميله الشخصي أولا، ومن الذي أرسلها له في حين أنها مقال يخص كاتبته؟! وإذا كانت المادة قد وصلته على الإيميل الشخصي، كما يقول، باعتبارها بيانا من دور النشر فهل يحق للصحفي أن ينشر البيانات التي تصله كما هي من دون التصرف فيها وهو يعرف جيدا أن البيانات يتم إرسالها إلى العشرات من الصحف بنفس الصيغة، وبالتالي فنشر البيان كما وصله يعني تكرار الصحيفة ما تم نشره في غيرها من الصحف ومن ثم تفقد الصحيفة أسبقيتها وانفرادها في النشر ويصبح ما هو مكتوب هنا مكتوب هناك أيضا؟ وإذا كانت المادة فعليا بيانا فهل يحق للصحفي نسبته له ووضع اسمه عليه باعتباره كاتبه؟ ألن يؤدي ذلك إلى وجود هذا البيان في العشرات من الصحف بنفس الصيغة بينما هناك العشرات من أسماء الصحفيين على نفس البيان؟
يبدو الأمر هنا بمثابة فوضى في عالم الصحافة التي لا يحاول أي من صحفييها الاجتهاد والتثبت من المعلومات، ومن ثم بات العمل الصحفي هو نشر ما يصله مكتوبا جاهزا من دون أن يحاول الصحفي بذل أي مجهود وكأن دوره الوحيد هو نشر ما يصله بعد وضع اسمه عليه فقط من دون القراءة أو الاهتمام.
ما قاله أبو جامع لا يمكن أن يبرئه بقدر توريطه أكثر من حيث مهنيته كصحفي؛ ومن ثم يشكك في قدرته الصحفية وتجعل الجميع لا يثقون فيما يقدمه لأنه- حسب تبريره- ليس مجهوده الشخصي، بل هو مجرد مادة جاهزة وصلته ووضع اسمه عليها قبل النشر.
الصحفي ياسر أبو جامع وعد الكاتبة أميمة عز الدين بتصحيح الوضع، لكنه لم يقم بحذف اسمه، ولا الإشارة إليها في المقال؛ مما جعل الكاتبة تحاول التواصل مع اليوم السابع من خلال عدة إيميلات أرسلتها لهم محاولة فيها تنبيههم إلى السرقة السابقة وطالبتهم بتصحيح الوضع؛ لكنها لم تجد أي اهتمام من الصحيفة التي لم ترد عليها أو تعرها اهتماما.
فهل توافق اليوم السابع على نشر المقالات المسروقة فيها؟ ألا يجعل ذلك منها وكرا للصحفيين غير المحترفين الذين ينقلون من الآخرين أو يأخذون البيانات الجاهزة كي ينسبونها لأنفسهم؟ آمل فقط ألا يكون رئيس التحرير خالد صلاح على علم بما حدث في جريدته، وأتمنى ألا يكون على علم به.