هبة محمد علي
لا يولد أى فنان ليصبح نجما بالصدفة، فهناك مشوار – طال أم قصر- لابد أن يشكل فاصلا بينه وبين حلمه بالنجومية، الإتقان، والانشغال بتفاصيل الشخصية، وحسن الاختيار، كل هؤلاء هم زاد الفنان و زواده خلال ذلك المشواره الصعب، لكن لتبقى النجومية ويتم الحفاظ عليها، لابد أن يطوعها النجم لمعاييره هو دون سواه، ويمكن اعتبار آسر ياسين أحد نجوم جيله الذين تمكنوا من فعل ذلك بمهارة شديدة، يكفى أن تشاهد المباراة الفنية عالية المستوى التى يقدمها خلال الشهر الفضيل فى مسلسله 30 يوم بمشاركة الفنان باسل الخياط لتدرك مغزى السطور السابقة.
الجميل أن نجومية آسر ياسين فى 30 يوم تتجدد فى كل مشهد يلحظ الجمهور فيه الحرفية فى أداء الدكتور طارق حلمى، والاهتمام بأدق التفاصيل، خاصة أن لديه قدرة غريبة فى إبراز عمق الشخصية التى يؤديها باتباع مدرسة السهل الممتع فى التمثيل، تلك المدرسة التى لاتقبل بين صفوفها سوى المتميزين.
نرشح لك : هبة محمد علي تكتب: ما لن يكتبه الآخرون (3)
الأمر ليس غريبا على آسر ياسين، الذى وصل إلى ماوصل إليه من نجومية دون أن يفقد بوصلته، ودون أن تنمحى أو تتبدل هويته، والأهم دونما استسهال أو استهانة بالشخصية التى يؤديها حتى لو كانت شخصية نمطية قدمت عشرات المرات من قبل، فالبصمة الخاصة التى يضفيها على أى عمل تخلق منه عملا مميزا، ومؤثرا، وهو مافعله على سبيل المثال فى دوره فى فيلم (من ضهر راجل) حين واظب على تدريب الملاكمة قبل ادائه الدور لمدة سنة ونصف، مماجعل أسلوب (رحيم) فى كل مشاهده نابغا من كونه ملاكما، حتى فى المعارك التى أداها خارج الحلبة.
أما الفيلم الرومانتيك كوميدى الوحيد فى حياته (بيبو وبشير) فقد أثبت من خلاله قدرته على القيام بجميع الشخصيات بنفس القدر من الإتقان والاهتمام بالتفاصيل، بدايا من تسريحة شعر وملابس الشخصية، وصولا إلى اللغة التنزانية التى تحدث بها فى بعض المشاهد، ولعل هذا الإتقان الكبير لفيلم يطلق عليه بلغة السوق (فيلم عيد) سببا رئيسيا فى أن تظل إفيهاته حاضره بيننا طول الوقت حتى الآن.
وإذا كانت كل أدوار آسر ياسين يمكن وضعها فى سلة واحدة مكتوب على واجهتها بالخط العريض (فنان مجتهد) فإن دور يحيى فى فيلم (رسائل البحر) لابد أن يتم وضعه منفردا فى سلة الفنان المخلص لعمله والمؤمن بكل عمل فنى يؤديه، خاصة أن (رسائل البحر) كتب خصيصا للراحل أحمد زكى، وظل سبع سنوات بين يدى داوود عبد السيد وفى رعايته كمخرج وكمؤلف أيضا، حتى آمن صاحب الكيت كات وأرض الخوف أن رسائل البحر كلها لن تصل إلا من خلال هذا البطل، الذى لايزال الجمهور يستقبل رسائله فى مسلسل 30 يوم بنفس الشغف كل ليلة.