صار الثنائي تامر حبيب ومحمد شاكر خضير، من الأسماء المنتظرة في رمضان، كما ننتظر مسلسلات ممثلين بأعينهم، أصبح بالإمكان انتظار المسلسل فقط لأنه يحمل توقيع هذا الثنائي.
العام الحالي يجتمع الاثنان، في معالجة جديدة، لكن هذه المرة عن عمل روائي لإحسان عبد القدوس، أحد أكثر الأسماء المشهورة في تاريخ الأدب في مصر:
منذ البداية ندرك أن خيارات صناع العمل هي تحويل المسلسل للزمن الحاضر والابتعاد عن الزمن الأصلي للرواية الذي كان بعد سنوات قليلة من ثورة 52.
الأزمات التي دارت في ذلك الوقت تختلف تمامًا عن الأزمات التي يمكن تواجه أي أسرة حاليًا، خاصة مع المستوى الاجتماعي المرتفع الذي تقع فيه الأسرة بطلة العمل، لذا فكثير من الخطوط الموجودة في الرواية بالتأكيد ستتغير، في النهاية يبقى لصناع العمل حرية اختيار الخط الذي سيقدمونه، ويبقى لنا تقييم العمل في شكله النهائي.
ينجح السيناريست تامر حبيب في الاستفادة من العمل الروائي الضخم (أكثر من 1700 صفحة)، في صناعة إيقاع ممتاز للحلقات، أسرة مكونة من الأم وابنين وثلاث بنات، ولكل منهم شريك أو حبيب، بجانب الشخصيات الفرعية، كل هذا ساعد في جعل الحلقات دائمًا تقدم الجديد.
من الصعوبة الحفاظ على التوازن بين كل هذه الشخصيات، لكل سيناريو الحلقات ينجح في الانتقال بين الشخصيات بشكل جيد، فلا يشعر المشاهد بغياب شخصية أو خط ما أكثر من اللازم.
الكلام السابق لا ينطبق على شخصية الأم (ميرفت أمين)، إذ أن الخط الخاص بقصة حبها مع عبد السلام (جهاد سعد) هو الأقل تطورًا والأقل جاذبية، قصص الحب بين اثنين كبيري السن لها جاذبيتها لكن هنا لا نلمح هذه الجاذبية بوضوح وسط الخطوط الأخرى.
على الرغم من إجادة السيناريو في تطوير خطوط الشخصيات، إلا أنه أغفل أمرًا هامًا هو ماضي هذه الشخصيات، وخاصة العلاقة بين الأخوة، لماذا أفنان (ريهام عبد الغفور) مختلفة عنهم إلى هذا الحد؟ ولماذا هي العلاقة بينها وإخوتها بها حواجز؟ ما مستوى العلاقة بين آدم (أحمد مالك) وأحمد (محمد ممدوح)؟ تارة نجده يسر له بأفكاره وتارة أخرى نجد العلاقة سطحية، هذه الخلفيات كان من الأفضل تأسيسها منذ البداية قبل الذهاب في تطوير الشخصيات.
هناك أيضًا قفزات في بعض العلاقات، بالذات قصة الحب بين آدم وحبيبة، التي بدأت بأكثر شكل تقليدي ممكن وتطورت من هذه البداية غير المقنعة.
عارفة عبد الرسول في دور الخادمة بسيمة يعاد اكتشافها في هذا العمل، وهي صاحبة حضور كوميدي يفوق العديد من نجوم الكوميديا هذا العام.
لكن هذا لا يمنع أيضًا أن العلاقة بينها وبين مخدوميها تحتوي على بعض المبالغة أحيانًا، عندما توجه لهم الإهانات أو تكشف أسرارهم أمام الضيوف.
يحافظ محمد شاكر خضير على قدرته على اكتشاف وتطوير الممثلين في أعماله، لا يمكن إغفال أنه هو من لفت الأنظار إلى موهبة محمد ممدوح في “طريقي” ثم “جراند أوتيل”.
في “لا تطفئ الشمس” يواصل خضير تقديم مي الغيطي مرة أخرى بعد دورها الصغير اللافت في “جراند أوتيل”. ليس دورها كبيرًا هنا أيضًا ولكنها تستطيع الظهور بقوة خلال مشاهدها الصغيرة، حتى دون أن تتكلم.
يقدم أيضًا الوجه الجديد مريم الخشت في دور شهيرة حبيبة أحمد، هذه التي تقدم دورها بإخلاص يجعلنا نشعر أننا بالتأكيد قابلنا هذه الشخصية من قبل.
على العكس يأتي أداء محمود الليثي في شخصية دكتور سعد الذي يحب أفنان، يقدم دور الشاب المهذب المعجب في صمت بشكل كلاسيكي أكثر من اللازم، وهذه شخصية يصعب مقابلتها في العصر الحالي.
يتعامل محمد شاكر خضير مع مدير التصوير بيشوي روزفلت بدلًا من تيمور تيمور الذي كان شريكه في العملين السابقين. يقدم بيشوي صورة مميزة بالفعل، ولكنه كان يحتاج للتدقيق أكثر في بعض المشاهد، منها مشاهد الورشة التي كانت الإضاءة فيها لا تتفق مع المكان المغلق الذي يعتمد على مصابيح نيون.
يصعب تحديد الممثل الأفضل في العمل، وهذا يعني أن وراء المسلسل مخرج متميز يدرك كيفية إدارة كل ممثليه.
لكن يمكن الوقوف عند ريهام عبد الغفور، التي تظهر دائمًا بدون مكياج تقريبًا، في دور فتاة متحفظة ومتشددة، لكنها في الآن ذاته ليست بلهاء كما تُصوّر هذه الفتيات، تُدرك ما تريده وما لا تريده، وإن كان لديها مشكلة في التعبير، لكننا ننجح في قراءة كل هذا من تعبيرات وجهها فقط دون أن تتكلم.
مشهد الحلقة السابقة:
هناك عدة مشاهد يمكن الوقوف عندها في المسلسل، لكننا سنختار مشهدًا ربما يبدو تقليديًا عند عرضه في الحلقة السابعة لكن تأثيره يظهر في الحلقة العاشرة.
المشهد مكون من لقطة واحدة طويلة لسيارة شهيرة وهي في المغسلة، لا نشاهد سوى السيارة والصابون والفُرَش الكبيرة، بينما ينقل لنا شريط الصوت حوارًا بين أحمد وشهيرة عن تفاصيل حياتيهما، التي هي بذور لقصة الحب.
لاحقًا عندما يعترف أحمد لشهيرة بحبه لها يخبرها “بحب كل حاجه بعملها معاكي.. بحب غسيل العربيات.. والأفلام الإيراني”.
هنا تظهر قيمة هذا المشهد، الربط البصري بين السيناريو المكتوب وما نشاهده، لم يكن حذف المشهد ليضر في سير الأحداث لكن وجوده منح قصة الحب المزيد من التفاصيل ومنح هذه العبارة وقعًا أقوى لدى المشاهد.