يقول محمود السعدني في دراسته النقدية الهامة “المضحكون” : “خفة الدم موهبة تمنحها لك السماء أو تسلبها منك لحظة الميلاد، وهي شيء لا يمكن اكتسابه ولا يمكن تطويره، ولا علاقة له بالثقافة ولا بالفكاكة، ولكنها جرثومة تجري في الدم وسعيد الحظ من يولد بها، ويصبح أسعد لو أدركته بعد ذلك حرفة التمثيل”!.
تنطبق هذه المقولة على ضابط الشرطة ابن لاعب كرة القدم الكابتن حسني عبد الرحيم، لاعب نادي الزمالك في فترة الستينيات، أكرم حسني الذي ترك الميري ولم يتمرمغ في ترابه وسار خلف منحة السماء وجرثومة خفة الدم وعمل في الإعلام، ثم أدركته حرفة التمثيل بعد ذلك، واحترفها وأصبح سعيد الحظ فيها وبها، وتفوق على جميع مضحكين رمضان 2017 من خلال مسلسل ريح المدام.
يعتمد مسلسل ريح المدام على كوميديا الموقف والاسكتشات الكوميدية، وأكرم حسني هو رائد الاسكتش الكوميدي الحديث في مصر منذ ظهور البرامج الدرامية الساخرة التي بدأها هو من خلال برنامجه “أسعد الله مسائكم” وشخصية “أبو حفيظة” الناجحة، ونرى تأثير هذا اللون الناجح من البرامج على مسلسل “ريح المدام” في كثير من الحلقات ومنها مثلا فكرة الأغنية الساخرة على اللحن المشهور التي تُخدِم على فكرة الاسكتش والتي اشتهر بها برنامجه الضاحك “أسعد الله مسائكم”
دكتور نفسي يساعد على الانتحار ولكنه مضحك
عندما كان يحدثني أحد أصدقائي عن مشاكله التي تحاصر حياته وينتظر مني حل أو نصيحة أو كلمتين جبر خواطر وتهدئة كنت أقول له: “لا ملهاش حل، انتحر وانت تخلص من ده كله” ثم ينقلب الموقف كوميدي وينسى صديقي مشاكله ونسهر ع القهوة، لأن الرد غير المتوقع أثمر عن ضحك أزاح الهم عنه ولو بشكل مؤقت ولكنه ضحك.
لم أكن أعلم أن هناك مجانين سيحولون هذا التشجيع على الانتحار لشخصية كوميدية تُضحك مصر كلها من خلال دكتور بهجت المعقد الذي يساعد مرضاه على الاكتئاب أكثر، ويشجع على الانتحار بأسلوب يجعلك لا تتعجب بل تفطس ضحك، ولا تنسى أن الضحك في حد ذاته علاج.
والأجيال الجديدة لها لغة ضحك جديدة لم يتوصل إلى فك لوغاريتماتها حتى الآن إلى عدد قليل جدا من المضحكين وسعداء الحظ، منهم أكرم حسني، وكثيرا ما عرضت لنا الشاشة أنواعا مختلفة من الأطباء النفسيين غربيين الأطوار بهدف الكوميديا، ولكن أكرم حسني في ريح المدام وشخصية دكتور بهجت لعب شخصية الطبيب النفسي غريب الأطوار من زاوية أخرى تماما، وقريبة جدا من ضحك الشباب وبلغة هذا الجيل الجديدة التي يجيدها ويطورها أكرم دائما.
أن تتزوج أم صاحبك والكل يضحك ويحبك
-يا بُنَيَّ …. لا تتشبث بحب العالم، فهذه الدنيا لم تدم لأحد سوىَ الفنانة “رجاء الجداوي” هذه الجملة الساخرة جزء من مقالي الساخر “قبل “الثورة” وبعد “العشا”” على هذا الموقع الذي أحبه وأحب قُراءه والقائمين عليه، وعندما كتبتها لم أكن أعلم بالطبع أن بعد سبعة أشهر ستفاجئنا الفنانة الجميلة وغير المعقدة والمحبة للحياة والاستمرار والنجاح “رجاء الجداوي” بزواجها من الكوميديان الشاب أكرم حسني في عمل فني رمضاني ضاحك.
نرشح لك: مينا عادل جيد يكتب: قبل “الثورة” وبعد “العشا”
بهجت الدكتور المعقد الذي يحب أم صديقه سلطان ويتزوجها بعد صراعات ومحاولات لاقناع صديقه سلطان، ويلعب أكرم حسني الدور بخفة دم جديدة ومن منطقة البرود الشديد والاقتناع المستميت بضرورة جوازه من “طنط منيرة”، ويظهر ذلك في حواراته مع أحمد فهمي، ويجعلك تتعجب وتضحك من من إيمانه الشديد بحبه وضرورة زواجه من أم صديقه، وصديقه دماغه هترشق، ويساعده في ذلك الكيميا المظبوطة جدا التي بينه وبين أحمد فهمي، بالإضافة لروح رجاء الجداوي الحلوة، فيقدمون لنا أفضل قصة حب في رمضان 2017 قصة حب بهجت ومنيرة.
وفي النهاية تجربة أكرم حسني تثبت أن لا يوجد إلا شيء واحد فقط إن فاتك يجب وحتما عليك أن تتمرغ في ترابه وهو “الفن” وحده.