لا شَكّ أن قرار 6 دول عربية، تتقدمها مصر، بقطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر، كان نكسة أخيرة للعروبة في ذكرى نكستها الأولى؛ في الخامس من يونيو عام 1967، ولا يخفِّف من وَقْع القرار الحكيم على نفوس العرب والمصريين، إلا التزامُن القدري؛ بأن يتوافق اليوم هجريًّا، هذا العام، مع العاشر من رمضان، الذي يحمل أغلى ذكرى؛ ذكرى النصر في أكتوبر 1973.
وقدرية التاريخ الذي جمع بين نكسة ونصر، تتشابه مع قدرية القرار الذي حمل طردَ أخٍ عربي مسلِمٍ، وإخراجَه من الشمل، وإبعاده عن الأهل في شهر رمضان، عقابًا له على مجمل حماقاته وأخطائه التي دَمَّرَت البيت وقَتَلَت بعض سكانه، فأصبح وجوده يشكل خطرًا على حياة من تبقى، لقد تأخر كثيرًا قرار الجمع العربي بعقاب قطر، وتسبَّبَ تأخُّرُه في أنْ صَدَّق هذا الصبي الأحمق أنه زعيم وقائد ومؤثر وملهم، صدق «بَكَشْ» بعض العرب الذين حجوا إلى «دوحته» يغترفون من عوائد نفطه، وصدق جماعة الإخوان المارقة التي اختطفت منه دويلته التي اختزلها في فضائية «ماجنة» تبثُّ سمومها، وتلوِّث عقول مشاهديها، وتُغوِيهِم بأفكارها الملغومة.
وكان زلزال دبلوماسي عربي قد حدث، فجر الاثنين، الخامس من يونيو 2017، خلال 30 دقيقة أعلنت مصر والإمارات والسعودية والبحرين واليمن وليبيا، قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وأعلنت كل دولة في بيان منفصل أسبابها، التي تشابَهَتْ إلى حد كبير، وجمعها البيان (المختَصَر) لوزارة الخارجية المصرية: «قررت حكومة جمهورية مصر العربية قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر، في ظل إصرار الحكم القطري على اتخاذ مسلك معادٍ لمصر، وفشل كافة المحاولات لإثنائه عن دعم التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم الإخوان الإرهابي، وإيواء قياداته الصادر بحقهم أحكام قضائية في عمليات إرهابية استهدفت أمن وسلامة مصر، بالإضافة إلى ترويج فكر تنظيم القاعدة وداعش، ودعم العمليات الإرهابية في سيناء، فضلًا عن إصرار قطر على التدخل في الشئون الداخلية لمصر ودول المنطقة بصورة تهدد الأمن القومي العربي، وتعزز من بذور الفتنة والانقسام داخل المجتمعات العربية، وفق مخطط مدروس يستهدف وحدة الأمة العربية ومصالحها».
وإذا كان «الإخوان» هم كلمة السر في القرار المصري، فإن إيران تسبقهم كسبب قاطع في القرار الخليجي، وكلتاهما؛ «الإخوان» وإيران، ومعهما تركيا، أصبحوا يشكلون محوَرَ الشرِّ والإرهاب في المنطقة، ويعتبر زلزال «5 يونيو» الدبلوماسي الضربة الأولى التي يوجِّهُها لهم التحالف الجديد الذي يتشكل حول مصر لاستعادة منطقة الشرق الأوسط من أيادي العابثين بعد «سبع سنوات عجاف»، يليق أن نسميها «زمن الربيع القطري».
لقد آن الأوان ليفيق هذا الحاكم الـ«لجلج» ويستيقظ مَن يقف خلفه يمسك بأطراف خيوطه ويحركه كـ«ماريونيت»، ويستغلّ «هَبَله» ونفطه و«جزيرته»، آن الأوان ليعرف البغاة أنه في ذكرى «العاشر من رمضان».. ذكرى النصر.. عادت مصر.. عادت لتصحح مسار الأمة العربية والإسلامية، بعد سنوات التيه القطري الإخواني الذي حبس الأمة أسيرة بين السلطان التركي والمرشد الإيراني.
قلتُ في مقالي هنا، الأسبوع الماضي: «بعد خطاب الرئيس السيسي في القمة الإسلامية – الأمريكية الذي اعتمده مجلس الأمن كوثيقة رسمية، أصبحت قطر.. في خطر»، وأؤكد اليوم، بعد قرار قطع العلاقات، أن «الخطر أصبح قطر».
حفظ الله مصر والمصريين وكل العرب والمسلمين.