ما أشبه الليلة بالبارحة، الليلة مسلسل (الجماعة) والبارحة قبل 30 عاماً مسلسل (صاحب الجلالة الحب)، والذى كان يعرض أيضا فى شهر رمضان، حيث تدخل المشير أبوغزالة، القائد العام للقوات المسلحة والرجل القوى فى تلك السنوات عام 87، كانت بعض التقارير تشير إلى أن المسلسل لا يتناول مرحلة النكبة فى 48، ولكنه يلقى بظلاله على هزيمة 67، وأن حسين فهمى يلعب دور المشير عبدالحكيم عامر، بينما نبيلة عبيد تؤدى دور برلنتى عبدالحميد، وإن كانا على الشاشة يمثلان شخصيات تنتمى لعهد الملك فاروق.
المسلسل مأخوذ عن قصة لمصطفى أمين سيناريو وحوار أحمد صالح وأخرجه حسن الإمام، فى 30 حلقة صورها سينمائيا، بينما الذى سمحت به الرقابة هو 28، بعد أن حذفت كل مشاهد محاكمة الضباط وقبلها السهرات الماجنة التى كانوا يشاركون فيها.
ما تردد وقتها أن أبوغزالة قال إنهم يتطاولون على الجيش وعاتب صفوت الشريف، وزير الإعلام، وقال له كيف وهو عسكرى سابق يسمح بذلك، فكان رد صفوت أن المسلسل ينتقد الجيش فى 48، فقال أبوغزالة إنه فى النهاية جيش مصر.
البعض يدعو الدولة أن تتدخل وتوقف مسلسل (الجماعة)، أو عن طريق المونتاج تحذف كل ما يمكن أن يستشف منه تعاطف مع الإخوان أو مساحة زائدة لسيد قطب وهو الشخصية المحورية فى المسلسل الذى يمتد أحداثه حتى عام 66 مع تنفيذ حكم الإعدام، يطالبون بحذف عدد من المشاهد التى عرضت فعليا حتى عندما يعاد بثه لا يتم توثيق هذه الأحداث.
المسلسل يحظى بدرجة كثافة مشاهدة عالية، أكثر من 90% بالنسبة لهم هذا هو التاريخ وتلك هى ميول وأفكار جمال عبدالناصر، وهذه هى زينب الغزالى وهذا هو الهضيبى.
الخطوط السياسية التى يرمى إليها وحيد أنهم جماعة مسلحة لا تؤمن سوى بالسمع والطاعة، لا عهد ولا اتفاق معهم، يبيعون أى شىء فى سبيل مصالحهم، ولديهم دائما أساليبهم الملتوية فى تجنيد البسطاء، لا تعنيهم مصر ليست لديهم مشاعر وطنية، المسلسل يدين الجماعة، ولكن فى نفس اللحظة، يحاول ألا يُصبح مجرد راصدا لهم أو متصيدا لأخطائهم ولكنه يتعمق فى تفاصيل بنائهم الفكرى والنفسى، أغضبت الإخوان رؤية وحيد، ولكن من غضبوا أكثر هم الناصريون، يجدون فى الكثير من الوقائع التى تمس عبدالناصر شائعات، بينما ما يراه وحيد أنها الحقيقة المجردة، فمن يدعى منا امتلاك الحقيقة؟
يقولون إن عبدالناصر لم ينضم فعليا إليهم ويشككون فى واقعة أنه أقسم على المصحف والمسدس، برغم أن خالد محيى الدين يؤكدها، بل ويشير إلى أن اسم عبدالناصر الحركى (زغلول) ظل لصيقا به بين الأصدقاء حتى منتصف الستينيات.
قدرنا فى الدراما التى تتناول تاريخنا المعاصر ألا نتفق، لأن العديد من التفاصيل، لا تزال غير موثقة. السؤال حتى لو كان جمال عبدالناصر منضما للإخوان فى شبابه المبكر، ثم اكتشف ألاعيبهم.. هل يهينه ذلك؟ والسؤال الثانى، أنكر جمال عبدالناصر فى أحاديثه انتماءه فعليا للإخوان.. هل يجوز للكاتب أن يستند إلى مصادر أخرى تؤكد عكس ذلك؟
مهما كانت إجابتك، لا أتصور أن إيقاف العرض أو تدخل الرقابة هو الحل، لأن من يطالب اليوم بسيف الرقابة سيطاله السيف غدا!!