محمد سلطان محمود – فوانيس (10)

(1)

مازالنا حتى الآن نتذكر تترات مسلسلات رمضان في الثمانينات والتسعينات، موسيقى “رأفت الهجان” و”البخيل وأنا” و”أوان الورد”، أغاني تترات “المال والبنون” و”ليالي الحلمية” و”أرابيسك” و”هوانم جاردن سيتي”، فن باقى رغم مرور مايزيد عن 30 عامًا على بعض تلك التترات، وبالرغم من إنتاج مئات المسلسلات بعدها.

لكنها أعمال صنعت من أجل الفن وليس الإستهلاك السريع، أما الآن فقد أصبحت أغاني التترات أقل جودة، مجرد أغاني يتواجد من خلالها المطربون في رمضان.

أخر تترات المسلسلات التي بقيت في الذاكرة هو تتر مسلسل “يتربى في عزو” الذي تم عرضه عام 2007.

(2)

أحد العوامل التي أدت إلى تراجع مستوى تترات المسلسلات هو القنوات التي قررت اعتبار التتر جزءًا زائدًا من المسلسل يمكن التخلص منه وتخصيص مدته للفواصل الإعلانية، وبالتالي لو كنت أحد المشاركين في مسلسلات رمضان، فاحتمالية أن ترى اسمك على تتر العمل الذي شاركت فيه لمدة شهور هي احتمالية ضئيلة، الجديد هذا العام هو قيام بعض القنوات وشركات الإنتاج برفع حلقات المسلسلات على موقع يوتيوب بدون تترات البداية والنهاية، وهو اختذال غير مفهوم، ولا تفسير له سوى أن المسئولين عن حسابات يوتيوب يرغبون في تخفيف بعض “الميجابايتس” ليتم رفع الحلقة في وقت أسرع.

بالتأكيد كل تلك الأسباب تؤدي إلى إنتاج تترات يعلم صناعها أنها لن تُعرض سوى بضع مرات خلال الـ30 يوم، وبالتالي يميل بعضهم إلى عدم المبالغة في الطموحات أثناء صناعة أغاني التترات، طالما مصيرها الحذف من العرض التليفزيوني وعلى الإنترنت.

(3)

مسلسلات رمضان هذا العام تفتقد واحد من أهم واضعي الموسيقي التصويرية في الـ20 عام الأخيرة، خالد حماد، فهو من القلائل الذين يحرصوا على تأليف موسيقى تصويرية تتحدى مرور السنوات، دون اعتبار لالتزام القنوات بعرض التترات كاملة من عدمه، كل ما يهمه هو جودة العمل الذي يحمل اسمه، وربما يكون ذلك سبب تفضيله عدم المشاركة في مسلسلات هذا العام، والتركيز في تأليف الموسيقى التصويرية لفيلم محمد هنيدي الجديد “عنتر ابن ابن ابن ابن شداد” الذي سيتم عرضه في عيد الفطر.

موسيقى مسلسل أوان الورد التي وضعها عام 2000 باقية في ذاكرة المشاهدين رغم مرور 17 عامًا على المسلسل، وأغاني تترات مسلسلات “قانون المراغي” و”خاتم سليمان” باقية بالرغم من عدم إعادة عرض المسلسلين كثيرًا.

خالد حماد يجعل من موسيقاه وسيلة تعبير للممثلين دون أن ينطقوا، يستطيع من خلالها إيصال مشاعرهم، ودائمًا أتوقف أمام مسلسل “صاحب السعادة” أخر تعاون له مع الفنان عادل إمام، حيث تألق حماد في وضع الموسيقى التصويرية، واستطاع بسلاسة نقل المشاهدين من حالات الفرح إلى الشجن وإعادتهم مرة أخرى، وهو ما ظهر واضحًا في مشهد نهاية الحلقة الأخيرة من المسلسل (شاهد المشهد من هنا)

كلما شاهدت ذلك المشهد أشعر أن عادل إمام يفتقد إلى موسيقى خالد حماد في مسلسلاته الأخيرة، كما تفتقده مسلسلات هذا العام.

(4)

خالص التهاني القلبية لفريق عمل مسلسل “في اللالا لاند” لوقوع أول حدث هام في المسلسل بعد 23 حلقة، وهو قيام ضحايا الطائرة باستكشاف الجزيرة والعثور على وثائق توضح أنهم على جزيرة “لالا لاند” الواقعة بين تايلاند وأندونيسيا.

بالرغم من عدم منطقية الحدث، نظرًا لعدم معرفة أبطال المسلسل باللغة المكتوبة بها الوثائق، وهو ما تم تأكيده في مشهد سابق، إلا أننا يجب أن نسعد لهؤلاء الأبطال الذين أمضوا 22 حلقة في وسط دائرة مفرغة خالية من الأحداث والكوميديا.

كل ما أتمناه أن يتوقف الممثلين عن ذكر المسلسلات الأخرى باعتبارها إفيهات مضحكة، مثل ترديد دنيا سمير غانم لكلمات أغنية تتر مسلسل “لأعلى سعر”، أو إمساكها بـ”كلبش” وسخريتها من محمد سلام قائلة أنه يظن نفسه “أمير كرارة”، الألطف هو قيام محمد سلام بإطلاق إفيه مستهلك عن العلامات المميزة في الممثلين ذاكرًا “سنة حمدي الميرغني”، أحد أبطال العمل، وهو إن دل على شيء فهو دليل على أن المسلسل يعاني من عدم وجود ما يكفي من أحداث لاستكمال الـ30 حلقة، مما يضطر الممثلين إلى ملء المشاهد بأى حوار لاستهلاك الوقت، وهي أزمة تواجه عدد كبير من المسلسلات.

(5)

عدد كبير من المسلسلات يعاني من عدم وجود ما يكفي من أحداث لاستكمال 30 حلقة، وهو ما دفع بعض المخرجين إلى اللجوء لاستهلاك 3 دقائق في بداية كل حلقة لاستعراض ما حدث في الحلقات السابقة، وبمرور الحلقات واقتراب الحلقات الأخيرة، بدأ بعض المخرجين في اللجوء لخدعة جديدة وهي إعادة عرض أخر 5 دقائق من الحلقة السابقة، وغالبًا ما يكون مشهد غير هام انتهت به الحلقة، لكنها حيلة ضعيفة لإضاعة الوقت ومليء الفراغات لسيناريوهات هزيلة لا تصلح لمسلسل من 5 حلقات.

فأصبح لدينا “في الحلقة السابقة..” بعدها 5 دقائق من الحلقة السابقة ثم مط وتطويل وحوارات مملة يمكن اختصارها في 4 أو 5 جمل، ثم مشاهد صامتة للممثلين وهم غارقين في التفكير ثم مشهد الـ5 دقائق الذي سيتم إنهاء الحلقة به وإعادته في الحلقة التالية، إنه الإفلاس في اسوأ صوره.

حالة الفوضى التي تسبق شهر رمضان، وتجعل جميع المنتجين في سباق مع الوقت لتصوير أعمالهم يمكن تلخيصها في تصريحات حسين شوكت، مخرج مسلسل “غرابيب سود” الذي توقف عرضه بعد 20 حلقة، لاكتشاف صناعه أثناء التصوير أن سيناريو بعض الحلقات لا يتجاوز بضعة دقائق، وهو ما أدى إلى ضم الحلقات المكتوبة إلى بعضها ليصبح المسلسل مكون من 20 حلقة بدلًا من الـ30 حلقة المفترض تصويرها.

ولمساعدة صناع المسلسلات ، فهم أمامهم 324 يومًا بعد رمضان للإستعداد لرمضان المقبل دون مفاجأت،حيث تشير التوقعات الفلكية إلى أن الأول من شهر رمضان 1439هجريًا سوف يوافق يوم الثلاثاء 15 مايو عام 2018 إن شاء الله.