محمد نبيل
أعلنت إدارة مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط مقاطعة تركيا خلال فعاليات الدورة الـ34، والتي تقام خلال شهر أكتوبر المقبل، عبر ما يشبه بيان رسمي تحدث فيه عن دور أبناء الأناضول في تشويه سمعة مصر.
أرجعت إدارة المهرجان القرار للدور العدائي التي زعمت أن تركيا تقوم به اتجاه مصر على المستوى السياسي، فضلا عن مواقفها المنحازة ضد مصر ودعمها للإرهاب، مشترطة أن تعود تركيا للمهرجان بعد أن تكف عن مواقفها المعادية لمصر وتتوقف عن فتح أراضيها للجماعات الإرهابية والمتطرفة.
ولما كان الأصل في إقامة أي فعالية سينمائية كبيرة، أن تصبح واجهة حضارية تربط الألوان والأعراق ببعضها البعض، ومن ثم تقريب المحيط الإقليمي والدولي وتذويب الفوارق، فكيف يدخل المهرجان العريق نفسه في مثل هذه الأمور التي لا علاقة للفن والسينما بها.
مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط والذي تم افتتاح دورته الأولى عام 1979، يعد واحدا من أهم الأنشطة السينمائية على الخريطة المصرية، أعلن أن القرار يأتي للعام الثالث على التوالي رغم أنه لم يصدر أي تصريحات خاصة بهذه المقاطعة خلال السنوات الماضية، إللهم إلا في عدم وجود أفلام أو سينمائيين من تركيا من باب المصادفة.
القرار غير المفهوم على مستوى التعاطي مع قضية لا تمت للسينما بصلة، يأتي في ظل علاقة مصر التي تبدو طبيعية بتركيا، سواء
على مستوى التبادل التجاري، أو حتى عرض المسلسلات التركية على الشاشات المصرية بشكل شبه منتظم، وكأن إدارة المهرجان تعمد إحراج باقي المهرجانات السينمائية المصرية دون مبرر.
وبالنظر إلى دورة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 2014 على سبيل المثال، فسنجد أنها فضلت عدم الانسياق وراء الأحداث السياسية وخاصة عندما حصل الفنان خالد أبو النجا على جائزة أفضل ممثل بعد أيام من أزمة خاصة بانتقاده للنظام الحاكم، فضلا عن حصد فيلم “ميلبورن” الإيراني جائزة أحسن فيلم ، بالرغم من عدم تمكن أسرة الفيلم على الحضور نظرا لتوتر العلاقات بين القاهرة وطهران.
أما على المستوى الدولي فهناك العديد من المحافل التي رفضت ربط الفن بالسياسة، كان آخرها حصول المخرج الإيراني أصغر فرهاي الذي فاز فيلمه “البائع” بجائزة أوسكار كأفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية، عقب قرار حظر السفر الذي فرضه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على رعايا 7 دول شرق أوسطية من بينها إيران.
كثير من الآمال تعقد على دورة العام الجاري من المهرجان السكندري والذي كرم العام الماضي مخرج جزائري تم عرض أحد أفلامه بمهرجان داخل إسرائيل ، وقبله بعامين استضاف فيلم شاركت إسرائيل في إنتاجه، لا يعكس أبدا توجها ذو رؤية حكيمة، ويضع تاريخ المهرجان ومستقبله على المحك.