يرتبط مجال الطيران بكثير من الفضول، الضيافة الجوية تثير فضول صناع السينما منذ عقود، فكان فيلم “مطاردة غرامية” للعظماء فؤاد المهندس وشويكار سنة 1968، الفيلم الكوميدى رسخ ارتباط فكرة الانحلال بالمضيفات الأجنبيات عند عقول البسطاء، واستثنى المضيفة المصرية المحافظة.
لن يُتاح لى التحدث عن جميع الأعمال التي تناولت مهنة الضيافة الجوية بأشكال مختلفة، ولكننا لابد أن نتطرق لآخر عمل في رمضان 2017، قطاع كبير اهتم وانتظر بشغف مسلسل #أرض_جو ليرى نفسه فيه، أخيراً سوف نرى متاعب المهنة وكواليسها متجسدة أمام أعيننا.
جاء المسلسل وجاءت معه خيبات أمل كثيرة، جعلتنى انتظر حتى نهاية العمل لأكتب هذا المقال، كنت قد خططت أن أتابع مسلسل #أرض_جو من بدايته لنهايته وأكتب تعليقتى بالسلب أو بالإيجاب بعد كل حلقة، فحدث أن تابعت ولم يسعفنى الوقت لأكتب بشكل يومى، وكان الانتظار الطويل حتى لا أبخس الحقوق أو أندفع بشكل غير لائق، رغم كل ما لاقى المسلسل من ردة أفعال سلبية من قطاع كبير، يسمى قطاع العاملين بمجال الطيران، فظهرت التعليقات وبيان النقابة العامة للضيافة الجوية، فيديوهات مواقع التواصل الاجتماعى لمضيفات جويات تعطى دروساً لطاقم عمل المسلسل عن معنى الضيافة الجوية، كل هذا أظهر عدم دراسة كاتب العمل للمهنة من الأساس قبل الكتابة، هذه الفئة العريضة المهمة انتظرت العمل بشغف، ما كان لصانعيه أن يستخفوا بعقولهم ومكانتهم الى هذه الدرجة، دعونى أسرد بشكل غير منتظم مع الحلقات النقاط الرئيسية التى جعلت العمل مؤسفاً لكل من تابعه.
بداية عندما سمعت عن المسلسل وقبل رؤيته، صدمت في اختيار السيدة غادة عبد الرازق، رغم أننى من متابعيها في رمضان منذ عدة سنوات، وأرى أنها قد أصابت اختيار الكثير من أعمالها ووفقت الى حد كبير، لكن عفوا سيدتى، المضيفة الجوية لها كاريزما خاصة لا تملكيها، شخصيتك غير ملائمة للدور، المضيفة الجوية تخضع للكثير والكثير قبل اختيارها للعمل وبعد الطيران، بالإضافة الى شخصية الفنانة القوية بدون مبرر، وحاجبيها المرفوعين في تأهب غريب، وابتسامتها الساخرة على الدوام، لا تصلح لتمثل المضيفة الجوية اطلاقاً، فقد تنجح في دور سيدة الأعمال أو سيكوباتية أو غيرها بهذا الشخصية كما فعلت من قبل.
المضيفة سلمى، من أهم مؤهلات المهنة هي تحدث لغة أجنبية واحدة على الأقل بطلاقة، الأمر الذى أحرجك فيه كاتب السيناريو وأوضحه المخرج في مشهد القاء Announcement في الطائرة قبيل الاقلاع، لغة انجليزية ركيكة للغاية، أدت الى مشهد ضعيف.
التناقض في شخصية سلمى غير مبرر وغير مقنع، فهى المضيفة المتحررة في مظهرها لأبعد الحدود والتي تنهر صديقاتها لشربهم الخمر في باريس (كعادة النجمة في لعب دور المثالية)، ثم شربه مع حبيبها صلاح بنهم أثناء التهامها الطعام!
المضيفة سهام، لا توجد مضيفة جميلة وبلهاء على الاطلاق يا سادة، الجمال ليس شرطاً اساسياً للمهنة كما تعتقد العقول الفارغة، لكن ان توافر لا بأس، شركات الطيران تضع شروطاً متعلقة بالطول والوزن والصحة البدنية والنفسية إضافة الى مواصفات كثيرة أخرى، المضيفة سهام ظهرت طوال المسلسل تعانى من خلل نفسى وغير مستقرة، النقطة التي أثارت الغثيان هي طريقة التواء شفتاها وتتحدث بطريقة غريبة لأنها تسكن في منطقة شعبية بحارة وتحب هذا المسجل خطر! لا يوجد مضيفة جوية تتحدث بهذه الطريقة أبداَ، لأنها مُختارة بعناية فائقة ولأنها تمثل شركة الطيران التي ترتدى زيها.
المضيفة منار التي تذهب مع العرب الى الغرف بحثاً عن النقود، لا أملك تعليق الا سؤال واحد للكاتب: هل هذا حقاً ما تراه فقط في كل نماذج المضيفات؟
المضيفة ليلى أقربهم الى الواقع الا أنها اشتغلت بالتهريب في نهاية المسلسل، لتكمل الدائرة على أربع نماذج من أسوأ ما يكون، يمثلون قطاعاً عريضاَ يعمل بمجال الطيران.
أما الكابتن، فهنا لنا وقفات يصعب على المقال سردها، بداية من لقطة تصويره لرجل المضيفة وكأنه شهوانى محروم من رؤية السيقان وهو يجول العالم بأكمله؟ أم أنه مختل عقليا وهو الأمر الذى يتنافى تماماً مع كونه طيار مسئول عن أرواح كثير من البشر، وانتهاء بشخصيته البذيئة عموما.
صاحب شركة الطيران، أحسست طوال الوقت أنه يحكم في عزبته الخاصة، وأن الشركة غير خاضعة لأى قوانين، ينهى عمل سلمى بمزاجه وهو أمر غير طبيعى، شروط كثيرة لابد من توافرها لانهاء عقد المضيفة الجوية، وان حدث أمر ما فلابد من وجود شهود، أمور كثيرة غير منطقية، ثم تعليقه لابنته في آخر حلقة حينما رآها ترتدى زى المضيفة مفاده نظرتهالدونية لعمل المضيفة، لكنه تخلى عنها الآن! ما هذا الهراء؟
في رد جاء من أسرة المسلسل أنهم لم يناقشواالمهنة بعينها، وانما ناقش العمل تفاصيل وقضايا اجتماعية، الأمر الذى أراه غريب، لماذا لم تتم هذه التفاصيل الاجتماعية بعيداً عن هذه المهنة اذن! لماذا كانت الدعاية كلها مرتبطة بالطيران من الأساس؟
لم نقتنع بضرورة اقحام مجال الطيران كله في درامتكم هذه، وخطف الطائرة وكل الأحداث كان من الممكن استبدالها بمهن أخرى، الا أنكم اعتقدتم أن ال Propaganda بزى المضيفة الجوية سوف تزيد من نسبة المشاهدة، بعد أيام قليلة لم يكن الأمر كذلك، ومع ذلك رأينا نجوم العمل في فيديو يحتفلون بنجاح المسلسل الباهر، هذا ما يقوله لكم المحيطون وتنفيه الجماهير والتي جعلت المسلسل أرض أرض.
كنا نتمنى أن نرى شيئاً مُبتكراً وحقيقياً يتناسب مع الإنتاج الضخم، يعرض حياتنا بإنصاف، يزيل كل ما هو ملتصق بالعقول من أوساخ، لا أنكر أن هناك السئ كما أي مهنة في العالم، الا أننى لم أفهم لماذا الإصرار على اقحام مجال الطيران في كل ما هو سئ ونجس.
تحية طيبة وشكراً على الاستيعاب.
مضيفة جوية سابقاً وكاتبة حالياً
مروى جوهر