في ظني أنَّ ملفَّ التعليم في الأزهر تعمل عليه لجان وجِهَات أزهرية بشكل مستمرٍّ ومتصل، عمل لا يتوقَّف ولا ينتظرُ توجيهًا أو تعليماتٍ، لأنه قضيةُ حياةٍ بالنسبة لكل الأزهريينَ بل ولكل المصريينَ ولا أُبالِغُ إن قلتُ: وللمسلمين في العالم أجمع.
وكانَت النيَّةُ خالصةً، أن يكون مقالي كاملًا عن التعليم الأزهري (قبل أن تَخطفَ «التاءُ المربوطة» سطورَه الأخيرة)، وكان مدخلي إلى باب التعليم بخبر عابر أثار قليلًا من الجدل، قبل أن يتبَخَّر تأثيره بفعل الطوفان الرمضاني الكريم بـ«مشتملاتِهِ» من روحانيات وعزومات ومسلسلات.
والخبر الذي أراه فارقًا ويستحقُّ إعادته للضوء، كان محتواه يشير إلى أن الأزهر الشريف قد استشار (أو استعان) في هذا الملف المهم بالدكتور حسام بدراوي، السياسي المخضرم وواحد من أبرز المهتمين بالتعليم وصاحب الكتاب الموسوعي «الطريق إلى النهضة – التعليم… الفرصة للإنقاذ». وتكمن أهمية الخبر في أنه كشف اتساع أفق المعنيين بالأمر داخل المؤسسة العريقة، بإشراكهم أطرافًا غير أزهرية، تُكمِل رؤَاهم التطويرية للعملية التعليمية، بما يعكس رغبة أكيدة في صياغة رؤية متكاملة وعصرية للتعليم الذي هو عمود الخيمة الأزهرية، ومسألة «تجديده» و«تطويره» و«إصلاحه» باتت محَطَّ أنظار العالم أجمع، ووجود شركاء لهم ثقل محلي أو عربي أو دولي خطوة أراها شديدة الذكاء، وفي توقيت موفَّقٍ جِدًّا.
وكان د. حسام بدراوي قد أشار قبل ثلاثة أشهر على موقعه الشخصي إلى قيامه بزيارة مرصد الأزهر بدعوة كريمة من الشيخ الطيب، قبل أن تكشف الصحف عن لقاءات أخرى تالية جَمَعَتْه بالإمام الأكبر، وفي وجود المستشار محمد عبد السلام، حيث ناقشوا وسائل تطوير التعليم في معاهد الأزهر ومؤسساته، وكذلك مشاريع الأزهر التعليمية الجديدة.
وقد أبدى بدراوي خلال زياراته إعجابَه الشديد بمدى التقدُّم الذي شاهَدَه في تطوير وسائل التواصل مع الناس، واستخدام التكنولوجيا بعلم ومنهجية، وأكد قائلاً: «الأزهر الشريف يتطور ويستخدم لغة العصر ووسائله، وهو ما يُطمئِنُنا على أهم جامعة ومركز ومرجعية للإسلام في العالم». وأضاف: «أُشارِككُمْ الفخر بالأزهر، وإعجابي بانفتاح العقل والرغبة الحقيقية والشَّغَف بتطوير التعليم الذي لمسْتُه من الإمام الأكبر ومعاونيه».
وبحسب بدراوي، فإنه اتفق مع فضيلة الإمام علي أربع مبادرات يدرسها مع خبراء الأزهر لتطوير التعليم، في سابقة ستغير شكل تقديم المعرفة وتأكيد أهمية مهارات القرن الحادي والعشرين، لطلاب الأزهر الشريف واستخدام التكنولوجيا في تقويم الطلاب.
وقد حاولتُ التواصل مع الدكتور بدراوي للتأكُّد من صحة توليه مسئوليةَ تطويرِ التعليم الأزهري، بحسب خبرٍ انفردت به صحيفة «الفجر» في نهاية شهر مايو الماضي، ولكن يبدو أن زخم الأحداث في الشهر الكريم منعه أن ينفيَ أو يؤكدَ لي الخبر، الذي أتمنى أن يكون صحيحًا، فالرجل، وبحكم معرفتي الشخصية الممتدة به لأكثر من عشرين عامًا، من أكثر المتبحرين في برامج تطور التعليم حول العالم، وله إسهامات مجتمعية كبيرة في هذا المجال، بالإضافة إلى كونه أستاذًا جامعيًّا وقامةً سياسيةً وثقافيةً كبيرة، ووجوده بين المشاركين في صياغة وتنفيذ مشروعات تطوير التعليم الأزهري.. مهمّ ومؤثر.
وقبل أن أُنهِيَ مقالي، أودّ أن أسلِّط الضوء على مبادرة مهمّة أطلقها مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، وجذبني عنوانها: «أنتِ مَلِكة»، جاءت ضمن فعاليات مؤتمر «مصر تستطيع بالتاء المربوطة»، تَهدِف إلى التأكيد على أهمية دور المرأة، وتوضيح مكانتها الرفيعة في الإسلام.
وانطلقت المبادرة (الحملة) عبْرَ وسائل التواصل الاجتماعي، لتصحيح المفاهيم الخاطئة، والعادات والتقاليد التي تظلم المرأة، وتُهدِر حقوقها، وإبراز مظاهر تكريم الإسلام للمرأة، كما تعمل الحملة على حَثّ المرأة على الإنجاز، وإبراز أهمية دورها، في تَقَدُّم مجتمعها. وتضمنت الحملة أربعة محاور رئيسية هي: رِفقًا بالقوارير، إنجازاتُها تُلهِمُني، لو كنّا في زمن النُّبوّة، عاداتٌ وتقاليدُ أم دينٌ؟؟!!