بالطبع يكون في ذهن المتفرج وهو ذاهب لمشاهدة فيلم لنجم الكوميديا محمد هنيدي “الضحك” ولا شيء غير ذلك فهو هكذا عودهم منذ بدايته فلذلك يكون المقياس الأول كم الكوميديا بالعمل وبعد ذلك يأتي أي عنصر آخر والمفترض أن الفنان يعلم ما يريده جمهوره ومع ذلك جاءت المواقف الكوميدية الجيدة “قليلة” في أحدث أفلام نجم الكوميديا محمد هنيدي “عنتر ابن ابن ابن ابن شداد” فتجد المشاهد الكوميدية المصنوعة بشكل جيد شحيحة جدا!، أهمها وأفضلها مشهد كان بين هنيدي وعلاء مرسي عندما استضافه في منزله ويكاد يكون هذا المشهد الوحيد الذي قدم الكوميدية المبنية على المفاجأة كما يجب وأضحك جمهور السينما كثيرا في المقابل جاءت أغلب المواقف بالعمل متوقعة وهو أسوأ شيء في الكوميديا أن تتوقع الإفيه والموقف الكوميدي فيكون الضحك “بالعافية” فما بالك بالمبالغة مثل مشهد السيدة “الحامل” في بداية الفيلم عندما اكتشف البطل أن السيدة التي ذهب لتحصيل النقود منها جاءتها آلام الولادة فجأة! فاصطحبها إلى المستشفى وتم تنفيذ المشهد إخراجيا أيضا بشكل سيئ جدا وهكذا تجد أن مواقف الفيلم الكوميدية لم تكتب أو يتم إخراجها بشكل جيد في عمل لنجم كوميدي، أيضا فريق التمثيل بالعمل لم يضف له مثلا اختيار باسم السمرة كشقيق للبطل “بأدائه الانفعالي” المبالغ فيه لم يقدم الكوميديا المفترض أن نشاهدها مع اجتهاد البطل الواضح في مشاهدهما معا ومعه البطلة درة فكانت مجرد “موديل” جميل بالعمل! وهالة فاخر كأنها ضيف شرف رغم أنها كوميديانه كبيرة وهي عناصر كان يجب أن يتم الاستفادة منه وخلق مواقف كوميدية فيما بينها وبين البطل فأنت تقدم عملا يجب أن نشاهد خلاله أكبر كم من المواقف الكوميدية “الجديدة” والغير متوقعة خاصة لواحد من أهم فناني الكوميديا في السينما المصرية الحديثة.
لكنك تشعر أن “هنيدي” كان يجتهد بمفرده طوال الوقت بدون سيناريو وإخراج قادران على صناعة المواقف الكوميدية ضمن أحداث الفيلم أو حتى عناصر الكوميديا الأخرى من التلاعب بالألفاظ أو تقديم المبالغة المقبولة المبنية على الانفعالات أو المفاجأة بشكل ناجح وبالطبع عدم تواجد ممثلين يملكون موهبة ومهارات الأداء الكوميدي لم يكن في صالح الفيلم باستثناء لطفي لبيب وعلاء مرسي، للأسف تخرج من الفيلم وأنت تقول ليس لدينا مخرجي كوميديا على مستوى جيد باستثناء اسم أو اسمين!
كذلك المشكلة الكبرى التي يعاني منها جميع نجوم الكوميديا في السينما المصرية والمتابع لآخر خمس سنوات سيكتشف أن المعاناة كبيرة جدا في العثور على “ورق” كوميدي جيد! وأعتقد أن النجوم هم سبب من أسباب المشكلة لعدم امتلاك الجرأة في الاستعانة بأسماء جديدة، وهو سبب هام فالعمل بالسينما المصرية تشعر إنه يتم بمبدأ “اللي نعرفه أحسن من اللي منعرفوش”!
فكرة الفيلم بها “فانتازيا” كوميدية تقوم على مفارقة خلط العصر الحالي بالقديم فنشاهد القاهرة ثم ننتقل إلى قرية بالصحراء لنشاهد العصر البدائي! وهي من أضعف قصص أفلام محمد هنيدي حيث كان من الأفضل أن تأخذ القصة شكلا دراميا واحدا في البيئة البدوية ولكن الخلط الذي حدث بين الحديث والقديم لم يكن في صالح العمل، فالجمهور لم يكن مقتنعا بهذا التحول ولا برحلة البطل في الصحراء للوصول إلى قرية أجداده!، حاول الفيلم الإشارة بشكل غير مباشر للوحدة العربية ضد العدو الأجنبي الذي يستغل خلافتنا!، لكن مثل هذا النوع من الكوميديا لا يحتمل تلك الرسائل، وللأسف جاءت إيرادات الفيلم لتكون الأقل في مشوار محمد هنيدي والذي حقق خلاله 15 بطولة سينمائية من بداية الفيلم “الحدث” صعيدي في الجامعة الأمريكية ولك أن تتخيل أن إيرادات آخر أفلامه لم تصل لربع إيرادات أول أفلامه!
محمد هنيدي
بدون شك محمد هنيدي فنان استثنائي لأبناء جيله ويكفيه أنه كان السبب في فتح الباب لجيل جديد بأكمله للصعود إلى الصفوف الأولى وصناعة تحول كبير بالسينما المصرية الحالية، ولايزال يحتفظ بقبول جماهيري كبير جدا في مصر والعالم العربي وتلقائية شديدة في إلقاء الإفيهات وتمثيل المواقف الكوميدية ولكنه يحتاج لفريق عمل قوي مثلما حدث عندما وجد سيناريو جيد “رمضان مبروك أبو العلمين حموده” عاد إلى تحقيق الإيرادات الكبيرة والمنافسة على القمة.
ولكن المشكلة ان اسمه ونجوميته ارتبطا بالأرقام القياسية للإيرادات ولذلك شعور من يكون في المقدمة لفترة يكون صعبا عندما يتراجع بعد ذلك عكس من يظل في المنطقة “الدافئة” للإيرادات لا صعود ولا هبوط، وبدون شك يحسب له تقديم كوميدية “محترمة” وغير مسفة مثل التي ظهرت في السنوات الأخيرة لذلك فهو نجم كوميدي لجميع أفراد الأسرة وينتظرونه بعيدا عن كوميديا الإيحاءات والإفيهات الجنسية التي ملأت دور العرض!، وأتمنى أن يحالفه الحظ في اختياره القادم فالجمهور يحتاج لأعمال كوميدية تناسب جميع أفراد العائلة ولا يجدونها إلا نادرا ومع هنيدي أيضا أحمد حلمي وياسمين عبدالعزيز أتمنى أن يعملا بشكل أفضل في اختياراتهم القادمة.