نقلا عن “المصري اليوم”
لا يملك أحد أن يخبرك بالحقيقة، ما دام الأمر متعلقا بالقوات المسلحة. الكل يتعامل مع الحكاية باعتبارها سرا حربيا، فيلم روائى ولكنه غير كل الأفلام، يجب أن توافق عليه جهات سيادية، تصل إلى رئيس الجمهورية مباشرة، أتحدث عن «أيام الغضب والثورة». ما ينشر متضارب، البعض يقول بدأ تصويره، وآخرون يؤكدون: لا يزال السيناريو قيد المراجعة، المنتج كامل أبو على هو الواجهة الرسمية، يتواصل مع الجميع، بداية من الكاتب وحيد حامد. الفيلم يتناول ثورة 30 يونيو، ولا يمكن أن نتصور الحديث عن 30 إلا وهو يبدأ من 25، هذا هو الحد الأدنى الذى يحفظ للتاريخ كرامته، أعلم أن البعض يعتبر 25 مجرد هوجة وعند المغالين مؤامرة، ولكن التاريخ لا يعترف بالأمزجة، الشباب تحرك ومصر انتفضت وأزاحت عنها السلطة العائلة التى أرادت أن تحكمها للأبد، وولدت 25 يناير، مثلما انتفضت الأمة فى 30 يونيو عندما أرادت جماعة الإخوان خطف مصر. الجيش فى الحالتين كان حاميا لإرادة الشعب ولثورتيه.
الأمر لا يخضع هنا لتصفية الحسابات الشخصية، ولكنها ضرورة فرضها التاريخ، الدولة رسميا حذفت من الكتب المدرسية المقررة على الطلبة كل الزمن الذى جاء بعد الرئيس السادات، لأنهم يخشون من اعتراض البعض على صدق الوقائع. تعودنا فى معارك التاريخ أن الكل يدعى أنه يملك الحقيقة، والباقى هم الباطل. الدولة رسميا قررت أن تبتعد عن تأريخ الثورتين، إلا أنها ممثلة فى القوات المسلحة تسعى الآن لإنتاج فيلم عن 30 يونيو، سبق للمخرج خالد يوسف من خلال طائرة هليكوبتر أن صور وقائع الثورة لتصبح مع الزمن وثيقة، تتابع فى اللقطات ملايين المصريين وهم يهتفون بسقوط حكم المرشد، ولا أدرى ما هو السبب فى أنهم لم يسندوا إليه إخراج الفيلم، ورشحوا محمد سامى، ولا يمكن تصور أن اللقطات التى رصدها يوسف سيتم تجاهلها فى الفيلم القادم.
تجاربنا مع الدولة تشير إلى أن هناك دائما أسبابا فى الاختيار أو الاستبعاد سواء أكانت شخصية أم سياسية، تردت أسماء أحمد السقا لأداء دور عبدالفتاح السيسى، وأحمد رزق، «مرسى»، ونبيل الحلفاوى، «طنطاوى»، كما أن محمد رمضان له أيضا دور ربما كانت شخصية خيالية كتبها وحيد حامد. هل الفيلم تم تصويره؟ أقصد لقطات منه كما أشارت أكثر من جريدة؟ هل فعلا تم الاستقرار على السيناريو؟ أم أنه قيد المراجعة؟ أسئلة هامة، والإجابات عنها مفتوحة لأنه لا أحد مسموحا له بالحديث حتى من وردت أسماؤهم. دعونا نسأل الأهم: هل هذا التوقيت هو الصحيح، خاصة أن محاكمات مرسى والجماعة الإرهابية لا تزال مستمرة، والحكم هو عنوان الحقيقة، فكيف يتم السرد السينمائى والحقيقة الكاملة ليست فى أيدينا؟!
الكاتب يفتح قوسا منطلقا من ثورة 30، سيجد نفسه مضطرا للعودة الزمنية إلى ما قبل القوس، أقصد ثورة 25 وإسقاط مبارك. الأهم كيف له أن يصل للقوس الثانى، الذروة هى ثورة 30، ستجد د. البرادعى داعما لها وعُين نائبا للرئيس، هل نتجاهله لأنه احتج على طريقة فض اعتصام رابعة؟ هاجر إلى فيينا، تحولت صورته الذهنية من أيقونة إلى عميل. إنه فيلم نُطل فيه على الحقيقة من خلال الزمن الحالى، لكن التاريخ لا يرصد على إيقاع اللحظة الراهنة، والقوس لم يغلق بعد!!